تطورات العدوان على غزة والمواقف العربية والدولية
ياسر الزعاترة
جو 24 : الليلة قبل الماضية بشّر الرئيس الفلسطيني محمود عباس بأن عدوانا بريا على قطاع غزة سيبدأ خلال ساعات، الأمر الذي دفع كثيرين إلى التساؤل عما إذا كان الصهاينة قد أخبروه بذلك، أم أنه محض تحليل. واللافت بالطبع أن المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر كان في حالة انعقاد في تلك الأثناء، ولم يخرج عنه قرار واضح، وجل ما قاله الناطق باسم المجلس هو إن “إسرائيل تستعد لكل عملية، بما فيها الدخول البري. تحررنا من الأوهام، وأنا لا اعتقد أنه يمكن تحقيق صورة نصر، ولكن ربما تحقيق هدوء لفترة أطول. القرارات غير بسيطة، وكل الخيارات تفحص بعناية شديدة”.
ربما كان هذا البعد المتعلق بالانتقال من الضربات الجوية إلى العملية البرية هو الأكثر أهمية في هذه الأثناء، وهو أمر لم يُحسم بعد، وإن بات أقرب إلى الترجيح. والحديث هنا يدور عن عملية برية محدودة، وليس عن إعادة احتلال للقطاع.
حسابات كثيرة هي التي تدفع نتنياهو إلى التردد في قرار التدخل البري، لعل أولها من دون شك ما يتعلق بحساب الخسائر البشرية على وجه التحديد، في وقت لم يعد المجتمع الصهيوني يحتمل الكثير من الخسائر على هذا الصعيد، بعد أن تحول إلى مجتمع استهلاكي، وتراجعت العقائدية فيه، فضلا عن ميل جيشه إلى القتال التكنولوجي، وليس الاشتباك المباشر.
الدخول البري هو الذي يمنح حماس وقوى المقاومة فرصة ضرب جنود العدو، من خلال الأنفاق والاقتحام والاشتباك المباشر، بعيدا عن التفوق الهائل من الجو، ولعل ذلك هو ما يدفع نحو الحديث عن توغل بري محدود لا يتعدى المناطق المفتوحة التي يمكن دخولها مع غطاء كثيف من النيران الجوية. أما دخول المناطق السكنية فسيكون مكلفا إلى حد كبير.
على أن ما ينبغي قوله هنا هو أن الحروب لا تمضي غالبا كما هو مخطط لها، ويمكن أن تتدحرج على نحو لم يُحسب حسابه، فالتوغل البري قد يؤدي إلى مجازر تشعل أوضاع المنطقة، وهو قد يؤدي أيضا إلى مزيد من التوغل وصولا إلى احتلال مباشر سيعني خسائر كبيرة جدا أثناء العملية وبعدها، مع احتمال فشل كبير.
لا مقارنة أبدا بين منطقة صغيرة متواضعة الإمكانات، وبين قدرات أكبر جيش في الشرق الأوسط، لكن إرادة الإيمان لدى رجال المقاومة في قطاع غزة تبقى قادرة على إلحاق الهزيمة بالعدو، ودفعه إلى التراجع وصولا إلى قبول تهدئة بشروط المقاومة كما حصل من قبل في عدواني 2008/2009، و2012.
في هذه الأثناء تبدو المواقف السياسية الفلسطينية الرسمية، والمواقف العربية، وكذلك الدولية في صالح العدو بشكل سافر، الأمر الذي قد يشجع نتنياهو على إكمال العملية على أمل إلحاق هزيمة بحماس، وعدم تكرار انتصاريها السابقين.
لعل أسوأ ما في المشهد هو الموقف الفلسطيني الرسمي الذي يدجّن الموقف الشعبي على التعامل مع العدوان كحدث عابر. وإذا شئنا الدقة، فهو يحاصر الجماهير ويحول بينها وبين إظهار تعاطفها مع أهلها في غزة، وهذا التفاعل المحدود في الضفة مع ما يجري في قطاع غزة (أقله حتى كتابة هذه السطور) مخزٍ إلى حد كبير، وإذا استمر الحال على ما هو عليه، فسيشجع ذلك نتنياهو على مزيد من العدوان. ألم يكن معيبا أن يقول عباس إنه حاول إقناع حماس بوقف العمل العسكري، إلا أنها رفضت؟! لكأن عليها أن ترفع الراية البيضاء أمام عدوها.
هنا والآن، ليس ثمة مرسي في القاهرة يقول للفلسطينيين “أنتم منا ونحن منكم”، و أنظمة الثورة المضادة تقف موقفا معروفا باعتبار أن حماس تنتمي إلى “الإسلام السياسي” الذي تطارده تلك الأنظمة.
وإذا تجاوزنا بعض المواقف العربية الخجولة إلى جانب موقف أردوغان، فإن الوضع العربي يخدم نتنياهو، وينطبق ذلك على الوضع الدولي الذي لا يرى من المشهد غير صواريخ حماس، في حين يتجاهل قتل الأبرياء بصواريخ طائرات الاحتلال.
خلاصة القول هي أن ميزان القوى مختل بالكامل، ومن كل النواحي العسكرية والسياسية لصالح الاحتلال، لكن ميزان القوى المتعلق بإرادة الإيمان هو الذي تتميز به حماس وقوى المقاومة، وهو ذاته الذي سيمكّن القطاع من الصمود والانتصار بإذن الله تعالى.
(الدستور)
ربما كان هذا البعد المتعلق بالانتقال من الضربات الجوية إلى العملية البرية هو الأكثر أهمية في هذه الأثناء، وهو أمر لم يُحسم بعد، وإن بات أقرب إلى الترجيح. والحديث هنا يدور عن عملية برية محدودة، وليس عن إعادة احتلال للقطاع.
حسابات كثيرة هي التي تدفع نتنياهو إلى التردد في قرار التدخل البري، لعل أولها من دون شك ما يتعلق بحساب الخسائر البشرية على وجه التحديد، في وقت لم يعد المجتمع الصهيوني يحتمل الكثير من الخسائر على هذا الصعيد، بعد أن تحول إلى مجتمع استهلاكي، وتراجعت العقائدية فيه، فضلا عن ميل جيشه إلى القتال التكنولوجي، وليس الاشتباك المباشر.
الدخول البري هو الذي يمنح حماس وقوى المقاومة فرصة ضرب جنود العدو، من خلال الأنفاق والاقتحام والاشتباك المباشر، بعيدا عن التفوق الهائل من الجو، ولعل ذلك هو ما يدفع نحو الحديث عن توغل بري محدود لا يتعدى المناطق المفتوحة التي يمكن دخولها مع غطاء كثيف من النيران الجوية. أما دخول المناطق السكنية فسيكون مكلفا إلى حد كبير.
على أن ما ينبغي قوله هنا هو أن الحروب لا تمضي غالبا كما هو مخطط لها، ويمكن أن تتدحرج على نحو لم يُحسب حسابه، فالتوغل البري قد يؤدي إلى مجازر تشعل أوضاع المنطقة، وهو قد يؤدي أيضا إلى مزيد من التوغل وصولا إلى احتلال مباشر سيعني خسائر كبيرة جدا أثناء العملية وبعدها، مع احتمال فشل كبير.
لا مقارنة أبدا بين منطقة صغيرة متواضعة الإمكانات، وبين قدرات أكبر جيش في الشرق الأوسط، لكن إرادة الإيمان لدى رجال المقاومة في قطاع غزة تبقى قادرة على إلحاق الهزيمة بالعدو، ودفعه إلى التراجع وصولا إلى قبول تهدئة بشروط المقاومة كما حصل من قبل في عدواني 2008/2009، و2012.
في هذه الأثناء تبدو المواقف السياسية الفلسطينية الرسمية، والمواقف العربية، وكذلك الدولية في صالح العدو بشكل سافر، الأمر الذي قد يشجع نتنياهو على إكمال العملية على أمل إلحاق هزيمة بحماس، وعدم تكرار انتصاريها السابقين.
لعل أسوأ ما في المشهد هو الموقف الفلسطيني الرسمي الذي يدجّن الموقف الشعبي على التعامل مع العدوان كحدث عابر. وإذا شئنا الدقة، فهو يحاصر الجماهير ويحول بينها وبين إظهار تعاطفها مع أهلها في غزة، وهذا التفاعل المحدود في الضفة مع ما يجري في قطاع غزة (أقله حتى كتابة هذه السطور) مخزٍ إلى حد كبير، وإذا استمر الحال على ما هو عليه، فسيشجع ذلك نتنياهو على مزيد من العدوان. ألم يكن معيبا أن يقول عباس إنه حاول إقناع حماس بوقف العمل العسكري، إلا أنها رفضت؟! لكأن عليها أن ترفع الراية البيضاء أمام عدوها.
هنا والآن، ليس ثمة مرسي في القاهرة يقول للفلسطينيين “أنتم منا ونحن منكم”، و أنظمة الثورة المضادة تقف موقفا معروفا باعتبار أن حماس تنتمي إلى “الإسلام السياسي” الذي تطارده تلك الأنظمة.
وإذا تجاوزنا بعض المواقف العربية الخجولة إلى جانب موقف أردوغان، فإن الوضع العربي يخدم نتنياهو، وينطبق ذلك على الوضع الدولي الذي لا يرى من المشهد غير صواريخ حماس، في حين يتجاهل قتل الأبرياء بصواريخ طائرات الاحتلال.
خلاصة القول هي أن ميزان القوى مختل بالكامل، ومن كل النواحي العسكرية والسياسية لصالح الاحتلال، لكن ميزان القوى المتعلق بإرادة الإيمان هو الذي تتميز به حماس وقوى المقاومة، وهو ذاته الذي سيمكّن القطاع من الصمود والانتصار بإذن الله تعالى.
(الدستور)