غزة بين صوت الصهينة وصوت الهزيمة وصوت الشبيحة
ياسر الزعاترة
جو 24 : في معمعة الحرب على غزة، يمكن القول إن أصواتا كثيرة قد برزت خلال الأيام الخمسة الماضية، لعل أعلاها دون شك، والذي لم نضعه في العنوان، هو صوت غالبية جماهير الأمة التي انحازت إلى الدماء الطاهرة في قطاع غزة، والتي شعرت بالكثير من العزة والفخار بسبب ملحمة البطولة التي تسطرها المقاومة هناك، والتي وضعت 5 ملايين إسرائيلي رهن الملاجئ، وكلفته مليارات الدولارات من الخسائر، إلى جانب الخسائر البشرية (ولو كانت محدودة إلى الآن) رغم أنه يواجه مساحة محدودة من الأرض محاصرة من البر والبحر والجو.
هذا هو ضمير الأمة الحقيقي الذي ما ضيّع البوصلة يوما، إذ بقيت تشير إلى القدس وفلسطين، وهو الضمير الذي ينحاز لدماء الشهداء، في ذات الوقت الذي يفتخر بالبطولة والعطاء كما يتجسد في مقاومة حماس ومن حولها من الفصائل التي كانت تصل الليل بالنهار في الإعداد بكل وسيلة ممكنة، بينما كان الآخرون يستمتعون بالتنسيق الأمني مع العدو.
في المقابل برزت في المعمعة أصوات أخرى ذكرناها في المقدمة، وفي مقدمتها أصوات الصهينة كما عكس بعضها الإعلام المصري الذي شمت بغزة وأهلها؛ وبحماس على وجه الخصوص، ووصل الحال ببعضها حد الدعاء بأن يمكّن الله نتنياهو من رقاب قادتها، ومثل هذه الأصوات، وإن كانت معزولة، إلا أنها تعبر عن جرأة ووقاحة ما كان لها أن تظهر في دول عديدةلولا شعورها بتوفر أجواء سياسية داعمة، تتمثل في انحياز أنظمة معروفة ضد حماس، ومجمل الحالة الإسلامية، والمصيبة بطبيعة الحال أن مثل هذه الأصوات لا زالت تتوفر في مواقع التواصل من خلال مرتزقة توظفهم الأنظمة من أجل بث الوهن والصهينة في الأمة.
أصوات الهزيمة لون آخر، وهي تتمثل في أقوام لا زالوا يتحدثون عن كلفة المقاومة، وعن أن حماس هي السبب في العدوان، وأن أسرها للمستوطنين وقتلهم كان خطأ.
أمثال هؤلاء لا يقرؤون التاريخ، ولا يعرفون الحرية، ولو فعلوا لأدركوا أن كلفة المقاومة كانت دائما أكبر بكثير من خسائر الاحتلال في كل التجارب، من فيتنام إلى الجزائر، وصولا إلى مقاومة الاحتلال الأمريكي للعراق، لكن كلفة الاستسلام كانت دائما أكبر، ولو قبلت الشعوب الحرة بهذا المنطق المهزوم لما قاومت في أي يوم، ولقبلت بالمحتل وعاشت في كنفه.
لم تعلن حماس الحرب على الصهاينة من قطاع غزة، وهي تدرك أن من الصعب عليه فعل ذلك منفردا في ظل الحصار الذي يتعرض له من البر والبحر والجو، وإن كان بوسعه أن يكون قاعدة للمقاومة حين يلتحم بها كل أبناء الشعب، لكن ذلك لا يعني أن تستسلم حماس للعدو ولا ترد على العدوان، وما جرى في الضفة (استهداف المستوطنين) لم يكن خطأ بحال، بل يجب أن يتواصل في مواجهة خط الاستسلام.
حين يمضي نتنياهو في برنامج تركيع حماس، والمقاومة، فيجب الرد عليه. والشعوب لا تكون مهزومة ما دامت تقاوم، ولذلك يجب أن تستمر المقاومة، وحتى لو توقفت، فهي تفعل ذلك ضمن تقدير موقف تراه، وليس في ظل مزاج استسلام، بل إنها تواصل الإعداد من أجل جولة أخرى كما كانت تفعل حماس طوال السنوات الماضية، وهو ما أهّلها لخوض مواجهات كبيرة باقتدار؛ هذه الأخيرة هي الثالثة من بينها.
النوع الثالث من أصوات البؤس هي تلك التي جاءت من لدن شبيحة بشار والتحالف الإيراني، والتي ما فتئت تخرج كل بضع دقائق في وسائل الإعلام ومواقع التواصل لتذكّر الناس بأن هذه الصواريخ التي تطلقها حماس هي من إيران ومن النظام السوري.
هؤلاء لا يقلون بؤسا عن الأصوات الأخرى، ليس فقط لأنهم يريدون سرقة الأضواء ممن يقدمون التضحيات، متجاهلين أن من يطلقون الصواريخ ويتحملون الكلفة هم الأبطال وليس أحدا آخر، بل أيضا لأنهم يريدون استخدام ما يجري في سياقات سياسية بائسة.
قبل توضيح الحقائق، فإن ما ينبغي التذكير به ابتداءً هو أن هذه الأصوات كانت ولا زالت طوال 3 سنوات تتحدث عن ترك حماس للمقاومة، وأنها أصبحت جزءا من تيار الانبطاح العربي، وأنها وأنها؛ إلى غير ذلك من الكلام الفارغ الذي يردده حزبيون وطائفيون وشبيحة من ألوان شتى يجمعهم الولاء لإيران وحلفها.اليوم، ينقلب هؤلاء ويبشرون بالمقاومة، ولكن في سياق من تحويل إنجازها وبطولتها لبشار وإيران، ما يستدعي بعض التوضيح.
ما ينبغي قوله هو أن إيران لم تقدم شيئا مذكورا لحماس خلال العامين الماضيين (قدمت لحركة الجهاد)، وما قدمته لحماس سابقا تم استخدام أكثره في معركة 2012، أما ما يستخدم الآن فأكثره من تصنيع محلي بشهادة مسؤول الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق (عاموس يدلين) في مقاله بصحيفة “يديعوت أحرونوت” يوم الجمعة (لا شك أنه تصنيع استفاد مما قدمته إيران سابقا)، أما الجزء الآخر، فهو مما جرى تهريبه من ليبيا بعد سقوط القذافي، مع وجود مصادر أخرى.
نعود إلى القول إننا لا ننكر، ولم ننكر يوما ما قدمته إيران، وحتى النظام السوري للمقاومة في فلسطين، لكن ذلك لا يعني بأية حال أنه سيغفر قتل شعب خرج يطالب بحريته، وهو أكثر انحيازا للمقاومة والممانعة من كل أنظمة الدنيا، بل إن قمعه بتلك الدموية والبشاعة يمثل جريمة لا يمكن أن تغسلها أية فضيلة أخرى مهما كانت.
(الدستور)
هذا هو ضمير الأمة الحقيقي الذي ما ضيّع البوصلة يوما، إذ بقيت تشير إلى القدس وفلسطين، وهو الضمير الذي ينحاز لدماء الشهداء، في ذات الوقت الذي يفتخر بالبطولة والعطاء كما يتجسد في مقاومة حماس ومن حولها من الفصائل التي كانت تصل الليل بالنهار في الإعداد بكل وسيلة ممكنة، بينما كان الآخرون يستمتعون بالتنسيق الأمني مع العدو.
في المقابل برزت في المعمعة أصوات أخرى ذكرناها في المقدمة، وفي مقدمتها أصوات الصهينة كما عكس بعضها الإعلام المصري الذي شمت بغزة وأهلها؛ وبحماس على وجه الخصوص، ووصل الحال ببعضها حد الدعاء بأن يمكّن الله نتنياهو من رقاب قادتها، ومثل هذه الأصوات، وإن كانت معزولة، إلا أنها تعبر عن جرأة ووقاحة ما كان لها أن تظهر في دول عديدةلولا شعورها بتوفر أجواء سياسية داعمة، تتمثل في انحياز أنظمة معروفة ضد حماس، ومجمل الحالة الإسلامية، والمصيبة بطبيعة الحال أن مثل هذه الأصوات لا زالت تتوفر في مواقع التواصل من خلال مرتزقة توظفهم الأنظمة من أجل بث الوهن والصهينة في الأمة.
أصوات الهزيمة لون آخر، وهي تتمثل في أقوام لا زالوا يتحدثون عن كلفة المقاومة، وعن أن حماس هي السبب في العدوان، وأن أسرها للمستوطنين وقتلهم كان خطأ.
أمثال هؤلاء لا يقرؤون التاريخ، ولا يعرفون الحرية، ولو فعلوا لأدركوا أن كلفة المقاومة كانت دائما أكبر بكثير من خسائر الاحتلال في كل التجارب، من فيتنام إلى الجزائر، وصولا إلى مقاومة الاحتلال الأمريكي للعراق، لكن كلفة الاستسلام كانت دائما أكبر، ولو قبلت الشعوب الحرة بهذا المنطق المهزوم لما قاومت في أي يوم، ولقبلت بالمحتل وعاشت في كنفه.
لم تعلن حماس الحرب على الصهاينة من قطاع غزة، وهي تدرك أن من الصعب عليه فعل ذلك منفردا في ظل الحصار الذي يتعرض له من البر والبحر والجو، وإن كان بوسعه أن يكون قاعدة للمقاومة حين يلتحم بها كل أبناء الشعب، لكن ذلك لا يعني أن تستسلم حماس للعدو ولا ترد على العدوان، وما جرى في الضفة (استهداف المستوطنين) لم يكن خطأ بحال، بل يجب أن يتواصل في مواجهة خط الاستسلام.
حين يمضي نتنياهو في برنامج تركيع حماس، والمقاومة، فيجب الرد عليه. والشعوب لا تكون مهزومة ما دامت تقاوم، ولذلك يجب أن تستمر المقاومة، وحتى لو توقفت، فهي تفعل ذلك ضمن تقدير موقف تراه، وليس في ظل مزاج استسلام، بل إنها تواصل الإعداد من أجل جولة أخرى كما كانت تفعل حماس طوال السنوات الماضية، وهو ما أهّلها لخوض مواجهات كبيرة باقتدار؛ هذه الأخيرة هي الثالثة من بينها.
النوع الثالث من أصوات البؤس هي تلك التي جاءت من لدن شبيحة بشار والتحالف الإيراني، والتي ما فتئت تخرج كل بضع دقائق في وسائل الإعلام ومواقع التواصل لتذكّر الناس بأن هذه الصواريخ التي تطلقها حماس هي من إيران ومن النظام السوري.
هؤلاء لا يقلون بؤسا عن الأصوات الأخرى، ليس فقط لأنهم يريدون سرقة الأضواء ممن يقدمون التضحيات، متجاهلين أن من يطلقون الصواريخ ويتحملون الكلفة هم الأبطال وليس أحدا آخر، بل أيضا لأنهم يريدون استخدام ما يجري في سياقات سياسية بائسة.
قبل توضيح الحقائق، فإن ما ينبغي التذكير به ابتداءً هو أن هذه الأصوات كانت ولا زالت طوال 3 سنوات تتحدث عن ترك حماس للمقاومة، وأنها أصبحت جزءا من تيار الانبطاح العربي، وأنها وأنها؛ إلى غير ذلك من الكلام الفارغ الذي يردده حزبيون وطائفيون وشبيحة من ألوان شتى يجمعهم الولاء لإيران وحلفها.اليوم، ينقلب هؤلاء ويبشرون بالمقاومة، ولكن في سياق من تحويل إنجازها وبطولتها لبشار وإيران، ما يستدعي بعض التوضيح.
ما ينبغي قوله هو أن إيران لم تقدم شيئا مذكورا لحماس خلال العامين الماضيين (قدمت لحركة الجهاد)، وما قدمته لحماس سابقا تم استخدام أكثره في معركة 2012، أما ما يستخدم الآن فأكثره من تصنيع محلي بشهادة مسؤول الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق (عاموس يدلين) في مقاله بصحيفة “يديعوت أحرونوت” يوم الجمعة (لا شك أنه تصنيع استفاد مما قدمته إيران سابقا)، أما الجزء الآخر، فهو مما جرى تهريبه من ليبيا بعد سقوط القذافي، مع وجود مصادر أخرى.
نعود إلى القول إننا لا ننكر، ولم ننكر يوما ما قدمته إيران، وحتى النظام السوري للمقاومة في فلسطين، لكن ذلك لا يعني بأية حال أنه سيغفر قتل شعب خرج يطالب بحريته، وهو أكثر انحيازا للمقاومة والممانعة من كل أنظمة الدنيا، بل إن قمعه بتلك الدموية والبشاعة يمثل جريمة لا يمكن أن تغسلها أية فضيلة أخرى مهما كانت.
(الدستور)