الإعلام الاجتماعي و"ابن الوزير"
نضال منصور
جو 24 : قصة " الهاشتاغ" أو "الوسم" "ابن الوزير" الذي اشتعلت به مواقع التواصل الاجتماعي التويتر والفيسبوك طوال الأيام الماضية ظاهرة تستحق الدراسة والتأمل والتوقف لأبعادها الكثيرة.
أول محطة تستحق التوقف والدراسة أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت قادرة وبامتياز على ملاحقة ومتابعة المسؤولين في كل لحظة وفي كل مكان، وليس هذا فقط بل خلق حالة شعبية، وتحشيد الرأي العالم، وكسب التأييد، وهو للأسف ما يتجنبه كثيراً الاعلام التقليدي، لاعتبارات متعددة، أولها سؤال الاستقلالية.
فالإعلام الاجتماعي وضع الناس وتحديداً الشخصيات العامة تحت المجهر، بعد أن كانت ممارساتهم وسلوكياتهم بعيدة عن الرقابة الشعبية.
والفضل في هذا الواقع يعود للإعلام الاجتماعي، فقد أصبح الناس سواسية يملكون وسائلهم الإعلامية للتعبير عن أنفسهم، دون تدخل أو وصاية، وايضاً دون أي رقابة مسبقة من أي جهة، مهما كان نفوذها، أو قوتها.
ربما يقرأ البعض في ذلك أنه خلق مناخاً لترويج الإشاعات، والإساءة للسمعة، وارتكاب جرائم النشر، والإفلات من الملاحقة القانونية، ولكن حرية التعبير حق أجدر بالرعاية حتى لو تسببت في خلق اختناقات وأزمات مجتمعية.
الجانب الذي لا يقل أهمية، وأعادت انتاجه وبشكل ملموس وسائل التواصل الاجتماعي أن "الشخصيات العامة" مثل الوزراء والنواب والنقابيين، وكل من يشغلون مواقع عامة، أو قبلوا طواعية بالعمل العام، لا يجوز أن يعاملوا مثل "آحاد الناس" بلغة القانون أو الناس العاديين، وعلى هؤلاء أن يتحملوا النقد حتى لو استخدمت لغة قاسية في التعبير عنه، وعلى هؤلاء أيضاً أن يتقبلوا أن يظلوا دائماً على أهبة الاستعداد بأنهم يخضعون للمراقبة والملاحقة والمساءلة، وأن الفصل بين حياتهم العامة، وحياتهم الخاصة أصبح صعباً، والحدود الفاصلة قد تكون ملتبسة.
والجديد أن أبناء الشخصيات العامة يخضعون كذلك للملاحقة والمساءلة والتدقيق في أفعالهم عند مجتمع وسائل التواصل الاجتماعي، فالأخطاء التي يرتكبها الناس العاديون تمر، وقد لا يلتفت لها أحد، ولا يتناولها الناس في تعليقاتهم، ولكن هذه القاعدة لا تطبق على الشخصيات العامة وأبنائهم وأقربائهم.
قد يحتاج الأمر لتفسير وتحليل لسيكولوجية مجتمعنا، وأعتقد أن الحملة التي شنت على ابن الوزير، رغم أنه شاب صغير ديمكن تفسيرها باتجاهات مختلفة أبرزها، ولا يعني التسليم بصحتها، أنهم شعروا أنه يستظل بسلطة أبيه، أو أن كلامه يفهم منه بأنه "فوق القانون"، والأهم أنهم يتساءلون كيف لشاب في مثل سنه أن يركب سيارة "فارهة".
إذن؛ وسائل التواصل الاجتماعي وسّعت من نطاق الملاحقة والمساءلة لتمتد الى أبناء الشخصيات العامة، على الرغم من أن بعض الأخطاء التي ترتكب ليس بالضرورة أن يتحمل "وزرها" الآباء، هذا إذا استبعدنا المفهوم الأخلاقي والتربوي.
ردّ ابن الوزير بعد ذلك على الحملة التي شنت ضده وتضرر منها والده الوزير حكما، يؤكد قوة سلطة الإعلام الاجتماعي، واعتذاره عن سوء فهمه مجتمعياً أمر مقبول وجيد، وربما يكون ما حدث عبرة لغيره من المسؤولين والشخصيات العامة ليراقبوا سلوكيات أبنائهم واقربائهم حتى لا يدفعوا ثمن أخطائهم ويتحملوا مسؤوليتها الأخلاقية والسياسية، لكن الأهم بنظري مضمون الرد والاعتذار، فهل يحمل في طياته ومفرداته أنه فهم الدرس وتعلم منه، أم أنه جاء لامتصاص النقمة والعاصفة التي تلاحقه، والرد كان ضرورة لإطفاء هذا الحريق؟!.
ردود الفعل الأولية على رده لا تشي بذلك، فمجتمع التويتر والفيسبوك يبدو أنه لا يسامح!.
(الغد)
أول محطة تستحق التوقف والدراسة أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت قادرة وبامتياز على ملاحقة ومتابعة المسؤولين في كل لحظة وفي كل مكان، وليس هذا فقط بل خلق حالة شعبية، وتحشيد الرأي العالم، وكسب التأييد، وهو للأسف ما يتجنبه كثيراً الاعلام التقليدي، لاعتبارات متعددة، أولها سؤال الاستقلالية.
فالإعلام الاجتماعي وضع الناس وتحديداً الشخصيات العامة تحت المجهر، بعد أن كانت ممارساتهم وسلوكياتهم بعيدة عن الرقابة الشعبية.
والفضل في هذا الواقع يعود للإعلام الاجتماعي، فقد أصبح الناس سواسية يملكون وسائلهم الإعلامية للتعبير عن أنفسهم، دون تدخل أو وصاية، وايضاً دون أي رقابة مسبقة من أي جهة، مهما كان نفوذها، أو قوتها.
ربما يقرأ البعض في ذلك أنه خلق مناخاً لترويج الإشاعات، والإساءة للسمعة، وارتكاب جرائم النشر، والإفلات من الملاحقة القانونية، ولكن حرية التعبير حق أجدر بالرعاية حتى لو تسببت في خلق اختناقات وأزمات مجتمعية.
الجانب الذي لا يقل أهمية، وأعادت انتاجه وبشكل ملموس وسائل التواصل الاجتماعي أن "الشخصيات العامة" مثل الوزراء والنواب والنقابيين، وكل من يشغلون مواقع عامة، أو قبلوا طواعية بالعمل العام، لا يجوز أن يعاملوا مثل "آحاد الناس" بلغة القانون أو الناس العاديين، وعلى هؤلاء أن يتحملوا النقد حتى لو استخدمت لغة قاسية في التعبير عنه، وعلى هؤلاء أيضاً أن يتقبلوا أن يظلوا دائماً على أهبة الاستعداد بأنهم يخضعون للمراقبة والملاحقة والمساءلة، وأن الفصل بين حياتهم العامة، وحياتهم الخاصة أصبح صعباً، والحدود الفاصلة قد تكون ملتبسة.
والجديد أن أبناء الشخصيات العامة يخضعون كذلك للملاحقة والمساءلة والتدقيق في أفعالهم عند مجتمع وسائل التواصل الاجتماعي، فالأخطاء التي يرتكبها الناس العاديون تمر، وقد لا يلتفت لها أحد، ولا يتناولها الناس في تعليقاتهم، ولكن هذه القاعدة لا تطبق على الشخصيات العامة وأبنائهم وأقربائهم.
قد يحتاج الأمر لتفسير وتحليل لسيكولوجية مجتمعنا، وأعتقد أن الحملة التي شنت على ابن الوزير، رغم أنه شاب صغير ديمكن تفسيرها باتجاهات مختلفة أبرزها، ولا يعني التسليم بصحتها، أنهم شعروا أنه يستظل بسلطة أبيه، أو أن كلامه يفهم منه بأنه "فوق القانون"، والأهم أنهم يتساءلون كيف لشاب في مثل سنه أن يركب سيارة "فارهة".
إذن؛ وسائل التواصل الاجتماعي وسّعت من نطاق الملاحقة والمساءلة لتمتد الى أبناء الشخصيات العامة، على الرغم من أن بعض الأخطاء التي ترتكب ليس بالضرورة أن يتحمل "وزرها" الآباء، هذا إذا استبعدنا المفهوم الأخلاقي والتربوي.
ردّ ابن الوزير بعد ذلك على الحملة التي شنت ضده وتضرر منها والده الوزير حكما، يؤكد قوة سلطة الإعلام الاجتماعي، واعتذاره عن سوء فهمه مجتمعياً أمر مقبول وجيد، وربما يكون ما حدث عبرة لغيره من المسؤولين والشخصيات العامة ليراقبوا سلوكيات أبنائهم واقربائهم حتى لا يدفعوا ثمن أخطائهم ويتحملوا مسؤوليتها الأخلاقية والسياسية، لكن الأهم بنظري مضمون الرد والاعتذار، فهل يحمل في طياته ومفرداته أنه فهم الدرس وتعلم منه، أم أنه جاء لامتصاص النقمة والعاصفة التي تلاحقه، والرد كان ضرورة لإطفاء هذا الحريق؟!.
ردود الفعل الأولية على رده لا تشي بذلك، فمجتمع التويتر والفيسبوك يبدو أنه لا يسامح!.
(الغد)