jo24_banner
jo24_banner

«الواحة» تلتئم في تونس حول الدين والمجتمع في حالة انتقال

الاب رفعت بدر
جو 24 : الواحة، اسم المركز الدولي الذي اسسه الكاردينال أنجلو سكولا ( اليوم رئيس اساقفة ميلانو) عندما كان بطريركا لمدينة فينيسيا البحرية، وذلك بهدف تعميق الحوار والعلاقات الايجابية بين الشرق والغرب، وتحديدا بين المسلمين والمسيحيين. وتعقد اللجنة العلمية للواحة مؤتمرا دوليا سنويا، مرّة في فينيسيا وأخر في دولة عربية أو شرق أوسطية، وقد كان نصيبنا في الاردن عام 2008، حينما عقدت الواحة مؤتمرها في بيت الزيارة في الفحيص، واستمر يومين، وحمل عنوان « الحرية الدينية، ثروة في كل مجتمع».
أتحدث عن الواحة اليوم بعد اختتام مؤتمرها التاسع الذي التأم هذا العام وسط العاصمة التونسية تونس، وحملت على مدار يومين عنوان : «الدين والمجتمع في مرحلة انتقال، تونس تُسائل الغرب» . وقد تغيّب رئيس المركز الكاردينال سكولا للمرة الاولى عن هذا المؤتمر الا أنه بعث برسالة عبر الفيديو، وكتب مقالاً حول موضوع المؤتمر نشرته عدد من الصحف الاجنبية والعربية (ومنها جريدة الرأي الاردنية). وبيَّن سكولا ان الواحة تهدف الى السير في ثلاثة دوائر : اوضاع المسيحيين، وبخاصة حيث يكون عددهم قليلاً في الدول العربية والاسلامية، وثانياً المعرفة حول المسلمين أنفسهم، وثالثاً البعد الانساني العالمي، من خلال طرح السؤال : اي انسان يريد أن يكون انسان القرن الحادي والعشرين.
وقد شارك في مؤتمر هذا العام عدد كبير من الاساقفة والكهنة والعلماء من عشرين دولة عريبة وأجنبية، وكذلك علماء وأساتذة جامعات ومفكرون سياسيون من التيارات الاسلامية والعلمانية والمستقلة، من الدولة المضيفة تونس، وتحدثوا حول أوضاع بلدهم الجديد، بعد الثورة التي حصلت. وكذلك تحدث المشاركون الضيوف عن انطباعاتهم الاولية عن تونس، فوجدوا على الفور تطوّراً واضحاً في مجال التعددية وحرية التعبير المرتفعة، مما جعل المعارضة تتحدّث عن نفسها بشكل مسموع، ولم يسبق له مثيل. وقد عبّرت العديد من الاصوات عن تفاؤلها بأنّ تونس سوف تنجح، بالرغم من الصعوبات الثقيلة، ومن وجود جماعات تتبنّى العنف، بأن تبني مستقبلاً ديمقراطياً حقيقياً، وان تقدّم بذلك درسا لبقية أنحاء العالم، المسلم منه وغير المسلم.
الا أنّ الحدث الابرز في مؤتمر هذا العام، قد كان بزيارة الرئيس التونسي الدكتور المنصف المرزوقي لقاعة المؤتمر، والقائه كلمة معدة باتقان وبلغة فرنسية بليغة، أكد فيها ان الحوار بين الأديان هو الطريق الوحيد والسبيل الأيسر لتجاوز الخلافات والصراعات وإرساء علاقة سليمة بين الإسلام والمسيحية وبين الأديان بصفة عامة، واضاف كلاماً فاجأ الحضور وجعلهم يدركون أنهم في دولة عربية جديدة، بكل معنى الكلمة : «اننا في تونس نهدف الى إنشاء مجتمع الحريات، وبخاصة حرية الضمير والحرية الدينية، فالمواطن التونسي هو مواطن، بغض النظر عن دينه، ولا يجوز أن يتألم بسبب ايمانه ومعتقداته «. وختم الرئيس التونسي مصرّحاً: «الحرية هي هدفي وهدف الثورة وهدف كل التونسيين، ما زالت الطريق امامنا طويلة، الا اننا سنعمل معاً، على تحقيق هذا الهدف النبيل «.
جميل جداً المشاركة في المؤتمر الذي أغناه المشاركون بمداخلاتهم ورؤاهم وآرائهم، ومنهم بالمناسبة الفتاة التونسية، بليغة اللسان ناديا المرزوقي، التي لم تتحدّث بصفتها ابنة الرئيس، وانّما كاحدى الطالبات على وشك انهاء دراستها العليا من الجامعة الاوروبية في المدينة الايطالية فلورنسا، وقد تحدثت عن تخصّصها في الحرية الدينية ومستقبلها في الوطن العربي. وكم كان مدهشاً ومؤثراً ان نصغي اليها، وكذلك الى والدها، وهو اليوم زعيم عربي في أول دول الربيع العربي، متحدّثاً ليس فقط عن حرية العبادة التي تنص عليها مجمل الدساتير العربية، بل عن الحرية الدينية، بمعناها الواسع والصحيح، اي حرية الضمير. فهل يشكل هذا الخطاب الرئاسي فاتحة عهد جديد في تونس وفي سائر دول الربيع، في مجال الحرية الدينية، وهي أم الحريات جميعها ؟ لننتظر وسنرى.الرأي
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير