الجريمة مدعومة ، والحرية غير مدعومة
عادت بي ذاكرتي لأسترجع موت بعض حكام العرب المحبوبين في وطنهم ، وأنا كمواطنة أردنية اعيش بالأردن، أشاهد وأعيش مع أهل أي بلد غاب عنهم زعيمهم .
صحيح أنه زعيم عربي واحد و حكم على ملايين ، إلا و أنه بالمحصلة هو نفس واحدة غابت عن الأرض بانتهاء أجل ، ليخلف بعده زعيم آخر.
ما انا بصدده الآن هو الاعلام - الاعلام المرئي - ؛ فإن مات حاكم لأي بلد عربي تشهد بأن جميع القنوات التابعة لتلك البلد تعلن الحداد الرسمي وتمثله عبر القنوات ، فلا تبث الا آيات القرآن ، وبواقع مسار الحياة تعطيل كامل لمجريات الحياة و حتى الوظائف، ليشعر كل مواطن بقيمة من فقد ....وما فقده ذلك الوطن - وهو قضاء الهي - !
ما حدث و يحدث بغزة "العزة " فلسطيـن
من جرائم انسانية مكتملة التطبيق ، لا تشهد أي تأصيل في الموقف الاعلامي المرئي العربــي على مجازر اسرائيل
سؤالي لكم ياسادة الاعلام المرئي وأصحاب القنوات :
لماذا غاب هنا الحداد ؟
هل لأن فعل الموت باعترافكم هذا ، لا يعد من القضاء الالهي كما حدث مع حكامكم العرب ، وعليه غاب الحداد؟
أم لأن الأنفس التي غابت من الفلسطينيين لم تكن برتبة حاكم عربي مشهود له بالكرم والمحبة من شعبه ؟
لماذا لم تتضامن كل القنوات ،و أوقفت بث كل البرامج والمسلسلات عن المشاهدين
لماذا لم نرى توحيدا في توجيه الفكر والحس العربي لنشغل
جميع العالم بحس واحد و فكر واحد و هو المجزرة ، قتل الأبرياء من أطفال شيوخ شباب نساء ، هذه الجريمة مكررة وهادفة لابادة بشرية كاملة تحمل بجيناتها العز و صور الدفاع عن الشرف بالفعل رغم عجز الامكانيات ،وليس بالشعارات .
نحن في شهر رمضان والذي أنزل فيه القرآن، سجل فيه تاريخنا مجزرة اسرائيلية
فان لم يجمعنا شهر ، ولم يجمعنا نفس الفهم بتفسير الآيات ، فكيف سيجمعنا رؤية واحدة ، شهادة واحدة ، تفسير واحد متطابق يجمع بالادانة لما جرى و يجري من مجزرة انسانية في رمضان في غزة ؟
على الصعيد الخاص : نحن لسنا بقلب الحدث ،كلنا بأكثر بقاع الأرض سلاما ومسالمة ..أتدرون منبع سلامنا هو من السياسة الحكيمة ،بعد الوعي المتيقظ بأن عدونا الحقيقي هو اسرائيل بوصاية أمريكية، فهل نحن تغير على مسار حياتنا شيء ؟
لا ، و الدليل أننا نمارس حياتنا من صيام و تحضير الافطار و الزيارات العائلية ......الخ
فهل يكفينا الحزن ، الدعاء بأكف العجز ؟
رضينا بمفاهيم مسمومة أن السلاح والرصاص ،بأنها فقط تعبير فرح وقت الزفاف
وتناقلنا مفاهيمنا الموروثة ان السلاح ايضا هو للمباهاه ومن أعز المقتنيات الفردية.
السلاح ليس مدرجا بمفاهيمنا الموروثة بأي باب آخر ، فنحن لا نملك حرية توظيفه ، وعليه لم تطلبه فلسطين منا .ولم تطلب اعتصامات على باب السفارات الاسرائيلية والأمريكية بأي بلد عربي ، خاصة وأن تعابير البعض هناك سيزيد الأمور سوءاً ، ليتحول نتائج أي اعتصام بدلا ً من تلبية الارادة العامة يتحول إلى اشتباكات داخلية نحن لا نسعى لها كمبادرة أوحتى نتيجة مكتسبة .
فلا داعي للاعتصامات ولا داعي لأي مقالات، تجرؤوا بتوجيه القنوات أكثر وأكثر وجهوها لهدف واحد هو بث مسلسل من الواقع في غزة إلى أن تأتي الحلقة الأخيرة فيها و رغما عن الأبطال القردة .
رمضان هو الشهر المتناقض بالسعي ، كيف ؟
تجده فرصة عبادة عند بعض الناس ،و تارة تجده فرصة البعض لمتابعة التلفاز والتفرغ بالموعد على المسلسلات ، وعليه تجارة أصحاب القنوات قائمة بعرض بعض المسلسلات و غلاء أجور الممثلين ؛ فلتضمن القنوات رواج هذه التجارة ، اجعلوا بث قنواتكم على غزة فمضمون المشاهدة سيكون أعلى من أي مسلسل عربي ، والربحية المادية مضمونة أكثر، والربحية التي أسعى لها بمقالي هذا هي الادانة اليومية لأبطال الجريمة الانسانية ، وايقاف مجازرهم ، وحذرهم عند تنفيذ سعيهم بخطط الابادة .
حينها ستأخذ الادانة الدولية مجراها سريعا ، وبفضيحة تاريخية محكمة.
اطلقوا سراح عقل الاعلام العربي المرئي ، فالاعلام هو عقل جماهيري ،فاربطوا اعصاب العقل العربي الكبير ببعضه ، كي تكن عيونه بشكل أقرب وأصدق، و متابعة يومية من خلال توحيد الاعلام المرئي في رمضان ، فعدو أهلي هو عدوي ،و عدو ديني عدوي ، و عدو الانسانية عدوي،عدو الأطفال والضعفاء عدوي، عدو العزة والشرف عدوي ؛أليست كل هذه القناعات و الأحاسيس والسلوكيات حية موجودة فينا ونطبقها ؟!!
فهل كل ما جرى في شهر رمضان من هذا العام على أيدي أبطال من نسل القردة ، و لن نتفق اليوم بصريح التعريف عن اسم عدونا المشترك ؟
أليست أمريكا هي المركب الحاضن لنقل بيض اسرائيل
وهي الجفن الساهر لكل الدول المسالمة .
ولكن .........هل اعلامنا المرئي غير تابع لأمريكا ؟
فالجريمة مدعومة من أمريكا
والحرية غير مدعومة ، الحرية لا تطلب لأنها موجودة بطبيعة كل حر ، و مؤمن .
فهل بيننا مؤمنين ؟
واحرار؟