أطفال الزعتري.. قلة تتعلم وأغلبية تتجه للمجهول
جو 24 : تمثل حالة الطفلتين السوريتين دعاء وآمال اللاجئتين بمخيم الزعتري واحدة من القصص القليلة للأطفال المنتظمين بالدراسة.
وبوجهين باسمين تحدثت الطالبتان بالصف السادس الابتدائي أثناء عودتهما من المدرسة عن حبهما للتعليم، وتطمح دعاء لأن تصبح ممرضة تعتني بالأطفال، أما آمال فتأمل أن تصبح مدرسة رياضيات اقتداء بمعلمة بمدرسة المخيم تعتبرها مثلها الأعلى.
كان كلام الطفلتين أكبر من سنهما، فكلاهما تحدثتا عن مدينة درعا التي تنحدران منها، وعن شوقهما للعودة إلى سوريا، بل تعمق الحديث للمقارنة بين المناهج السورية والأردنية، حيث قالت الطالبتان إن السورية كانت أصعب.
بذات الشارع الذي تحول لأحد أسواق المخيم ويضم محال تجارية حملت أسماء شامية، كانت الغالبية العظمى من الأطفال العائدين من المدارس يحملون حقائب على ظهورهم تحمل شعار منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" ويرتدون "الشبشب البلاستيكي" ومظاهر الفقر بادية على وجوههم.
لا ألعاب
أحد العائدين من المدرسة كان الطالب بالصف الثاني الابتدائي أحمد، القادم من إحدى قرى درعا، وقد تحدث عن مدرسة المخيم، ووصفها بأنها "مش حلوة وما فيها كثير ألعاب".
إحدى المعلمات وتدعى أماني أشارت إلى أن أكثر المشاكل التي تواجه التعليم بمخيم الزعتري عدم توفر البيئة المدرسية، وكثرة المشاكل التي يعانيها الأطفال، وعدم انتظام دوامهم المدرسي.
المعلمة ذكرت أن إحدى مهامها مرافقة من ترغب من الطالبات إلى مواقع سكنهن بالمخيم، وأوضحت أن هناك عائلات تشترط أن ترافق المعلمات الطالبات كشرط لإرسالهن للمدارس، وتقول إن "المشكلات هنا كثيرة، فالناس هنا يخافون من المجهول، ولتشجيع الأطفال وخاصة من الإناث نتطوع لمرافقة من ترغب من الفتيات لأماكن سكنهن".
ومن بين عدد سكان مخيم الزعتري البالغ نحو 108 آلاف، تقدر اليونيسيف عدد أطفال المخيم بنحو خمسين ألفا، منهم نحو عشرين ألفا مسجلين بالمدارس الثلاث داخل المخيم.
غير أن الناطقة باسم المنظمة بالأردن فاطمة العزة تؤكد أن نحو 12 ألفا من أطفال الزعتري ينتظمون بالدراسة بالمدارس الثلاث، وهو ما يجعل بقية أطفال المخيم وهم الأغلبية في مواجهة مع المجهول.
ولا تمتلك المنظمة إحصاءات لأطفال المخيم الذين ينتظمون بالعمل داخل المخيم، حيث تقدرهم فاطمة بـ"المئات"، وتؤكد أن بعضهم يقوم بأعمال شاقة.
أحد هؤلاء الأطفال هو "إبراهيم" الذي قابلناه وهو يقوم بعمل بالغ المشقة وهو تحميل الحصى من أحد مناطق المخيم ونقلها لعائلات تحتاجها لتحسين أرضية خيمها.
إبراهيم (14 عاما) يعمل هو وشقيقه الأكبر منه في هذا العمل الشاق، ويقوم بقيادة عربة تحمل عشرات الكيلوغرامات من الحصى، ويقول إنه يقوم بهذا العمل لأنه وعائلته "لا يملكون حمارا".
إعالة الأسرة
وعن عدم ذهابه للمدرسة يقول الطفل السوري إنه لا أحد من أشقائه يذهب لها، وقال إنه ترك المدرسة قبل أن يكمل الصف السادس بعد أن اشتدت الحرب في محافظته درعا، وبلغته البسيطة قال "ما إلنا حاجة بالتعليم، بنشتغل عشان نصرف على أمي وأخواتي".
لكن الطفل "معاذ" بدا محظوظا أكثر من إبراهيم، فلديه عربة يجرها حمار أطلق عليه الاسم الأول للرئيس السوري "بشار"، حيث يعمل عليها في نقل الناس والبضائع والحصى وكل ما يرغب اللاجئون بنقله داخل المخيم.
الحوار مع معاذ بدا مسليا، فهو يضع بجانب عيني حماره قطعتين من الكرتون، "حتى يركز بشغله وما يشوف البلاوي (المصائب) اللي حوله"، كناية عن الوضع الصعب للاجئين ويضيف أن عدد الحمير بالزعتري قليل وسعرها غال كثيرا، وأن من عنده حمار مثل من عنده سيارة نقل أثاث.
وعن عدم توجهه للمدرسة يقول الفتى (15 عاما) إن العمل يمنعه من ذلك، ورسم البسمة على وجه كل من كان بالمكان عندما قال "هذا الحمار حيرجع معي لسوريا بعد ما تتحرر لأنه أفضل واحد رافقني في المخيم".
فيما هتف شبان لمعاذ عندما مر بحماره من أمامهم "الله.. سوريا... بشار وبس"، وسط ضحكات شقت صمت الشقاء الذي يلف المخيم.
(الجزيرة - محمد النجار)
وبوجهين باسمين تحدثت الطالبتان بالصف السادس الابتدائي أثناء عودتهما من المدرسة عن حبهما للتعليم، وتطمح دعاء لأن تصبح ممرضة تعتني بالأطفال، أما آمال فتأمل أن تصبح مدرسة رياضيات اقتداء بمعلمة بمدرسة المخيم تعتبرها مثلها الأعلى.
كان كلام الطفلتين أكبر من سنهما، فكلاهما تحدثتا عن مدينة درعا التي تنحدران منها، وعن شوقهما للعودة إلى سوريا، بل تعمق الحديث للمقارنة بين المناهج السورية والأردنية، حيث قالت الطالبتان إن السورية كانت أصعب.
بذات الشارع الذي تحول لأحد أسواق المخيم ويضم محال تجارية حملت أسماء شامية، كانت الغالبية العظمى من الأطفال العائدين من المدارس يحملون حقائب على ظهورهم تحمل شعار منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" ويرتدون "الشبشب البلاستيكي" ومظاهر الفقر بادية على وجوههم.
لا ألعاب
أحد العائدين من المدرسة كان الطالب بالصف الثاني الابتدائي أحمد، القادم من إحدى قرى درعا، وقد تحدث عن مدرسة المخيم، ووصفها بأنها "مش حلوة وما فيها كثير ألعاب".
إحدى المعلمات وتدعى أماني أشارت إلى أن أكثر المشاكل التي تواجه التعليم بمخيم الزعتري عدم توفر البيئة المدرسية، وكثرة المشاكل التي يعانيها الأطفال، وعدم انتظام دوامهم المدرسي.
المعلمة ذكرت أن إحدى مهامها مرافقة من ترغب من الطالبات إلى مواقع سكنهن بالمخيم، وأوضحت أن هناك عائلات تشترط أن ترافق المعلمات الطالبات كشرط لإرسالهن للمدارس، وتقول إن "المشكلات هنا كثيرة، فالناس هنا يخافون من المجهول، ولتشجيع الأطفال وخاصة من الإناث نتطوع لمرافقة من ترغب من الفتيات لأماكن سكنهن".
ومن بين عدد سكان مخيم الزعتري البالغ نحو 108 آلاف، تقدر اليونيسيف عدد أطفال المخيم بنحو خمسين ألفا، منهم نحو عشرين ألفا مسجلين بالمدارس الثلاث داخل المخيم.
غير أن الناطقة باسم المنظمة بالأردن فاطمة العزة تؤكد أن نحو 12 ألفا من أطفال الزعتري ينتظمون بالدراسة بالمدارس الثلاث، وهو ما يجعل بقية أطفال المخيم وهم الأغلبية في مواجهة مع المجهول.
ولا تمتلك المنظمة إحصاءات لأطفال المخيم الذين ينتظمون بالعمل داخل المخيم، حيث تقدرهم فاطمة بـ"المئات"، وتؤكد أن بعضهم يقوم بأعمال شاقة.
أحد هؤلاء الأطفال هو "إبراهيم" الذي قابلناه وهو يقوم بعمل بالغ المشقة وهو تحميل الحصى من أحد مناطق المخيم ونقلها لعائلات تحتاجها لتحسين أرضية خيمها.
إبراهيم (14 عاما) يعمل هو وشقيقه الأكبر منه في هذا العمل الشاق، ويقوم بقيادة عربة تحمل عشرات الكيلوغرامات من الحصى، ويقول إنه يقوم بهذا العمل لأنه وعائلته "لا يملكون حمارا".
إعالة الأسرة
وعن عدم ذهابه للمدرسة يقول الطفل السوري إنه لا أحد من أشقائه يذهب لها، وقال إنه ترك المدرسة قبل أن يكمل الصف السادس بعد أن اشتدت الحرب في محافظته درعا، وبلغته البسيطة قال "ما إلنا حاجة بالتعليم، بنشتغل عشان نصرف على أمي وأخواتي".
لكن الطفل "معاذ" بدا محظوظا أكثر من إبراهيم، فلديه عربة يجرها حمار أطلق عليه الاسم الأول للرئيس السوري "بشار"، حيث يعمل عليها في نقل الناس والبضائع والحصى وكل ما يرغب اللاجئون بنقله داخل المخيم.
الحوار مع معاذ بدا مسليا، فهو يضع بجانب عيني حماره قطعتين من الكرتون، "حتى يركز بشغله وما يشوف البلاوي (المصائب) اللي حوله"، كناية عن الوضع الصعب للاجئين ويضيف أن عدد الحمير بالزعتري قليل وسعرها غال كثيرا، وأن من عنده حمار مثل من عنده سيارة نقل أثاث.
وعن عدم توجهه للمدرسة يقول الفتى (15 عاما) إن العمل يمنعه من ذلك، ورسم البسمة على وجه كل من كان بالمكان عندما قال "هذا الحمار حيرجع معي لسوريا بعد ما تتحرر لأنه أفضل واحد رافقني في المخيم".
فيما هتف شبان لمعاذ عندما مر بحماره من أمامهم "الله.. سوريا... بشار وبس"، وسط ضحكات شقت صمت الشقاء الذي يلف المخيم.
(الجزيرة - محمد النجار)