جغرافيا بلا قلب
لقمان اسكندر
جو 24 : هناك.. أعني حيث الغيمة السوداء تهبط فجأة على باب مدرسة أطفال في صباح يوم تموزيّ، لتصرخ في وجه الصغار أن لا متسع في الحرب للطفولة. صاروخ يدوي في سماء الكراهية ثم ينفجر في وجه البراءة حقدا.
هناك.. أعني في غزة، حيث الموت على بعد طفلين. موت وبكاء وبقايا صاروخ ذابت بعض شظاياه في جسدين صغيرين لم يكملا عامهما الثاني بعد. طفلان من خجل، وُعدا أنهما لبعضهما البعض. "سلمى لأحمد وأحمد لسلمى".
هناك.. أعني غزة، حيث الموت ينام على السرير، وعلى الرصيف، وعلى الطريق، وبالقرب من باب مدرسة تخلت هذا العام عن حصة التعليم فيها، لتصبح منازل نهارا ومقابر ليلا.
هناك، شيء من الموت معلّق على رقبة صاروخ أعمى، هوى على رأس عجوز، كانت مشغولة بجمع ما تبقى من أشلاء شابة في العشرين من حصارها.
لا يتمنى القطاع، أعني حيث غزة، تلك المستطيل العنيد، أن يرحل شمالا حيث أمريكا اللاتينية، إنه يصر أنه من هنا.
كما لا يتمنى القطاع أن يمتلك القدرة على التحدث بالإسبانية، ويصرّ أن له لغته الممتدة حتى آخر حرف قرآني متين. على أنه يدرك – أن لسانه سيكون أكثر عزا لو أفاق يوما على شاطئ سوى بحر العرب.
لا شيء أكثر بطشا من جغرافيا بلا قلب. ولا بطش أكثر دموية من أن تجاور تيها يتحدث بدراجة فرعونية، لا تكاد تُبين. إنها دكتاتورية الجغرافيا، حيث لا مكان للانسانية فيها، ولا انسانية للجغرافيا هناك.
وأنت تجاور ما لا يُجاور، سيكون عليك إذاً أن تتوقع ما لا يتوقع. هنا، بأمكانك أن تنظر الى المسألة على هذا النحو: أن تتحول الأهرامات العملاقة فجأة إلى أقزام برؤوس قطط أليفة، وأن تصبح حجارتها من ورق، وأن يمسي نيلها فجأة ومن دون أي منطق إلى سيل لا ينتهي من الشتائم.
لن يسعفك وقتها حتى عقل انشتاين لتجيب بشيء من المنطق على هذه السؤال المعقد، كما يبدو: لماذا؟ لماذا يا بشر هذا الدم المذبوح بلا طائل سوى انه يشعر بأن من حقه أن يسير في شرايينه، كما تفعل باقي الدماء.
عندها فقط، ربما ستتمنى لو كانت الاهرامات لاتينية.
هناك.. أعني في غزة، حيث الموت على بعد طفلين. موت وبكاء وبقايا صاروخ ذابت بعض شظاياه في جسدين صغيرين لم يكملا عامهما الثاني بعد. طفلان من خجل، وُعدا أنهما لبعضهما البعض. "سلمى لأحمد وأحمد لسلمى".
هناك.. أعني غزة، حيث الموت ينام على السرير، وعلى الرصيف، وعلى الطريق، وبالقرب من باب مدرسة تخلت هذا العام عن حصة التعليم فيها، لتصبح منازل نهارا ومقابر ليلا.
هناك، شيء من الموت معلّق على رقبة صاروخ أعمى، هوى على رأس عجوز، كانت مشغولة بجمع ما تبقى من أشلاء شابة في العشرين من حصارها.
لا يتمنى القطاع، أعني حيث غزة، تلك المستطيل العنيد، أن يرحل شمالا حيث أمريكا اللاتينية، إنه يصر أنه من هنا.
كما لا يتمنى القطاع أن يمتلك القدرة على التحدث بالإسبانية، ويصرّ أن له لغته الممتدة حتى آخر حرف قرآني متين. على أنه يدرك – أن لسانه سيكون أكثر عزا لو أفاق يوما على شاطئ سوى بحر العرب.
لا شيء أكثر بطشا من جغرافيا بلا قلب. ولا بطش أكثر دموية من أن تجاور تيها يتحدث بدراجة فرعونية، لا تكاد تُبين. إنها دكتاتورية الجغرافيا، حيث لا مكان للانسانية فيها، ولا انسانية للجغرافيا هناك.
وأنت تجاور ما لا يُجاور، سيكون عليك إذاً أن تتوقع ما لا يتوقع. هنا، بأمكانك أن تنظر الى المسألة على هذا النحو: أن تتحول الأهرامات العملاقة فجأة إلى أقزام برؤوس قطط أليفة، وأن تصبح حجارتها من ورق، وأن يمسي نيلها فجأة ومن دون أي منطق إلى سيل لا ينتهي من الشتائم.
لن يسعفك وقتها حتى عقل انشتاين لتجيب بشيء من المنطق على هذه السؤال المعقد، كما يبدو: لماذا؟ لماذا يا بشر هذا الدم المذبوح بلا طائل سوى انه يشعر بأن من حقه أن يسير في شرايينه، كما تفعل باقي الدماء.
عندها فقط، ربما ستتمنى لو كانت الاهرامات لاتينية.