الندامة... في مملكة النشامى!!
محمد العوضي
جو 24 : يندم الإنسان في حالتين... على أشياء فعلها وتمنى لو لم يفعلها، وعلى أشياء لم يفعلها وتمنى لو أنه فعلها.
تلقيت دعوة لزيارة المملكة الأردنية الهاشمية لإلقاء محاضرات جماهيرية عامة، دعوة اشتركت فيها عدة جهات تتقدمهم جمعية المحافظة على القرآن الكريم ونقابة المهندسين وكلية الشريعة في الجامعة الأردنية، وأخيراً وليس آخراً الملحقية الثقافية في السفارة الكويتية.
دعوة لم تكن بالجديدة عليّ، إذ كانت بادرت ذات الجهات وغيرها وعلى مدى العشر سنوات الأخيرة بتوجيه الدعوة وربما الإلحاح في تأكيدها، إلا أنه ولأسباب مهنية وشخصية يطول شرحها، حالت دون تلبيتي لتلك الدعوات وإن لم تمنع أحياناً نادرة (اقتناصي) لبعض الإطلالات الخاطفة وأغلبها لسفارتنا وطلبتنا في العاصمة (عمّان).
وبالفعل... سافرت مطلع الأسبوع الماضي إلى بلد (النشامى)، الوصف الذي يحلو للعارفين والزائرين للأردن إطلاقه على أهله، ولأنه بلد يرفع شعار (على قدر أهل العَزم تأتي العزائم) فقد كان لزاماً عليّ (مُرغماً لا بطل) الارتقاء بعطائي وجهدي بخلاف ما كنت اعتدت عليه، من محاضرة واحدة في اليوم وربما الأسبوع، إلى معدل ثلاث فعاليات جماهيرية عامة صباحاً وعصراً ومساءً.
رفعتُ التساؤل خلالها شاكياً (لنفسي)!!
مالك ولهذه الرحلة (المهلكة)؟!!
المحاضرة الأولى، كانت بعد (سُويعات) من وصولي، أقيمت بعد صلاة المغرب في ساحة حديقة عامة في مدينة (الزرقاء)، تحدثت فيها عن قيم العدالة الإنسانية في الإسلام، والعجيب أن الحضور بدأ بالتوافد إلى الموقع من بعد صلاة العصر ليشكل بحلول المغرب لوحة بشريةً، متراصةً ممتدة أعْصى على بصري كشف آخرها.
محطتي التالية كانت عروس الشمال (إرْبد) بمحاضرة في قاعة مسرحية حملت عنوان (عطِّر لسانك)، تكرر فيها ذات المشهد التفاعلي السابق.
بعد ذلك جاء الدور على العاصمة الجميلة (عمّان) وعلى مسرح قصر الثقافة فيها كانت محاضرة (ثقافتنا... معركة التزوير والتنوير).
ومن على مدرجات الجامعة الأردنية إحدى أشهر وأعرق الجامعات العربية تحدثت عن كوكبة من رجال الفكر والأدب والثقافة العرب ممن مروا بحالة من التشكك أو جحود الخالق أو الولاء للحضارة الغربية والانبهار بها، ثم ما لبثوا أن صوبوا مسارهم، بل وأعلنوا خطأهم على الملأ فأطلقت على محاضرتي (الملاحدة الشجعان).
وفي جامعة (عمّان الأهلية) كان لقائي بأبنائي وبناتي الطلبة الكويتيين وزملائهم، تحدثنا عن فضيلة التسامح بين أبناء المجتمع الواحد.
وهكذا تواصلت اللقاءات العامة ومثلها الجلسات الحوارية مع أكاديميين ومفكرين - وما أكثرهم في الأردن - وصولاً لمسرح المدارس العمرية حيثُ مسك الختام بمحاضرة (قطوف تربوية).
لن أُخفي أني وجدتُ في زحمة هذا البرنامج المكتظ فُسحةً من كرم المضيفين سمحت لي بأكل (المنسف) الـمُدمِّر!!
وتذوق الكُنافة على أصولها، والمشي في وسط عمّان القديمة وشرب العصير من المحلات المقابلة للمسجد الحسيني التاريخي.
ولن أُخفي ما سمعته من ثناءٍ واعجاب على لسان سفيرنا الدكتور حمد الدعيج وملحقنا الثقافي الدكتور محمد الظفيري بأخلاق أهل الأردن وكرمهم وطيبتهم وقد احتضنوا قرابة (6000) طالب كويتي.
ولن أُخفي وأنا على متن طائرة العودة لـ (الديرة) إحساساً بالندامة الشديدة خالجني... كم قصّرتُ في حق الأٌردن وأهله وقد تأخرتُ عليهم ومنهم أعتذر، وكم قصرتُ في حق نفسي حين حرمتها الخير والفائدة والتمتع بفضائل وشمائل هذا الشعب الأصيل الودود الجاد، والمقبل بشغف على العلم والدين.
لله دركم يانشامى الأردن، اعترافي اليوم بالندم والتقصير في وصالكم، اعتراف صادق مني بحبكم... فشكراً لكم.
تلقيت دعوة لزيارة المملكة الأردنية الهاشمية لإلقاء محاضرات جماهيرية عامة، دعوة اشتركت فيها عدة جهات تتقدمهم جمعية المحافظة على القرآن الكريم ونقابة المهندسين وكلية الشريعة في الجامعة الأردنية، وأخيراً وليس آخراً الملحقية الثقافية في السفارة الكويتية.
دعوة لم تكن بالجديدة عليّ، إذ كانت بادرت ذات الجهات وغيرها وعلى مدى العشر سنوات الأخيرة بتوجيه الدعوة وربما الإلحاح في تأكيدها، إلا أنه ولأسباب مهنية وشخصية يطول شرحها، حالت دون تلبيتي لتلك الدعوات وإن لم تمنع أحياناً نادرة (اقتناصي) لبعض الإطلالات الخاطفة وأغلبها لسفارتنا وطلبتنا في العاصمة (عمّان).
وبالفعل... سافرت مطلع الأسبوع الماضي إلى بلد (النشامى)، الوصف الذي يحلو للعارفين والزائرين للأردن إطلاقه على أهله، ولأنه بلد يرفع شعار (على قدر أهل العَزم تأتي العزائم) فقد كان لزاماً عليّ (مُرغماً لا بطل) الارتقاء بعطائي وجهدي بخلاف ما كنت اعتدت عليه، من محاضرة واحدة في اليوم وربما الأسبوع، إلى معدل ثلاث فعاليات جماهيرية عامة صباحاً وعصراً ومساءً.
رفعتُ التساؤل خلالها شاكياً (لنفسي)!!
مالك ولهذه الرحلة (المهلكة)؟!!
المحاضرة الأولى، كانت بعد (سُويعات) من وصولي، أقيمت بعد صلاة المغرب في ساحة حديقة عامة في مدينة (الزرقاء)، تحدثت فيها عن قيم العدالة الإنسانية في الإسلام، والعجيب أن الحضور بدأ بالتوافد إلى الموقع من بعد صلاة العصر ليشكل بحلول المغرب لوحة بشريةً، متراصةً ممتدة أعْصى على بصري كشف آخرها.
محطتي التالية كانت عروس الشمال (إرْبد) بمحاضرة في قاعة مسرحية حملت عنوان (عطِّر لسانك)، تكرر فيها ذات المشهد التفاعلي السابق.
بعد ذلك جاء الدور على العاصمة الجميلة (عمّان) وعلى مسرح قصر الثقافة فيها كانت محاضرة (ثقافتنا... معركة التزوير والتنوير).
ومن على مدرجات الجامعة الأردنية إحدى أشهر وأعرق الجامعات العربية تحدثت عن كوكبة من رجال الفكر والأدب والثقافة العرب ممن مروا بحالة من التشكك أو جحود الخالق أو الولاء للحضارة الغربية والانبهار بها، ثم ما لبثوا أن صوبوا مسارهم، بل وأعلنوا خطأهم على الملأ فأطلقت على محاضرتي (الملاحدة الشجعان).
وفي جامعة (عمّان الأهلية) كان لقائي بأبنائي وبناتي الطلبة الكويتيين وزملائهم، تحدثنا عن فضيلة التسامح بين أبناء المجتمع الواحد.
وهكذا تواصلت اللقاءات العامة ومثلها الجلسات الحوارية مع أكاديميين ومفكرين - وما أكثرهم في الأردن - وصولاً لمسرح المدارس العمرية حيثُ مسك الختام بمحاضرة (قطوف تربوية).
لن أُخفي أني وجدتُ في زحمة هذا البرنامج المكتظ فُسحةً من كرم المضيفين سمحت لي بأكل (المنسف) الـمُدمِّر!!
وتذوق الكُنافة على أصولها، والمشي في وسط عمّان القديمة وشرب العصير من المحلات المقابلة للمسجد الحسيني التاريخي.
ولن أُخفي ما سمعته من ثناءٍ واعجاب على لسان سفيرنا الدكتور حمد الدعيج وملحقنا الثقافي الدكتور محمد الظفيري بأخلاق أهل الأردن وكرمهم وطيبتهم وقد احتضنوا قرابة (6000) طالب كويتي.
ولن أُخفي وأنا على متن طائرة العودة لـ (الديرة) إحساساً بالندامة الشديدة خالجني... كم قصّرتُ في حق الأٌردن وأهله وقد تأخرتُ عليهم ومنهم أعتذر، وكم قصرتُ في حق نفسي حين حرمتها الخير والفائدة والتمتع بفضائل وشمائل هذا الشعب الأصيل الودود الجاد، والمقبل بشغف على العلم والدين.
لله دركم يانشامى الأردن، اعترافي اليوم بالندم والتقصير في وصالكم، اعتراف صادق مني بحبكم... فشكراً لكم.