jo24_banner
jo24_banner

ماذا فعل الأردن من أجل غزة؟

نضال منصور
جو 24 : سواء اتفقت مع حماس أو اختلفت معها، فالأمر مختلف الآن، فما يحدث في غزة ليس صراعاً بين قوتين عسكريتين متكافئتين، إنما عدوان وحرب على شعب أعزل.
إسرائيل تقدم نفسها للعالم بأنها ضحية لصواريخ "حماس"، وتسعد وتطرب للإعلام الفلسطيني والعربي الذي يتحدث عن مخزون الصواريخ عند حماس والجهاد، وتوظفه عند الرأي العام العالمي للتدليل على ما تسميه "إرهاب" حماس، بدءاً من لغز اختطاف المستوطنين الثلاثة ومقتلهم، هذا إن صحت الرواية الإسرائيلية، وانتهاء بهذا العدوان الذي يحصد مئات الأبرياء ويعيد غزة 100 عام للوراء دون كهرباء وماء وطرقات.
في أسوأ الظروف الإقليمية التي يمر بها العالم العربي بدأت إسرائيل عدوانها على غزة، وهي تدرك تماماً العزلة التي تعيشها ليس حماس فقط، بل قضية فلسطين وسلطتها الفلسطينية، فحصاد سنوات الربيع العربي الماضية خلفت ويلات وصراعات أهلية.
يكفي أن تنظر لما يحدث في الحواضر العربية أو دول الثقل العربي، لتدرك حجم الكارثة واختلال التوازن العربي والإقليمي، فمصر تعيش أزمتها رغم سيطرة الرئيس السيسي على المشهد، وهو في حالة خصومة وصراع مع الإخوان المسلمين، وحكماً حماس طرف متهم ومرفوض ولا يتم التعاطي معه، وسورية لا يسيطر نظام الأسد على الأراضي السورية، وتنازعه السلطة تيارات دينية متشددة مثل "النصرة" و"داعش" بالإضافة الى المعارضة الممثلة بالائتلاف الوطني.
والحقيقة أن زمن الود بين حماس ونظام الأسد شهد طلاقاً بعد بدء الاحتجاجات الشعبية السورية، وامتدت تداعيات هذا الطلاق للعلاقة بين حزب الله وحماس، والتي شهدت بدورها قطيعة.
بالتوازي مع ذلك فإن السعودية قررت اعتبار جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية، وهو ما وسع حجم العداء والعزلة لحماس وزاد من حالة ضعفها، ولم يتبق من أبواب مفتوحة سوى الدوحة بعد أن أقفلت بوابة طهران بسبب الموقف الحمساوي من النظام السوري.
إذن لا بواكيَ لحماس في النظام العربي، وحتى في الأردن فإن حالة الفتور مع الإخوان المسلمين تُلقي بظلالها حتماً على العلاقة مع حماس.
ضمن هذه الأجواء والمعادلات بدأت اسرائيل عدوانها وماتزال، فمحور دول "الممانعة" يعيش حالة انهيار، وقدرة حماس على التحرك والاتكاء على هامش العلاقة المميزة مع المصريين، وتحديداً إبان حكم مبارك ومن بعده الرئيس مرسي، والدور الذي كانت تلعبه المخابرات المصرية بقيادة عمر سليمان قد اختفى، ولذلك فإن قوة الردع العربية دبلوماسياً مشلولة أو مجمدة ولم تحرك ساكناً.
وحتى لا نغرق في تحليل المعادلات العربية، فمن الأولى أن نتوقف عند الوضع الأردني، فالدبلوماسية الأردنية، عدا بيان الإدانة الذي صدر عن الحكومة، لم تفعل شيئاً حتى الآن، فنحن مثلا لم نستدع السفير الأردني في تل أبيب حتى للتشاور، والأهم وهو ما اعتبر انتصاراً في حينه أننا ممثل المجموعة العربية في مجلس الامن، وحتى الآن لم نلمس حركة دبلوماسية قوية تحشد لاتخاذ إجراءات وتدابير لوقف هذا العدوان على شعبنا الفلسطيني في غزة. كان جديراً بوزير خارجيتنا الدبلوماسي المخضرم ونحن عضو في مجلس الأمن أن يكون في نيويورك الآن ليثبت قدرتنا وتأثيرنا على الحشد للقضايا العربية، خاصة وأن ممثلنا في نيويورك الأمير زيد أصبح مفوضاً لحقوق الإنسان للأمم المتحدة، وهذا أيضاً اختبار مبكر له للدفاع ليس في قضايا سياسية، ولكن في جرائم حرب وإبادة تحدث في غزة.
وللأسف فإن هذا الدور الذي كنا ننتظره ونراهن عليه في مثل هذه الظروف لم نقم به كما يجب، ونتمنى إن لم يفت الوقت أن نتحرك، فما يزال الدم يراق في شوارع غزة.
حالة من الصمت العربي والتواطؤ يدفع ثمنها شعب أعزل في غزة، حتى بيانات الإدانة والشجب وجمع التبرعات والتظاهرات في المدن العربية في أسوأ حالاتها، وما تشهده العواصم الغربية من مساندة واعتراض على العدوان أفضل من الحالة العربية.
إسرائيل ترتكب بالمعايير الحقوقية جرائم حرب في غزة، وقد فعلتها من قبل مراراً ولم يلاحقها أحد، ومن المجدي أن يدرس الأردن وبالاتفاق مع السلطة الفلسطينية إمكانية ملاحقة إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية، ويمكن التنسيق مع المؤسسات الحقوقية مثل منظمة العفو الدولية، وهيومن رايتس واتش ومحامين في الدول الغربية المهتمين في هذه القضية.
ربما لا ننجح في جلب إسرائيل للمحكمة بسبب اختصاصات المحكمة، والجهة التي تستطيع التحرك، ومكان وقوع الجريمة، إلا أن التحرك الحقوقي مهم لمحاصرة إسرائيل، ووسمها بالإرهاب بدلا من تخصصها في اتهام الاخرين، ويكفي أن نتذكر كم كان مرعباً لها ملاحقة بعض الوزراء الاسرائيليين في جرائم حرب في بعض الدول الأوروبية؟!
(الغد)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير