أولوية القضية وليس فتح والسلطة وحماس
ياسر الزعاترة
جو 24 : لو كنا نفكر بمنطق فتح أو السلطة أو حماس، لربما احتفلنا مثل آخرين بما يجري الآن من مصالحة بين فتح وحماس، وحكومة الوحدة التي أعلن عن رئيسها ووزير خارجيتها (لم يتغيرا)، وسيعلن عن بقية وزرائها اليوم كما قيل، لكننا نحاول التفكير من خارج الصندوق، وبعيدا عن لغة المحاصصة، وأيضا بعيدا عن تلك الفزاعة التي تحمل كل مصائب القضية لحكاية الانقسام، لكأن كل شيء كان على ما يرام قبل أن يحدث ما حدث منتصف العام 2007!!
ما يعنيني شخصيا ومثلي كثيرون هو القضية ذاتها، وهي أكبر من حماس ومن فتح، ومن السلطة في آن معا، لاسيما أن الثلاثة يعيشون حالة تيه، فالسلطة صممت لخدمة الاحتلال، ولا زالت بكل أجهزتها وفية للتنسيق الأمني معه، وترتبط به ارتباطا كاملا في كل شيء، أي تتنفس من رئته بتعبير أدق، بما في ذلك قادتها الذين يتحركون ببطاقات (في آي بي) التي يمنحهم إياها (هل كان بوسع عزام الأحمد أن يدخل غزة من معبر بيت حانون لو لم يكن الصهاينة راضين عن ذلك؟!)، وفتح التي تحولت من حركة تحرر إلى حزب سلطة تحت الاحتلال في ظل القادة الجدد الذين يرفضون المقاومة رفضا أيديولوجيا، وحماس التي تاهت حين دخلت انتخابات أوسلو، ومن ثم اضطرت إلى تحمل أعباء غزة وأهلها بعد الحسم العسكري الذي يبدو أنها استدرجت، فيما تعرض فرعها في الضفة إلى استباحة غير مسبوقة تبعا لذلك، مع أنها حولت القطاع إلى قاعدة للمقاومة، وخاضت معركتين باقتدار مشهود.
حل هذا التيه للقضية برمتها لا يمكن أن يتأتى بهذه المصالحة التي نحن بصددها، وللعلم فنحن لا نقبض أبدا بروباغندا نتنياهو الرافضة للحكومة والمصالحة، ولو كان رافضا لها حقا، لرفضتها أمريكا أيضا، بدل أن تدعو رئيسها (الحمدالله) لزيارة واشنطن.
الإسرائيليون يدركون تمام الإدراك حقيقة المسار الذي ترسمه المصالحة العتيدة، وهم فرحون به أيما فرح، لكن طريقة نتنياهو دائما هي الابتزاز. ألا تلاحظون كيف يتعامل مثلا مع مفاوضات النووي بين أمريكا والغرب؟
ولكن ما هو المسار الذي تمضي فيه المصالحة العتيدة، ويفرح به الإسرائيليون؟ الجواب بسيط جدا، فهم سيحصلون على حكومة وحدة لا تغير شيئا في المسار السياسي والأمني للسلطة. وحين يبقى وزير الخارجية في مكانه، وحين يعلنون عن بقاء التنسيق الأمني (مقدس بحسب تعبير عباس)، وحين يذهبون أبعد من ذلك بالحديث عن شطب وزارة الأسرى الموجود حاليا في الحكومتين قبل المصالحة، ويؤكد عباس أيضا أن الحكومة “تنبذ الإرهاب”، يعني المقاومة، وتعترف بالقرارات الدولية، حين يحدث ذلك كله، فهذا يعطي المراقب مساحة واسعة للتأمل في المسار الجديد.
المسار بكل بساطة هو منح عباس الأقرب فرصة استعادة شرعيته التي فقدها في العام 2006، سواءً وقع اتفاقا نهائيا، أم بقي يتشبث بما يسميها الثوابت، ويرفض التوقيع، بينما يتعامل مع الاحتلال كدولة جارة، وينسق معها أمنيا، ويعقد معها اتفاقيات طويلة المدى مثل اتفاقات الغاز والمياه.
سيقولون إنها الانتخابات، وإنها الصناديق، وتلك لعمري مقولة حق يراد بها باطل، فالصناديق ليست قدرا بالنسبة لشعب يقع تحت الاحتلال ويتوزع ثلثا أبنائه في المخيمات وشتات الأرض، ولا توجد قوة على الأرض تمكنهم من قول رأيهم جميعا، وليس فئة منهم فقط. ولا تسأل هنا عن انتخابات تتم والمسدس في رأس الشعب (في الداخل)، ونداؤه “إذا انتخبت حماس، فانتظر الحصار من جديد”.
الأولوية للتحرير وليس للديمقراطية، وللتذكير، فقد كنت شخصيا ضد دخول حماس لانتخابات أوسلو، وضد مسار أوسلو وسلطته أيضا، وكررت مئات المرات أن هذه سلطة صممت لخدمة الاحتلال، ما يعني أنني لا أفعل ذلك لأنني خائف من فقدان حماس لأغلبيتها في التشريعي (ليس ذلك مؤكدا في الأصل).
ما يعنيني، والكثير من ابناء الشعب الفلسطيني، بل أغلبية الشعب في الداخل والخارج هو مصير القضية، وهنا يمكن القول إن ما يريده عباس هو استعادة غالبية البرلمان بالتحالف مع آخرين، ونقل تلك الغالبية إلى المجلس الوطني للمنظمة بدعوى عدم إمكانية إجراء انتخابات في أي مكان خارج فلسطين (لماذا يمكن إجراؤها داخل فلسطين، أليس لأن الصهاينة يقبلون بذلك؟!)، وبعد ذلك يستمر عبث المفاوضات، ومعه التنسيق الأمني، ولو سنوات طويلة، فيما يعلم الجميع أن نتنياهو لن يقدم لعباس ما سبق أن قدمه باراك في قمة كامب ديفيد صيف العام 2000. أليست هذه هي ثمار المصالحة التي يبشروننا بها؟ إنها هي ولا شيء غيرها، لكننا نعول على شعب عظيم ننتظر أن ينتفض ضد هذا العبث كله، تماما كما انتفض من قبل نهاية أيلول من العام 2000، ولكن هذه المرة ببرنامج ورؤية أكثر وعيا، وبدعم شارع عربي أكثر حيوية، حتى لو قيل إن قوى الثورة المضادة قد نجحت في كبح جماحه مرحليا بأموالها، ومؤامراتها المدعومة من أمريكا والغرب، وللمفارقة من الصين وروسيا أيضا!!
ما يعنيني شخصيا ومثلي كثيرون هو القضية ذاتها، وهي أكبر من حماس ومن فتح، ومن السلطة في آن معا، لاسيما أن الثلاثة يعيشون حالة تيه، فالسلطة صممت لخدمة الاحتلال، ولا زالت بكل أجهزتها وفية للتنسيق الأمني معه، وترتبط به ارتباطا كاملا في كل شيء، أي تتنفس من رئته بتعبير أدق، بما في ذلك قادتها الذين يتحركون ببطاقات (في آي بي) التي يمنحهم إياها (هل كان بوسع عزام الأحمد أن يدخل غزة من معبر بيت حانون لو لم يكن الصهاينة راضين عن ذلك؟!)، وفتح التي تحولت من حركة تحرر إلى حزب سلطة تحت الاحتلال في ظل القادة الجدد الذين يرفضون المقاومة رفضا أيديولوجيا، وحماس التي تاهت حين دخلت انتخابات أوسلو، ومن ثم اضطرت إلى تحمل أعباء غزة وأهلها بعد الحسم العسكري الذي يبدو أنها استدرجت، فيما تعرض فرعها في الضفة إلى استباحة غير مسبوقة تبعا لذلك، مع أنها حولت القطاع إلى قاعدة للمقاومة، وخاضت معركتين باقتدار مشهود.
حل هذا التيه للقضية برمتها لا يمكن أن يتأتى بهذه المصالحة التي نحن بصددها، وللعلم فنحن لا نقبض أبدا بروباغندا نتنياهو الرافضة للحكومة والمصالحة، ولو كان رافضا لها حقا، لرفضتها أمريكا أيضا، بدل أن تدعو رئيسها (الحمدالله) لزيارة واشنطن.
الإسرائيليون يدركون تمام الإدراك حقيقة المسار الذي ترسمه المصالحة العتيدة، وهم فرحون به أيما فرح، لكن طريقة نتنياهو دائما هي الابتزاز. ألا تلاحظون كيف يتعامل مثلا مع مفاوضات النووي بين أمريكا والغرب؟
ولكن ما هو المسار الذي تمضي فيه المصالحة العتيدة، ويفرح به الإسرائيليون؟ الجواب بسيط جدا، فهم سيحصلون على حكومة وحدة لا تغير شيئا في المسار السياسي والأمني للسلطة. وحين يبقى وزير الخارجية في مكانه، وحين يعلنون عن بقاء التنسيق الأمني (مقدس بحسب تعبير عباس)، وحين يذهبون أبعد من ذلك بالحديث عن شطب وزارة الأسرى الموجود حاليا في الحكومتين قبل المصالحة، ويؤكد عباس أيضا أن الحكومة “تنبذ الإرهاب”، يعني المقاومة، وتعترف بالقرارات الدولية، حين يحدث ذلك كله، فهذا يعطي المراقب مساحة واسعة للتأمل في المسار الجديد.
المسار بكل بساطة هو منح عباس الأقرب فرصة استعادة شرعيته التي فقدها في العام 2006، سواءً وقع اتفاقا نهائيا، أم بقي يتشبث بما يسميها الثوابت، ويرفض التوقيع، بينما يتعامل مع الاحتلال كدولة جارة، وينسق معها أمنيا، ويعقد معها اتفاقيات طويلة المدى مثل اتفاقات الغاز والمياه.
سيقولون إنها الانتخابات، وإنها الصناديق، وتلك لعمري مقولة حق يراد بها باطل، فالصناديق ليست قدرا بالنسبة لشعب يقع تحت الاحتلال ويتوزع ثلثا أبنائه في المخيمات وشتات الأرض، ولا توجد قوة على الأرض تمكنهم من قول رأيهم جميعا، وليس فئة منهم فقط. ولا تسأل هنا عن انتخابات تتم والمسدس في رأس الشعب (في الداخل)، ونداؤه “إذا انتخبت حماس، فانتظر الحصار من جديد”.
الأولوية للتحرير وليس للديمقراطية، وللتذكير، فقد كنت شخصيا ضد دخول حماس لانتخابات أوسلو، وضد مسار أوسلو وسلطته أيضا، وكررت مئات المرات أن هذه سلطة صممت لخدمة الاحتلال، ما يعني أنني لا أفعل ذلك لأنني خائف من فقدان حماس لأغلبيتها في التشريعي (ليس ذلك مؤكدا في الأصل).
ما يعنيني، والكثير من ابناء الشعب الفلسطيني، بل أغلبية الشعب في الداخل والخارج هو مصير القضية، وهنا يمكن القول إن ما يريده عباس هو استعادة غالبية البرلمان بالتحالف مع آخرين، ونقل تلك الغالبية إلى المجلس الوطني للمنظمة بدعوى عدم إمكانية إجراء انتخابات في أي مكان خارج فلسطين (لماذا يمكن إجراؤها داخل فلسطين، أليس لأن الصهاينة يقبلون بذلك؟!)، وبعد ذلك يستمر عبث المفاوضات، ومعه التنسيق الأمني، ولو سنوات طويلة، فيما يعلم الجميع أن نتنياهو لن يقدم لعباس ما سبق أن قدمه باراك في قمة كامب ديفيد صيف العام 2000. أليست هذه هي ثمار المصالحة التي يبشروننا بها؟ إنها هي ولا شيء غيرها، لكننا نعول على شعب عظيم ننتظر أن ينتفض ضد هذا العبث كله، تماما كما انتفض من قبل نهاية أيلول من العام 2000، ولكن هذه المرة ببرنامج ورؤية أكثر وعيا، وبدعم شارع عربي أكثر حيوية، حتى لو قيل إن قوى الثورة المضادة قد نجحت في كبح جماحه مرحليا بأموالها، ومؤامراتها المدعومة من أمريكا والغرب، وللمفارقة من الصين وروسيا أيضا!!