روح ميدان التحرير
ياسر الزعاترة
جو 24 : منذ الجمعة الماضية استعاد ميدان التحرير روحه الوحدوية الأولى، وتآلف أكثر الفرقاء في جمعة عنوانها الضمني هو رفض وصاية العسكر على البلاد والعباد، وهي الوصاية التي عكسها الإعلان الدستوري المكمل الذي سعى المجلس العسكري من خلاله إلى تكرار وصاية العسكر الأتراك على الحياة السياسية، وجاء على ما يبدو بعدما تأكدت الأجهزة الأمنية أن مشروع إنجاح أحمد شفيق الذي دفع فيه بعض العرب المليارات (فضلا عن مليارديرية مرحلة مبارك) قد يواجه بعض العقبات. بل إن من غير العسير القول إنه لولا اشتعال ميدان التحرير لبقي مشروع إسقاط مرسي قائما، وربما نفذ بالفعل.
اليوم يمكن القول إن الإخوان قد وعوا الدرس وأن سياسة التوافق مع القوى الأخرى ستكون الحاكمة لسلوكهم السياسي بعد فوز مرشحهم بالرئاسة، وإن كانوا إزاء بعض الناس ممن لا يعجبهم العجب، ويعني التوافق بالنسبة إليهم إلغاء حق الجماعة في أن يكون لها دورها المعقول، بدليل الجدل الطويل حول الهيئة التأسيسية للدستور في المرحلة الثانية التي توافقت عليها أكثرية القوى، فضلا عن جملة من المواقف المشابهة التي أثبتت أن المشكلة ليست في الإخوان وحدهم، إنما في أقوام يريدون الحصول على أدوار أكبر بكثير (نكرر بكثير) من حجمهم ودورهم في الشارع، فيما لا يتوقفون عن هجاء الإخوان كما لو أنهم ارتكبوا الموبقات حين رشحوا أحدهم للرئاسة، ودائما بدعوى أنهم وعدوا بأن لا يفعلوا، فيما يعلم الجميع أنهم كانوا صادقين في وعدهم حين وعدوا، ولم يغيروا إلا بعد مستجدات مهمة، وإثر جدل داخلي طويل انقسموا خلاله بين مؤيد ومعارض على نحو لم ترجح فيه كفة المؤيدين سوى بنسبة ضئيلة.
أيا يكن الأمر، فالإخوان اليوم يدركون عظم المسؤولية التي يواجهونها، والتي لا تتلخص في التحديات الداخلية فقط، وإنما في التحديات الخارجية أيضا، تلك التي تقف لهم بالمرصاد، أكانت ممثلة في الموقف الأمريكي والغربي المناهض لهم، والذي يتحرك على إيقاع الهواجس الإسرائيلية بشكل أساسي، أم تمثلت في التحديات الداخلية المتمثلة في خصوم كثر لا يريدون لهم النجاح، بعضهم لأسباب حزبية وأيديولوجية، وبعضهم الآخر لأسباب تتعلق بالمصالح كما هو حال فلول النظام السابق وأجهزته الأمنية والعسكرية التي انتفعت بالوضع القديم أيما انتفاع وتخشى من فقدان مكاسبها.
في الساحة المصرية الكثير من المخلصين والشرفاء، وقد أحسن مرسي بإعلانه نيته تكليف شخصية مستقلة بتشكيل الحكومة، مع حكومة توافق وطني يفضل أن تكون غالبيتها من التكنوقراط، فيما تأتي المرحلة التالية ممثلة في استمرار نبض ميدان التحرير من أجل إلغاء الإعلان الدستوري المكمل وقانون الضبطية وصياغة دستور توافقي. ولا يعرف هنا كيف سيجري التعامل مع معضلة مجلس الشعب المنحل الذي ينبغي أن يسأل الجميع عن الذي ارتكب جريمته المعلنة حين كلف البلد أموالا طائلة والكثير من الجهد لإتمام الانتخابات قبل أن ينقلب عليها بحكم محكمة دستورية تأتمر بأمر العسكر، وهي جزء من تراث النظام المخلوع، ولا يمكن الوثوق بها بحال من الأحوال.
اليوم تبدو مصر بعد انتخاب مرسي أمام تحديات بالغة الصعوبة، لأن العصي لن تكف عن العبث بدواليبها؛ العصي الدولية والعربية، وحيث يدرك الجميع أن نجاح الثورة المصرية في حمل البلد نحو أفق جديد سيعني تغيرات جوهرية في عموم المنطقة، الأمر الذي لا يحتمله أعداء مصر وأعداء العرب ممن يريدونهم متفرقين بلا شقيقة كبرى تتزعم مسيرتهم.
من هنا كانت عيون الأمة مصوبة طوال الأسابيع الماضية نحو مصر، ربما لأول مرة أكثر من سوريا التي يتواصل فيها نزيف الدم، والسبب هو أدراك الجماهير للحقيقة المشار إليها ممثلة في أن ربيع العرب لن يكتمل دون نجاح الثورة المصرية.
ليس لدينا شك في أن مسيرة الثورة ستكتمل، إن لم يكن بعد شهور، فبعد سنوات، المهم أن يتحرك القطار على سكته الصحيحة، والقضية هنا لا تتعلق بالإخوان ولا بسواهم، وإنما بإرادة الحرية والتعددية التي ينبغي أن تسود، وليكون من حق الشعوب أن تجرب وتختار من بين القوى من يمثلها ويحاكي همومها على نحو أفضل.
الدستور
اليوم يمكن القول إن الإخوان قد وعوا الدرس وأن سياسة التوافق مع القوى الأخرى ستكون الحاكمة لسلوكهم السياسي بعد فوز مرشحهم بالرئاسة، وإن كانوا إزاء بعض الناس ممن لا يعجبهم العجب، ويعني التوافق بالنسبة إليهم إلغاء حق الجماعة في أن يكون لها دورها المعقول، بدليل الجدل الطويل حول الهيئة التأسيسية للدستور في المرحلة الثانية التي توافقت عليها أكثرية القوى، فضلا عن جملة من المواقف المشابهة التي أثبتت أن المشكلة ليست في الإخوان وحدهم، إنما في أقوام يريدون الحصول على أدوار أكبر بكثير (نكرر بكثير) من حجمهم ودورهم في الشارع، فيما لا يتوقفون عن هجاء الإخوان كما لو أنهم ارتكبوا الموبقات حين رشحوا أحدهم للرئاسة، ودائما بدعوى أنهم وعدوا بأن لا يفعلوا، فيما يعلم الجميع أنهم كانوا صادقين في وعدهم حين وعدوا، ولم يغيروا إلا بعد مستجدات مهمة، وإثر جدل داخلي طويل انقسموا خلاله بين مؤيد ومعارض على نحو لم ترجح فيه كفة المؤيدين سوى بنسبة ضئيلة.
أيا يكن الأمر، فالإخوان اليوم يدركون عظم المسؤولية التي يواجهونها، والتي لا تتلخص في التحديات الداخلية فقط، وإنما في التحديات الخارجية أيضا، تلك التي تقف لهم بالمرصاد، أكانت ممثلة في الموقف الأمريكي والغربي المناهض لهم، والذي يتحرك على إيقاع الهواجس الإسرائيلية بشكل أساسي، أم تمثلت في التحديات الداخلية المتمثلة في خصوم كثر لا يريدون لهم النجاح، بعضهم لأسباب حزبية وأيديولوجية، وبعضهم الآخر لأسباب تتعلق بالمصالح كما هو حال فلول النظام السابق وأجهزته الأمنية والعسكرية التي انتفعت بالوضع القديم أيما انتفاع وتخشى من فقدان مكاسبها.
في الساحة المصرية الكثير من المخلصين والشرفاء، وقد أحسن مرسي بإعلانه نيته تكليف شخصية مستقلة بتشكيل الحكومة، مع حكومة توافق وطني يفضل أن تكون غالبيتها من التكنوقراط، فيما تأتي المرحلة التالية ممثلة في استمرار نبض ميدان التحرير من أجل إلغاء الإعلان الدستوري المكمل وقانون الضبطية وصياغة دستور توافقي. ولا يعرف هنا كيف سيجري التعامل مع معضلة مجلس الشعب المنحل الذي ينبغي أن يسأل الجميع عن الذي ارتكب جريمته المعلنة حين كلف البلد أموالا طائلة والكثير من الجهد لإتمام الانتخابات قبل أن ينقلب عليها بحكم محكمة دستورية تأتمر بأمر العسكر، وهي جزء من تراث النظام المخلوع، ولا يمكن الوثوق بها بحال من الأحوال.
اليوم تبدو مصر بعد انتخاب مرسي أمام تحديات بالغة الصعوبة، لأن العصي لن تكف عن العبث بدواليبها؛ العصي الدولية والعربية، وحيث يدرك الجميع أن نجاح الثورة المصرية في حمل البلد نحو أفق جديد سيعني تغيرات جوهرية في عموم المنطقة، الأمر الذي لا يحتمله أعداء مصر وأعداء العرب ممن يريدونهم متفرقين بلا شقيقة كبرى تتزعم مسيرتهم.
من هنا كانت عيون الأمة مصوبة طوال الأسابيع الماضية نحو مصر، ربما لأول مرة أكثر من سوريا التي يتواصل فيها نزيف الدم، والسبب هو أدراك الجماهير للحقيقة المشار إليها ممثلة في أن ربيع العرب لن يكتمل دون نجاح الثورة المصرية.
ليس لدينا شك في أن مسيرة الثورة ستكتمل، إن لم يكن بعد شهور، فبعد سنوات، المهم أن يتحرك القطار على سكته الصحيحة، والقضية هنا لا تتعلق بالإخوان ولا بسواهم، وإنما بإرادة الحرية والتعددية التي ينبغي أن تسود، وليكون من حق الشعوب أن تجرب وتختار من بين القوى من يمثلها ويحاكي همومها على نحو أفضل.
الدستور