نصـر اللـه و الإرهابيون التكفيريون من جديد
ياسر الزعاترة
جو 24 : لا حاجة لأن نكرر موقفنا من التكفير، فلنا في ذلك عشرات المقالات، ولا من قتل المدنيين غير المحاربين في أي مكان كان، ومن أية ملة كانوا، فقد كررناه مرارا وتكرارا منذ سنوات طويلة، لكن مقاربة الأمين العام لحزب الله لقضية الجماعات الجهادية التي تتكرر بطرق شتى بين حين وآخر لا تبدو مقنعة، وهي أقرب ما تكون إلى الدعاية التي تسعى لتبرير موقف لا يمكن تبريره ممثلا في الوقوف إلى جانب طاغية يقتل شعبه لمجرد أنه خرج مثل بقية الشعوب مطالبا بحريته، وليس لأنه ضد المقاومة أو ضد الممانعة، أو لأنه تلقى أمرا من الصهاينة بالخروج.
حين يُضطر السياسي للدفاع عن موقف لا يمكن تبريره، فلا يمكن أن يأتي بكلام متماسك مهما كانت بلاغته، ويبدو أن نصر الله ينسى أنه لا يتحدث فقط للمريدين الذين يقفون أمامه، وإنما للعالم أجمع.
في خطابه مساء الأحد، عاد نصر الله إلى تكرار مقولات قديمة مع إضافات جديدة فيما خصَّ المجموعات الإسلامية المسلحة في سوريا، ودعك هنا من الحقيقة التي لا بد أن نذكّره ومريديه بها، وهي أن وقوفه إلى جانب “بشار” كان سابقا على إطلاق رصاصة واحدة في الثورة السورية، ما يعني أن مثل هذا التبرير يغدو بلا معنى، لأن أصل الموقف تابع للولي الفقيه الذي يرى في وجود نظام بشار ركنا من أركان تمدده في المنطقة، وما حكاية المقاومة والممانعة سوى ذريعة، لأن المقاومة انتهت بترتيبات حرب تموز، ولأن “بشار” باع الكيماوي لأجل بقائه، ولأن إيران نفسها تفاوض الغرب وتبحث عن صفقة معه، وهي صفقة يدرك نصر الله تماما أنها (إذا تمَّت) ستتضمن موقفا جديدا من الكيان الصهيوني (قبل ذلك وبعده شعب سوريا ليس ضد المقاومة).
يقول نصر الله: “إن الذين صنعوا إسرائيل جاءوا بالصهاينة من كل أنحاء العالم إلى فلسطين، واليوم هذه الخطيئة تتكرر، فهم يأتون بكل الإرهابيين من كل أنحاء العالم، ويقدمون لهم التسهيلات والتمويل والتسليح والغطاء ويأتون بهم إلى سوريا من أجل تدميرها وتدمير محور المقاومة الذي بات يهدد أصل المشروع الإسرائيلي وبقاءه في المنطقة”.
بالله عليكم هل يمرُّ هذا الكلام على عاقل أبدا؟ هل يبدو هؤلاء الذين جاءوا طلبا للشهادة مجرد مرتزقة يأتي بهم من يشاء؟ ونسأله، من الذي جاء بهم إلى العراق لكي يُجهضوا المشروع الأمريكي هناك؟ ألم يكن بشار الأسد يتعاون معهم، بينما كان نوري المالكي يهدده بتحويله إلى محكمة الجنايات الدولية بسبب ذلك؟!
هؤلاء هم أنفسهم الذين كان لهم الدور الأكبر في إجهاض مشروع الغزو الأمريكي، فكيف تحولوا اليوم إلى عملاء له؛ يأتي بهم لكي يكسروا “ظهر المقاومة”. أليس لهم فضل بإفشال الغزو الذي أدى للأسف إلى سقوط العراق ثمرة ناضجة في حضن إيران، وفيما يتحوَّل المالكي اليوم إلى مقاوم وممانع في عرف نصر الله؟!
ويصل منطق التدليس بالأمين العام لحزب الله حد القول إن “هناك أهدافا للجيش السوري يقصفها الإسرائيليون لمصلحة الجماعات المسلحة”. بالله عليكم، هل سمعتك بشيء كهذا؟ فيما يعرف الجميع أن الفيتو الأمريكي (وهو الإسرائيلي) على تزويد الثوار بالسلاح النوعي هو الذي يحول عمليا دون قدرتهم على مواجهة النظام وحلفائه بالكفاءة اللازمة. ونقول حلفاؤه قبل النظام، لأن التزوير أيضا يأتي هنا من قبل “نصر الله” حيث يقول “غير صحيح ما يقال عن أن من يقاتل في سوريا هم الجهة الفلانية وليس القيادة السورية، هناك أصدقاء يقدِّمون نوعا من المساعدة”، بينما يعلم الجميع أن جيش بشار منهك تماما، وأن الحرس الثوري هو من يدير المعركة، وأن النظام لم ينتصر منذ أكثر من عام في أية موقعة من دون دور مباشر وفاعل من مقاتلي الحزب والكتائب الشيعية القادمة من الخارج (هؤلاء مجاهدون طبعا!!).
يضيف نصر الله: الآن “تبين بوضوح أن الذين جيء بهم لتهديد سوريا أصبحوا يهددون الجميع، فالعالم الذي أرسلهم إلى سوريا فعل ذلك ليدمر سوريا ومحور المقاومة وليتخلص منهم، لكن يبدو أن هذا العالم وجد أن سوريا ومحور المقاومة لم يسقطا، وأن من أرسلهم ليُقتلوا وجد أنهم يعودون إلى موقعهم الأصلي، إلى أوروبا وغيرها”. يا للمنطق الغريب: هل الغرب هو الذي أرسلهم؟ وكم نسبة الذين جاءوا من هناك من بين المجموع العام؟
منطق تآمري عجيب، يتجاهل أن جميع هؤلاء جاءوا من تلقاء أنفسهم، وتجشَّموا الصعاب، تماما كما جاءوا من قبل للعراق. بوسع نصرالله أن يختلف معهم، لكن شيطنتهم على هذا النحو أمر معيب، فضلا عن التحريض عليهم، وتحريض من؟ الغرب المتآمر على المقاومة والممانعة!!
أما التبشير بالانتصار، فهو معزوفة، سيستمر نصر الله في ترديدها سنوات طويلة قبل أن يهنأ بالانتصار المزعوم، تماما كما يردد المالكي صيحات الانتصار على الإرهاب منذ سنوات.
المعركة في سوريا وفي العراق وفي المنطقة عموما، ليست حرب إرهابيين وتكفيريين ضد مقاومين وممانعين، بل هي حرب شعوب تريد التحرر، وهي أيضا صراع مع مشروع إيراني يريد أن يأخذ أكبر بكثير من حجمه، وهو لن يفلح مهما طالت الحرب، ولا بد أن يعود إلى رشده وحجمه في يوم ما.
فاصل: في مقالة نشرها جوناثان ستيفنز، في (نيويورك تايمز)، و الذي سبق أن عمل حتى العام الماضي كمسؤول عن شؤون الشرق الأوسط في “مجلس الأمن القومي” الأمريكي، أي أنه أقرب إلى تفكير الإدارة الأمريكية الحالية، قال الرجل: “أعجبكم أم لا، في الوقت الحالي نظام الأسد وخصوم الولايات المتحدة الشيعة؛ إيران وحزب الله يشكلون أفضل مضاد للمجموعات الجهادية العابرة للدول، والتي تستجمع قواها في سورية وفي جوارها، والتي تكسب المزيد من القوة”.
الدستور
حين يُضطر السياسي للدفاع عن موقف لا يمكن تبريره، فلا يمكن أن يأتي بكلام متماسك مهما كانت بلاغته، ويبدو أن نصر الله ينسى أنه لا يتحدث فقط للمريدين الذين يقفون أمامه، وإنما للعالم أجمع.
في خطابه مساء الأحد، عاد نصر الله إلى تكرار مقولات قديمة مع إضافات جديدة فيما خصَّ المجموعات الإسلامية المسلحة في سوريا، ودعك هنا من الحقيقة التي لا بد أن نذكّره ومريديه بها، وهي أن وقوفه إلى جانب “بشار” كان سابقا على إطلاق رصاصة واحدة في الثورة السورية، ما يعني أن مثل هذا التبرير يغدو بلا معنى، لأن أصل الموقف تابع للولي الفقيه الذي يرى في وجود نظام بشار ركنا من أركان تمدده في المنطقة، وما حكاية المقاومة والممانعة سوى ذريعة، لأن المقاومة انتهت بترتيبات حرب تموز، ولأن “بشار” باع الكيماوي لأجل بقائه، ولأن إيران نفسها تفاوض الغرب وتبحث عن صفقة معه، وهي صفقة يدرك نصر الله تماما أنها (إذا تمَّت) ستتضمن موقفا جديدا من الكيان الصهيوني (قبل ذلك وبعده شعب سوريا ليس ضد المقاومة).
يقول نصر الله: “إن الذين صنعوا إسرائيل جاءوا بالصهاينة من كل أنحاء العالم إلى فلسطين، واليوم هذه الخطيئة تتكرر، فهم يأتون بكل الإرهابيين من كل أنحاء العالم، ويقدمون لهم التسهيلات والتمويل والتسليح والغطاء ويأتون بهم إلى سوريا من أجل تدميرها وتدمير محور المقاومة الذي بات يهدد أصل المشروع الإسرائيلي وبقاءه في المنطقة”.
بالله عليكم هل يمرُّ هذا الكلام على عاقل أبدا؟ هل يبدو هؤلاء الذين جاءوا طلبا للشهادة مجرد مرتزقة يأتي بهم من يشاء؟ ونسأله، من الذي جاء بهم إلى العراق لكي يُجهضوا المشروع الأمريكي هناك؟ ألم يكن بشار الأسد يتعاون معهم، بينما كان نوري المالكي يهدده بتحويله إلى محكمة الجنايات الدولية بسبب ذلك؟!
هؤلاء هم أنفسهم الذين كان لهم الدور الأكبر في إجهاض مشروع الغزو الأمريكي، فكيف تحولوا اليوم إلى عملاء له؛ يأتي بهم لكي يكسروا “ظهر المقاومة”. أليس لهم فضل بإفشال الغزو الذي أدى للأسف إلى سقوط العراق ثمرة ناضجة في حضن إيران، وفيما يتحوَّل المالكي اليوم إلى مقاوم وممانع في عرف نصر الله؟!
ويصل منطق التدليس بالأمين العام لحزب الله حد القول إن “هناك أهدافا للجيش السوري يقصفها الإسرائيليون لمصلحة الجماعات المسلحة”. بالله عليكم، هل سمعتك بشيء كهذا؟ فيما يعرف الجميع أن الفيتو الأمريكي (وهو الإسرائيلي) على تزويد الثوار بالسلاح النوعي هو الذي يحول عمليا دون قدرتهم على مواجهة النظام وحلفائه بالكفاءة اللازمة. ونقول حلفاؤه قبل النظام، لأن التزوير أيضا يأتي هنا من قبل “نصر الله” حيث يقول “غير صحيح ما يقال عن أن من يقاتل في سوريا هم الجهة الفلانية وليس القيادة السورية، هناك أصدقاء يقدِّمون نوعا من المساعدة”، بينما يعلم الجميع أن جيش بشار منهك تماما، وأن الحرس الثوري هو من يدير المعركة، وأن النظام لم ينتصر منذ أكثر من عام في أية موقعة من دون دور مباشر وفاعل من مقاتلي الحزب والكتائب الشيعية القادمة من الخارج (هؤلاء مجاهدون طبعا!!).
يضيف نصر الله: الآن “تبين بوضوح أن الذين جيء بهم لتهديد سوريا أصبحوا يهددون الجميع، فالعالم الذي أرسلهم إلى سوريا فعل ذلك ليدمر سوريا ومحور المقاومة وليتخلص منهم، لكن يبدو أن هذا العالم وجد أن سوريا ومحور المقاومة لم يسقطا، وأن من أرسلهم ليُقتلوا وجد أنهم يعودون إلى موقعهم الأصلي، إلى أوروبا وغيرها”. يا للمنطق الغريب: هل الغرب هو الذي أرسلهم؟ وكم نسبة الذين جاءوا من هناك من بين المجموع العام؟
منطق تآمري عجيب، يتجاهل أن جميع هؤلاء جاءوا من تلقاء أنفسهم، وتجشَّموا الصعاب، تماما كما جاءوا من قبل للعراق. بوسع نصرالله أن يختلف معهم، لكن شيطنتهم على هذا النحو أمر معيب، فضلا عن التحريض عليهم، وتحريض من؟ الغرب المتآمر على المقاومة والممانعة!!
أما التبشير بالانتصار، فهو معزوفة، سيستمر نصر الله في ترديدها سنوات طويلة قبل أن يهنأ بالانتصار المزعوم، تماما كما يردد المالكي صيحات الانتصار على الإرهاب منذ سنوات.
المعركة في سوريا وفي العراق وفي المنطقة عموما، ليست حرب إرهابيين وتكفيريين ضد مقاومين وممانعين، بل هي حرب شعوب تريد التحرر، وهي أيضا صراع مع مشروع إيراني يريد أن يأخذ أكبر بكثير من حجمه، وهو لن يفلح مهما طالت الحرب، ولا بد أن يعود إلى رشده وحجمه في يوم ما.
فاصل: في مقالة نشرها جوناثان ستيفنز، في (نيويورك تايمز)، و الذي سبق أن عمل حتى العام الماضي كمسؤول عن شؤون الشرق الأوسط في “مجلس الأمن القومي” الأمريكي، أي أنه أقرب إلى تفكير الإدارة الأمريكية الحالية، قال الرجل: “أعجبكم أم لا، في الوقت الحالي نظام الأسد وخصوم الولايات المتحدة الشيعة؛ إيران وحزب الله يشكلون أفضل مضاد للمجموعات الجهادية العابرة للدول، والتي تستجمع قواها في سورية وفي جوارها، والتي تكسب المزيد من القوة”.
الدستور