jo24_banner
jo24_banner

عن الإخوان و«زمزم»

ياسر الزعاترة
جو 24 : من الطبيعي أن تهتم وسائل الإعلام بكل ما يخص جماعة الإخوان هنا في الأردن، سواءً فعلت ذلك من باب الاهتمام بالجماعة الأكبر سياسيا، أم من زاوية المناكفة والاستهداف المبرمج لأية معارضة سياسية، بصرف النظر عن أيديولوجيتها في حال كانت جادة، وليست مجرد ديكور مكمل.
لم أكتب في شأن مبادرة “زمزم” منذ انطلاقتها لاعتبارات كثيرة، لكن وصول الموقف إلى نقطة مفصلية كما عبر عنها قرار فصل القيادات الثلاثة للمبادرة، يجعل من الضروري التعليق؛ ليس بروحية النفير التي سلكها البعض، بل من زاوية القراءة السياسية والتاريخية للقضية.
ما ينبغي أن يقال ابتداءً هو أن تقييم الجماعات المشتغلة بالعمل العام لا يكون من خلال التركيز على خلافاتها الداخلية، والصراعات الشخصية في صفوفها، بل من خلال المنتج العام الذي تقدمه لمجتمعها وأمتها، لأن الخلافات والصراعات جزء لا يتجزأ من الشخصية الإنسانية مهما سمت تربيتها.
لم يسلم من الخلافات الشخصية حتى أفضل العصور في تاريخنا، الأمر الذي ينسحب على جميع الأمم والشعوب، وفي أهم الأحزاب والجماعات والقوى الثورية وقعت خلافات وصراعات، من دون أن ينفي ذلك أن جزءا منها كان يتجاوز الشخصي إلى الخلاف حول البرامج وأساليب العمل.
الخروج بمبادرة زمزم لا يخرج عن هذا الإطار الذي ذكرنا، ولا شك أن الدكتور رحيل غرايبة الذي أعرفه منذ أكثر من ثلاثة عقود رجلا نبيلا ومثقفا يستحق الاحترام قد تحرك وفي خلفية تفكيره كلا البعدين، مع أن فترة طرح المبادرة كانت من أكثر الفترات انسجاما داخل الجماعة فيما يتصل بالبرنامج السياسي.
لا شك أننا نتمنى أن لا يكون حكم المحكمة بفصل القيادات الثلاثة نهاية المطاف، وأن تشهد المرحلة المقبلة تسوية مرضية، لاسيما أننا نسمع عن أجواء إيجابية داخلية فيما يتصل بترتيبات المرحلة القادمة.
ومع كل الاحترام للمبررات التي طرحها د. غرايبة، فإنه هو قبل غيره يعلم تمام العلم أن الجماعات والتنظيمات لا يمكن أن تقبل بالمنطق الذي استند إليه، أعني أن يخرج أناس من داخل جماعة ليؤسسوا عملا هو أقرب إلى منافسة الجماعة الأم، ثم يحتفظون بمواقعهم داخل الجماعة، والأمثلة التي سمعته يطرحها في مقابلة إذاعية معه صباح أمس لا ينطبق عليها ما فعله هو وأصحابه، لأنها كانت برضا الجماعة وليس رغما عنها.
بصرف النظر عن رأيي الشخصي في إمكانية استيعاب الأمر، وتركه كما ترك خلال الشهور الماضية منذ الإعلان الرسمي للمبادرة، إلا أن من الصعب على أصحاب “زمزم” أن يفرضوا على الجماعة قبول منطقهم، وأجزم بأن الأمر في نهاية المطاف قد خضع لجدال طويل داخل أطرها القيادية قبل أن يتقرر عرض الأمر على المحكمة، وصولا إلى قرار الفصل الذي يبقى قابلا للاستئناف.
لو أردنا الحديث عن الأمنيات، فإنني أتمنى أن يجري تفعيل الوساطات بين طرفي الخلاف، وأن يتخلى د. رحيل عن مبادرته، وأن يعود إلى صفوف جماعته، فهي أولى به، وما طرحه ليس له أفق كبير في وضع كالذي نعيشه هنا، أقله من وجهة نظر شخصية، وما يفكر بتحقيقه من خلال المبادرة مما هو قابل للتحقق فعلا يمكن أن يجري تفعيل آلياته من خلال الجماعة نفسها التي لم تكن يوما من النوع الذي يخلق حاجزا بينها وبين المجتمع. أما في حال إصراره، فله أن يجرّب مساره، وليست هناك مشكلة في أن يدخل الناس من أبواب متفرقة كي يصلوا إلى الهدف المنشود. وما ينفع الناس “سيمكث في الأرض”.
القوى الإسلامية هذه الأيام في مرحلة صمود، لكن الأفق لا يزال أمامها مفتوحا، وعموما، فإن الوضع هنا سيعتمد بالضرورة على تطورات الأوضاع العربية والإقليمية التي ستعاود السير في طريق الإصلاح السياسي الحقيقي، لأن من يرفضونه إنما يجدفون عكس تيار التاريخ.

الدستور
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير