jo24_banner
jo24_banner

موقف الغرب من الإسلاميين بين الواقع والأكاذيب

ياسر الزعاترة
جو 24 : كجزء من أكبر حملة شيطنه تعرض لها الإخوان، والظاهرة الإسلامية بشكل عام خلال الأعوام الثلاثة الماضية، قيل الكثير عن علاقة الإسلاميين بأمريكا والغرب، وتدفق سيل من الهراء كاد لكثرته أن يعبث بعقول بعض البسطاء الذين صدَّق بعضهم أن أمريكا تقف وراء الإخوان وتدعمهم، حتى وصل الابتذال ببعضهم حد وصف أوباما بالإخواني والبحث عن جذور عائلته.

وفي سياق الحملة البائسة؛ التقت للمفارقة أطراف كانت متناقضة على الدوام، فقد شارك فيها يساريون وقوميون من أنصار بشار، وآخرون من أنصار ما حدث في مصر في مصر، ورأينا إسلاميين مرتدين (ردة سياسية بمعنى الارتماء في أحضان أنظمة معينة، ولا نعني هنا الردة الدينية)، فيما شارك في الحملة أيضا، وهنا المفارقة أناس بلا عدد من زوار السفارات الغربية، وممن كانوا ولا يزالون يدافعون عن العلاقة مع الغرب والتطبيع مع الكيان الصهيوني، فيما يعيشون في أحضان أنظمة محسوبة على المعسكر الغربي، وما يسمى محور الاعتدال العربي، الذي يعني الانبطاح أمام الغرب والكيان الصهيوني.

اجتمع كل هؤلاء، ومن ورائهم أنظمة لا يعرف العالم لها مثيلا في الولاء لأمريكا، ، اجتمعوا على أن هناك علاقة حميمة، بين الإخوان ومعهم فريق كبير من الإسلاميين، وبين أمريكا والغرب.

لا دليل يملكه هؤلاء سوى بضعة تصريحات يصطادونها من هنا وهناك، ومن بينها آراء لباحثين غربيين وسياسيين ومتقاعدين (يقابلها سيل لا يحصى يذهب في الاتجاه الآخر، لكنهم يتجاهلونه)، وهم يذكِّروننا بالمثل الذي يسخر ممن يترك الذئب ويقص على الأثر، أي يترك عنوان الجريمة ماثلا أمامه، ويذهب في اتجاه البحث عن آثارها في أماكن أخرى.

أي دليل يملك الحد الأدنى من الإقناع قدمته تلك الجحافل من الكذابين والحاقدين، كدليل على وجود تعاطف من أمريكا والغرب مع الإسلاميين عموما، والإخوان على وجه الخصوص؟! ولندع هنا منطق المصالح الذي يحكم سياسات الغرب، وحيث يدرك الجميع أن نظاما إسلاميا، فضلا عن أن يكون قادما عبر الصناديق لا يمكن أن يكون مطواعا كما الأنظمة التي تعودت عليها واشنطن خلال العقود الأخيرة.

اللافت في القصة التي نحن بصددها هو أن الأبواق إياها تتجاهل حقيقة بالغة الأهمية في السياق، أعني تلك التي تتمثل في أن الكيان الصهيوني بقيادة نتنياهو كان الأكثر حماسة لما في مصر، وهو الذي عمل ليل نهار من أجل تسويقه في الدوائر الغربية، أما القول إن أمريكا قد خفّضت المساعدة العسكرية الأمريكية لمصر بعد الاحداث الاخيرة، فلا يغير شيئا، ليس لأن الجزء الأكبر من المساعدة بقي على حاله، بل أيضا لأن الجزء الذي ألغي قد أخذ يعود من جديد بالتدريج، فيما يعلم الجميع أن حماسة أمريكا الرسمية لما حدث في مصر لم تكن في حاجة لأدلة، ولا يغير فيها بعض الخجل السياسي ممثلا في الخوف من تبعات “أخلاقية” للتعاطي بإيجابية مكشوفة مع تنحية رئيس منتخب، في مخالفة لقانون أمريكي معروف (تصريحات كيري المساندة للانقلاب كانت فاضحة).

إن الموقف الأمريكي والغربي من التيار الإسلامي، بل من الظاهرة الإسلامية عموما لم يكن إيجابيا في العموم، وازداد الأمر وضوحا منذ مطلع التسعينات، ثم صار محسوما منذ الحادي عشر من سبتمبر، وساد الاعتقاد في الأوساط الغربية بأنها (أي الظاهرة الإسلامية) بكل تصنيفاتها تشكل خطرا على المصالح الغربية، ولا بد تبعا لذلك من تجفيف ينابيعها تدريجيا، وهي لذلك دعمت كل المساعي التي تقوم به الأنظمة “المعتدلة” لمطاردة تلك الظاهرة.

ثمة مسار عام للأحداث ينبغي قراءتها من خلاله، لكن الموتورين الذين لا يريدون الاعتراف بالحقيقة يذهبون نحو بعض الأخبار والتفاصيل الصغيرة لكي يثبتوا عكس الحقيقة، وفي هذا السياق رأينا أنظمة ترتمي في حضن الغرب، ونخب من ذات اللون تشكك في علاقة الإسلاميين بالغرب، لكأنها ثورية لم تضع السلاح في معرض مواجهتها مع “الإمبريالية الأمريكية”.

يبقى القول إن الهجمة كانت ولا زالت تركز على الإسلام السياسي السنّي أكثر من الإسلام السياسي الشيعي، وربما تبعا لحسابات إسرائيلية، فضلا عن سياسة فرّق تسد المعروفة، والسبب أن “السنّي” هو الذي طرد الأمريكان من العراق وأفغانستان، وهو الذي يهدد الأنظمة الموالية، بينما يتحالف الجزء الأكبر من الإسلام السياسي الشيعي مع الأمريكان في العراق، ويتفاوض الآن مع أمريكا (إيران)، بينما انتهى حزب الله كحركة مقاومة منذ نهاية حرب تموز 2006.


(الدستور)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير