jo24_banner
jo24_banner

مرافعة مستحيلة

ياسر الزعاترة
جو 24 : لو استدعت الجهات المعنية أبلغ البلغاء وأفصح الخطباء وأمهر الكتاب،، فلن يكون بوسعهم الدفاع عن قانون الانتخاب الجديد، فضلا عن تسويقه بوصفه محطة الإصلاح الأهم التي ستؤكد للقاصي والداني بأن مسيرته الميمونة ماضية نحو وجهتها المأمولة ممثلة في الحكومة البرلمانية، أو الحكومة المنتخبة بتعبير آخر.

السبب بسيط كل البساطة، وهو أن سائر التصريحات السابقة طوال العامين الماضيين كانت تتعامل مع القانون السابق بوصفه قانونا لا ينسجم مع برنامج الإصلاح، وهي لذلك شكلت اللجان ونظمت الحوارات الطويلة التي كان هدفها إنتاج قانون توافقي ينسجم مع برنامج الإصلاح.

بعد كل هذا يكتشف المعنيون أن لاشيء أفضل من القانون القديم، ويجيشون من أجل الدفاع عنه حشدا من الناس، متجاهلة أنها بذلك تناقض نفسها، إذ كيف لمن اعترف بأن القانون القديم لا ينسجم مع الإصلاح أن يعيد إنتاجه من جديد بوصفه الشاهد العظيم على المضي في مسيرة الإصلاح؟!

لعل أسوأ مرافعة يمكن الحديث عنها في هذا السياق هي تلك التي تتحدث عن استطلاعات للرأي نال من خلالها قانون الصوت الواحد نسبة تأييد معتبرة، وهي مرافعة تتجاهل أن كثيرا من الناس لا يعرفون المضمون الحقيقي للقانون، ويعتقدون أن من الطبيعي أن يكون للناخب صوتا واحدا، هذا إذا افترضنا نزاهة الاستطلاعات ومن ثم صدقيتها لجهة قول المواطن ما يعتقده بالفعل، الأمر الذي لا أراه شخصيا في سائر استطلاعات الرأي في دولنا العربية إلى الآن.

لم يقل أحد لأولئك الناس أن الصوت الواحد يعي صوتا في دائرة متعددة المقاعد، فضلا عن أن تقييم القانون لا يتم من خلال العنوان الأولي، وإنما من خلال تفاصيل أخرى تتعلق بتوزيع المقاعد والكوتات، إلى غير ذلك من التفاصيل.

سيقول البعض إن إضافة مهمة قد طرأت على القانون تتمثل في القائمة الوطنية التي منحت صوتا ثانيا للناخب، وهي إضافة لا تبدو مقنعة، ليس فقط لأنها نسبة القائمة هي 12 في المئة من المقاعد (17 مقعدا من أصل 140)، بل أيضا لأنها ليست مخصصة للأحزاب وحدها، بل تشمل كل من يمكنه تشكيل قائمة، الأمر الذي لا يعزز المنظومة الحزبية، بقدر ما يعزز المنظومات الجهوية أكثر فأكثر، إذ لا يستبعد أن يبادر بعض الرموز من ذوي الثقل المالي والعشائري إلى تشكيل قوائم تحصد نسبة من تلك المقاعد. والنتيجة أن هذا البند في القانون لا يعزز العمل الحزبي إلا في نطاق ضيق.

من هنا يمكن القول إن المراقب لا يحتاج إلى كثير من الذكاء كي يدرك أن القانون لن يغير في الواقع السياسي شيئا، ولو بقي ألف عام أخرى لما أنتج حكومات برلمانية، حتى لو جرى رفع القائمة الوطنية من 12 في المئة إلى 30 في المئة.

من جهتها لا تحتاج القوى الحزبية ذات الأهمية على قلتها إلى كثير من الجدل الداخلي لكي تحسم موقفها من المشاركة، اللهم إلا إذا أصيبت بحالة من الزهايمر، بحيث تنسى أن هناك ربيعا عربيا، وأن حراكا شعبيا لا يزال مستمرا منذ قرابة عامين يطالب بالإصلاح ومحاربة الفساد.

ويبدو هنا أن الذين صاغوا القانون لم يكونوا معنيين بردة فعل تلك القوى بسائر أطيافها، وهم يشعرون أن كل شيء سيكون على ما يرام، لاسيما أنهم سيقدمون للأمة انتخابات حرة ونزيهة لا تشوبها شائبة من الناحية الشكلية، وبالطبع بسبب انتفاء الحاجة للتزوير، الأمر الذين لن يتغير لو شاركت قوى المعارضة، لأن حصتها جميعا من الكعكة لن تصل بحال حدود العشرين في المئة مهما بذلت من جهود لإقناع الناس؛ أولا بالذهاب لصناديق الاقتراع، وثانيا بانتخاب مرشحيها.

نسمع حديثا عن إعادة النظر في القانون نرجو أن يكون صحيحا، فلا مصلحة أبدا في انتخابات تستنسخ البرلمان الحالي، إذ من الأفضل توفير الأموال والإبقاء على الوضع الراهن.
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير