jo24_banner
jo24_banner

السوداني ابن السبيل المنبوذ!

حلمي الأسمر
جو 24 :
كم هي محيرة ومؤلمة تلك الرسالة التي وصلتني منذ أيام من ذلك الصحفي السوداني، التائه في شوارع قاهرة المعز، وكم قهرتني، رغم ما بي من قهر على أهلي في غزة العز والكرامة والجرح البليغ، في البداية أصبت بالصدمة، وحين صحوت حسبت صاحب الرسالة من أولئك النفر من الناس الذين يستجدون الناس نصبا واحتيالا عبر شبكة الإنترنت، ولكن بعد مراسلات وتقص أدركت أي هم وغم يعيشه «ابن السبيل» الذي تقطعت على رؤوسه كل السبل، ولكم في النهاية الخيار، أعزائي القراء أن تصدقوا الحكاية أم لا، فإن صدقتموها وكنتم من أهل الاستطاعة، فأناشدكم الله أن تلقوا لهذا الغريق بحبل نجاة، مع علمي الأكيد أن لدى كل منا ما يشغله، ولكن ذلك «الزميل» الصحفي لا شيء يشغله، وكل شيء يشغله، لأنه تائه في شوارع قاهرة المعز، يسأل الناس «إلحافا» ولا يجد منهم غير الصدود!
باختصار شديد، نزل صاحبنا القاهرة، لإكمال دراساته العليا، ولكن - كما يحصل في الأفلام- سُرق صاحبنا فور هبوطه الأرض، التي تمنى أن تبتلعه فيما بعد، لأن أحدا لم يمد له يد المساعدة، ابتداء من سفارته في القاهرة، ووصولا إلى لجان الزكاة في المساجد، مرورا بنقابة الصحفيين ووزارة الأوقاف، والأزهر الشريف، وما لا يحصى من أبواب طرقها الأخ التائه، فلم ينفتح له منها شيء، إلى أن خطر بباله مراسلتي ربما بحكم الزمالة في المهنة، وهو على شبه يقين أنني لن أرد على رسالته، بعد أن اعتاد على صم الآذان، وأقتطف من رسائل صاحبنا هذا المقطع، لعل فيه ما يصف حاله بدقة: فذهبت إلى –المساجد- مخاطباً المصلين عقب الفرائض .. بل، أوقفت –المارة / بالطرقات- أسألهم إلحافا -ما أسد به رمقي- أي «امتهنت التسول لدرجة التوسل - لكي أقتات !!» .. لأظل و - لعام وأشهر - في هذه الحالة – والعار وصمتي- وأنا «أنام على الطرقات – ملتحفاً الأرض والسماء غطائي / مع زخات المطر ولسعات الشتاء وزمهرير الصيف، أرتدي طقم ملابس واحد / أقلمته علي وتأقلمت معه متأقلمين مع عوامل المناخ : بنظام غذائي غير مكافئ لحاجة الجسم- !!» .. حتى وصلت مرحلة قلت «متى نصر الله» فما هو الحل إذاً ؟؟ إن الحل الجذري هو ترتيب أوبتي لبلدي الحبيب وأكون بذلك ابتعدت عن ظلمي للغير حينما أواسي نفسي بقول بشار بن برد «لقد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي .. ولو نار نفخت بها أضاءت .. ولكن أنت تنفخ في رماد» .. نعم ،، لقد صرفت النظر نهائياً عن –درجة الماجستير- التي كانت غايتي .. بعد أن قضيت –نصف المدة- التي خصصتها للدراسات العليا بتصوري .. وصرفت النظر أيضاً عن –علاج الكلى- الذي باعد بيني وبين الركن الرابع في الإسلام .. وقررت -الأوبة إلى بلدي- وهي التي أضحت في الترتيب بعد الغول والعنقاء والخل الوفي –أي من رابع المستحيلات- لكن ،، العشم يحدونني أن «أستقبل منكم –رسالة على بريدي هذا / أو مهاتفة على رقم هاتفي الجوال (00201158555909) - متقصين فقط إن كنت زميل مهنة لكم كما زعمت أم محتالا إلكترونيا !!» .. وأنا الذي حرصت لأرفق لكم –ما يفند زعمي- وفي الحسبان «أن الحال قد يكون مشابهاً للحد البعيد !!» .. ألا أن التفاؤل يجعلني محسناً للظن بكم في أن –تخاطبوا أي من زملائكم ، تلامذتكم ، أصدقائكم أو معارفكم الإقليميين كانوا أم المحليين- حتى ولو دعا الداعي لنشره –في إحدى مقالاتكم الرصينة- بشرط -التحفظ على اسمي- لحسابات جمة وأنتم أدرى بها مني .. عساي أجد من يقف بجانبي!
وها أنذا أفعل، وانتظر من يقف مع ابن السبيل هذا، لعل الله يقف معنا!

الدستور
تابعو الأردن 24 على google news