jo24_banner
jo24_banner

هذا الهلع الإسرائيلي إثر فوز مرسي

ياسر الزعاترة
جو 24 : في اليوم التالي لظهور نتائج الانتخابات المصرية خرجت الصحف الإسرائيلية بعناوين نذكر منها. “يديعوت احرونوت”: “ظلام مصر”، “شرق أوسط جديد”. “حرج في القدس، نتنياهو: نحترم النتائج”. “انتصار خطير”. “من السجن إلى الرئاسة”. صحيفة “معاريف”: “شرق أوسط جديد”. “التخوف أصبح واقعا: الإخوان المسلمون سيطروا على مصر”، “نهاية عصر الأوهام”، “اتفاق سلام وعلامة استفهام”. صحيفة “هآرتس”: “الإسلاميون انتصروا: مرسي رئيسا لمصر”، “في إسرائيل يخشون، في غزة يحتفلون”. صحيفة “إسرائيل اليوم”: “انتخبوا الإسلام”، “نتائج الانتخابات في مصر: في غزة يحتفلون، في إسرائيل يرحبون وقلقون”، “يتابعون بقلق”.

في تحليل الخبر الرئيس، يدخل المحلل المعروف “إليكس فيشمان” إلى صلب الموضوع المتعلق، ويتطرق إلى الأبعاد الأمنية في العلاقة مع مصر فيقول: “وزير مخابرات إسلامي، إعادة نظر في اتفاقيات السلام، انهيار الاتفاقيات الاقتصادية وعدم التنسيق الأمني. بعد صعود مرسي إلى الحكم، كل شيء مفتوح والمستقبل محفوف بالضباب. على إسرائيل أن تكون جاهزة لكل سيناريو. يُحتمل أن يكون قريبا اليوم الذي تنهار فيه مراسي مختلفة في منظومة العلاقات الحساسة خلف الكواليس مع مصر”.

يضيف “قادة أجهزة استخبارات غربية أصيبوا بالغثيان من طرح الإخوان المسلمين لاسم عصام العريان كمرشح عنهم لرئاسة وزارة المخابرات في الحكومة المصرية. التفكير في الحقائب الحساسة التي ستقع في يد الرجل يقلق رئيس جهاز “سي.آي.إيه” الأمريكي، جهاز الاستخبارات البريطاني “إم آي 6”، وربما رئيس الموساد أيضا. هذه ليست مجرد حقائب. هذا صندوق مفاسد يحوي داخله الكثير من المعلومات الحميمة والمحرجة. وثائق ويكيليكس هي روضة أطفال بالقياس إلى القنبلة الذرية الكامنة في مكاتب المخابرات المصرية. عاموس جلعاد، رئيس قسم التخطيط وقادة أسرة الاستخبارات الذين التقوا على مدى السنين مع وزير المخابرات المصرية سيسعدهم اللقاء مع كل وزير مخابرات جديد يعين في مصر. التخوف هو أن وزير الإخوان المسلمين بالذات لن يرغب في أن يراهم. هذا مجرد مثال واحد على الضرر الاستراتيجي الذي كان ينبغي لإسرائيل أن تكون جاهزة له”.

يختم فيشمان بالقول “التوقع أنه في غضون نحو نصف سنة سنحصل على الوجه الحقيقي لمصر، وعندها لن يعود أي شيء من ناحية إسرائيل مثلما كان. مصر المجلس العسكري خرقت منذ الآن اتفاقات سلطوية مثل اتفاق الغاز الحيوي دون أن يرف لها جفن. إسرائيل تجمدت، لم ترد من شدة الخوف، وتلقت بالمقابل استخفافا واحتقارا لدرجة أن النظام سمح بالاعتداء على السفارة الإسرائيلية في القاهرة، وقف إصدار التأشيرات وتقليص الرحلات الجوية بين الدولتين. لن تكون للإخوان المسلمين أية مشكلة في مواصلة هذه المسيرة” (انتهى كلام فيشمان).

ليس لدينا شك في أن التخوفات الإسرائيلية والغربية لن تتحول إلى واقع في غضون شهور، وربما سنوات قليلة أيضا، لكن الدولة العبرية لم تكن يوما من النوع الذي يخطط لأشهر أو سنوات. وهم اليوم يتحدثون عن تغير الفضاء الإستراتيجي في المنطقة.

كلام فيشمان يشير إلى حقيقة بالغة الأهمية، وهي أن الفضاء الذي كانت تتحرك فيه الدولة العبرية لم يكن معاديا، بقدر ما كان يُظهر العداء بهذا القدر أو ذاك مجاملة لمشاعر الناس. لا يمكننا القول إنه كان عميلا أو خائنا، لكن الأمر الذي يعنيه هو التعامل مع الدولة العبرية كدولة قوية لا بد من تجنب شرها، ليس لذاتها فقط، وإنما لقدرتها على تجييش الغرب وأمريكا تحديدا ضد أي أحد.

هذه أنظمة كان عنوان حراكها هو تثبيت الوضع الداخلي، ولم يكن ذلك ممكنا من دون الارتهان الخارج الذي يشكل أمن الدولة العبرية بالنسبة إليه أمرا بالغ الحيوية، فيما تصاعد هذا البعد إثر سيطرة اللوبي الصهيوني على القرار السياسي في الولايات المتحدة، وتأثيره الكبير داخل عدد من دول الغرب.

ما ينبغي أن يقال هنا هو أن الأمر لا يتعلق بالإخوان ولا بالإسلاميين وحدهم، إذ أن المشكلة هي في تعبير المنظومة السياسية الجديدة عن هواجس الجماهير وليس النخب الحاكمة، وحين يحدث ذلك فإن المشهد كله سيتغير، وهو ما تدركه الدولة العبرية التي تعلم تماما أن المشاعر العربية تجاهها أكثر من عدائية، خلافا لمشاعر الأنظمة.

حين تتغير مصر، ستتغير المنظومة العربية برمتها، ولا نعني هنا البعد الإسلامي فقط، بل البعد المعبر عن هواجس الشعوب، والذي يطلب رضاها عبر الصناديق، ولا يمكن تبعا لذلك أن يكون مرتهنا للخارج. لذلك كله يبدو الهلع الصهيوني مبررا، وفي المقابل سيكون المشككون بالربيع العربي عنصر تخذيل للمسار الجديد حتى لو زعموا أنهم “أنبياء” المقاومة والممانعة. وحين ينتقدون بعض خطاب الإسلاميين الناعم، فعليهم أن يتذكروا أن الأمر لا يؤخذ بالخطاب الرنانة، وإنما بالتدرج، لاسيما أننا إزاء شعوب لها احتياجاتها الماسة التي ربما تفوقت على فتح صراعات يمكن خسارتها ببساطة دون تماسك داخلي وامتلاك لأدوات القوة.

هو تاريخ جديد يكتب، لكن التحول لن يتم بين عشية وضحاها، وستحتاج الأمة للكثير من الوقت كي تخرج من عنق الزجاجة وتقلع نحو أفق جديد عنوانه الحرية والوحدة والنهوض."الدستور"
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير