jo24_banner
jo24_banner

"ربيع داعش" .. والقلق الأردني!

نضال منصور
جو 24 : بعد أن صارت "داعش" لاعباً رئيسياً في المشهد السوري، وكانت سبباً في خلط الكثير من الأوراق السياسية سواء في العلاقة مع نظام بشار الأسد أو في الصراع مع حلفائها سابقاً وخصومها جبهة النصرة، فإنها اليوم تفعل أكثر مما فعلت، وتسيطر على مدن عراقية وتتقدم نحو بغداد.
لم يستفق العالم بعد من هول صدمة ما حدث، أكثر الجماعات تطرفاً تقيم "دولتها" بين ليلة وضحاها، بينما يفر الجيش العراقي الذي أنفقت عليه المليارات من مواجهة مئات أو آلاف المقاتلين غير المحترفين ويترك الطائرات والأموال وراءه دونما حسيب!
يختلف المراقبون في تفسير ما حدث، فهنالك من يذهب إلى القول بأن الجيش كانت لديه أوامر بعدم المقاومة، والتسليم، والانسحاب، وهؤلاء يرون أن هذا السيناريو يخدم رئيس الوزراء المالكي ليعيد حشد الصفوف خلفه في مواجهة "الإرهاب"، فإما أن تكونوا معي وتحديداً للمعسكر "الشيعي" الذي بات مختلفا عليه، أو أنكم ستواجهون خطر الإبادة على يد "داعش" التي تعلن أنها تريد إقامة دولة "سنية"، وتطهير العراق من سيطرة "الشيعة"، وهذه الرواية وإن وجدت رواجاً في الساعات الأولى، إلا أن تمدد "داعش" لاحقاً وتنامي قوتها ربما يخلق واقعاً جديداً لا يقوى المالكي على تغييره حتى إن أراد، وإن استعاد التحالف الشيعي خلفه واستمال الأكراد، خاصة بعد أن فشل في أخذ تفويض من البرلمان لإعلان الطوارئ، وبعد أن بدت أميركا واضحة بأنها لن تقدّم له حلاً عسكرياً، وطالبته بالتوافق الوطني مع مكونات المجتمع العراقي.
الرواية التي بدأت تنتشر بعد ذلك وتجد ترويجاً واسعاً، أن "داعش" ليست سوى واجهة لثورة العشائر، وتحديداً المكون السني ضد حكومة المالكي، وأن تحالفاً يضم في صفوفه البعثيين العراقيين، وقيادات من الجيش العراقي سابقاً تقود هذا التمرد، ولذلك جرى تسليط الضوء على ظهور عزت الدوري قائد حزب البعث بعد إعدام الرئيس صدام، وكثر الحديث عن هدوء وسلام تعيشه المدن التي سيطرت عليها "داعش"، ولم تحدث مواجهات مع الأكراد الذين سيطروا على "كركوك" المدينة المتنازع عليها، في رسالة بدت وكأنها تحييد وتطمين للأكراد أن المعركة ليست موجهة ضدهم أبداً.
لا يُعرف إلى أين يذهب السيناريو العراقي، وماهي تداعياته على الوضع في سورية التي خطف الملف العراقي الأضواء عنه، وخفف الضغط الإعلامي والدولي عن الرئيس الأسد الذي يحتفل باطمئنان بفوزه بانتخابات الرئاسة؟
المؤكد أن العراق بعد مضي أكثر من عشر سنوات على إسقاط صدام يواجه تحولاً درامياً، ربما يكون أخطره الدخول في أتون حرب طائفية، تؤسس لجيوب ودويلات "شيعية"، و"سنية"، وكردية قائمة وإن لم تعلن.
إن نجح عقلاء وساسة العراق في وقف هذا التحشيد الطائفي الذي زادت وتيرته داعش، فإن الاختبار للخروج بحل سياسي توافقي لا يبدو سهلاً، فرأس المالكي أصبح مطلوباً ليس لإقصائه واستفراده بالحكم، بل لفشله الذريع في حماية العراق من هجوم "داعش".
على وقع تهديد داعش بالاقتراب من بغداد والسعي لإقامة دولتهم "السنية"، وفي اتجاه آخر تدخل إيران وتهديدها بأنها لن تسمح بالاقتراب من المقدسات في النجف وكربلاء، فإن خلق التوافق الوطني العراقي يبدو أكثر صعوبة حتى وإن طارد الزعماء العراقيين كابوس "داعش"، وتعرضوا للضغط الأميركي والدولي.
ما حققته "داعش" لم ينجح بتحقيقه أسامة بن لادن، أو أبو مصعب الزرقاوي الأب الروحي لهذا التنظيم، فهم اليوم يسيطرون على مدن في أهم الدول العربية، وينشرون صوراً لخريطة دولة "داعش" باللون الأسود تضم الأردن، ويقرعون جرس الإنذار، بعد أن أصبحوا هم أو جبهة النصرة على حدودنا في درعا، ويقتربون من حدودنا مع العراق.
الأردن، حكماً وشعباً، يعرف ويدرك أكثر من غيره أنه ليس محصناً من خطر التمدد لهذه التنظيمات المتطرفة، وهو يعلم أن هنالك حواضن لهذا الفكر في العديد من البؤر بالمدن الأردنية، فهل هذا يثير القلق في الداخل وبين الناس؟!
القلق مطلوب، والفزع مرفوض، والأهم أن نمضي في بناء دولة ديمقراطية تحقق العدالة وتصون المواطنة وسيادة القانون، وتجعل من المواطن شريكاً في بناء مستقبله.
هذا هو الحصن الذين نملكه لندحر هؤلاء، ومعا الأردن أقوى.

الغد
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير