jo24_banner
jo24_banner

فوز مرسي ووصاية العسكر

ياسر الزعاترة
جو 24 : ما يلفت نظر المراقب في سياق المعالجة التحليلية لنتائج انتخابات الرئاسة المصرية (جولة الإعادة) هو النتيجة الكبيرة التي حصل عليها أحمد شفيق، والذي كان قريبا من الفوز، الأمر الذي يطرح أسئلة كبيرة حول ما جرى.

لا خلاف على أن أخطاء الإخوان وكون مرشحهم هو المرشح الاحتياطي قد ساهمت في هذه النتيجة، لكن الأمر لم يكن ليختلف كثيرا لو كان منافس أحمد شفيق هو حمدين صباحي أو عبد المنعم أبو الفتوح، ومن دفعوا بأحمد شفيق لم يكونوا يخصصونه لمنافسة محمد مرسي، لأن أكثر التحليلات كانت تتحدث عن عبد المنعم أبو الفتوح بوصفه من سيصعد لجولة الإعادة.

لقد كان ما جرى نتاج عملية تزوير واسعة النطاق، لا أعني التزوير المباشر في الصناديق والفرز، بل ما سبق ذلك من أجواء عامة صنعها المجلس العسكري عبر الأذرع المخابراتية والأمنية والإعلامية، والتي ركزت على شيطنة الإخوان وعموم الإسلاميين من جهة عبر حملة شرسة ومدروسة، إلى جانب بث البلطجية وحرمان الناس من الأمن لكي يغدو مطلبا ملحا لهم يسعون لتحقيقه عبر مرشح المجلس العسكري (أحمد شفيق). ولا تسأل عن تردي الوضع الاقتصادي الذي أصاب الكثير من الفئات بالضرر وجرت نسبته إلى الثوار والفوضى التي أحدثتها الثورة.

ما يؤكد هذا البعد الأخير بشكل واضح هي نتائج تصويت المصريين في الخارج، وحيث حصل محمد مرسي على 75 في المئة من الأصوات، وهي نتيجة محسومة وواضحة قياسا بالنتيجة النهائية التي لم تتجاوز 52 في المئة.

وحين بادر المجلس العسكري إلى حل البرلمان عبر ذراعه القضائية (المحكمة الدستورية العليا) قبل أيام من الانتخابات، فقد كان يدفع الأمور لصالح أحمد شفيق أيضا، لاسيما حين شمل القرار رد قانون العزل السياسي الذي أكد حقه في الترشح للجولة الثانية، وقد رأى الجميع كيف تحدث شفيق بعد إعلان قرارات المحكمة بوصفه رئيس مصر، وليس مجرد مرشح للرئاسة.

لقد سعى المجلس من خلال قرارات المحكمة إلى شق صفوف أنصار الثورة، بين من يريد الاستمرار في الانتخابات، وبين من يرى عدم جدوى ذلك ويطالب بانسحاب مرسي وإطلاق الثورة من جديد، وقد أدى ذلك فضلا عن بث الشقاق والنزاع بين قوى الثورة إلى عزوف كثيرين عن صناديق الاقتراع، وهو ما انعكس في النسبة المتراجعة للتصويت، قياسا بانتخابات مجلس الشعب، وانتخابات الرئاسة (الجولة الأولى).

أما “الإعلان الدستوري المكمل” الذي سبق نتائج الانتخابات بساعات فكان حكاية أخرى تؤكد أن المجلس العسكري قد استمرأ لعبة السلطة، وأنه يريد الاستمرار في الوصاية على الشعب والدولة، مستعيدا التجربة التركية التي تمكن حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان من التخلص منها بالتدريج، وإن بقيت بعض تجلياتها إلى الآن.

وحين يضيف الإعلان إلى سائر الصلاحيات التي منحها للمجلس حق تشكيل الهيئة التأسيسية للدستور (حق التشريع بتعبير آخر)، فهو تأكيد على الوصاية الكاملة على الشعب بعيدا عن ممثليه المنتخبين، بل رئيسه المنتخب أيضا.

تلك إذا دكتاتورية عسكرية بائسة تتلفع بثوب دستوري عبر محكمة عين قضاتها النظام المخلوع، ولا يمكن أن تكون وصية على الشعب بحال من الأحوال، ما يعني أن الثورة اليوم هي ثورة ضد مجلس عسكري يبدو أسوأ من نظام مبارك، ولا يمكن اعتبار فوز مرسي تحقيقا لأهداف الثورة التي لن تتحقق من دون عودة الولاية الكاملة للشعب على سائر شؤونه.

من المؤكد أننا شعرنا بالفرح لفشل الجزء الأخير من المخطط الذي لامس ضفاف النجاح، أعني منح الرئاسة لأحمد شفيق عبر صناديق الاقتراع، لكن ذلك لا يمكن أن يدفع المصريين إلى تجاهل ما جرى، أكان حل مجلس الشعب، أم الوصاية عليه عبر الإعلان الدستوري المكمل.

اليوم يقف المصريون أمام استحقاق الوصاية الجديد، ويتوقع منهم، ومعهم رئيسهم أن يبدأوا رحلة نضال جديدة تنهي تلك الوصاية وتعيد الولاية للشعب (مليونية اليوم الثلاثاء بداية الرد)، وهي رحلة لا أحد يجزم بمداها ولا بتداعياتها القريبة في بلد تتدخل فيه كل شياطين الأرض تبعا لأهميته للعرب والإقليم عموما، فضلا عن تأثيره المباشر على الدولة العبرية. ويبقى أن ثقتنا بانتصار إرادة الشعب لن تهتز أبدا. وقد ثبت أن في مصر شعبا عظيما يلهم أحرار العالم ولا تلين قناته في مواجهة الطغيان.
الدستور
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير