الخيطان: هل عبدالهادي المجالي وحده من يستحق المحاكمة؟
كتب الزميل فهد الخيطان مقالا في صحيفة الغد حول توقيف الكاتب عبد الهادي راجي المجالي في سجن ماركا الأحد الماضي، بتهمة إفشاء أسرار غير مشروعة.
وتساءل الخيطان في مقاله عن سلوك المسؤولين أنفسهم الذين لا تغضبهم تجاوزات لا تحصى على الدولة، لكنهم على استعداد لخوض المعركة إذا ما تعلق الأمر بهم شخصيا، انتقاما لكرامتهم ليس إلا.
وأكد أن المجالي يجب أن لا تتم محكامته وفق قانوني العقوبات والاتصالات كونه صحفي يحاسب وفق قانون المطبوعات والنشر.
وأضاف: " ما جرى مناسبة للتأمل في السياق العام لسلوك الدولة ونهجها حيال من يحسبون عليها في كل الحقول. وعليه فهل عبدالهادي راجي المجالي وحده من يستحق المحاكمة على ما حصل؟".
وتاليا نص المقال:
قبل أن نختلف أو نتفق مع ما كتبه الزميل عبدالهادي راجي المجالي على موقع "فيسبوك"، وما يكتبه من آراء مثيرة للجدل في "الرأي"، ينبغي القول أولا إن توقيف المواطنين؛ صحفيين أم سواهم، في قضايا النشر، يعد اعتداء على حرية التعبير التي كفلها الدستور وقانون المطبوعات والنشر.
المجالي صحفي وعضو في نقابة الصحفيين، ويتعين محاكمته وفق قانون المطبوعات والنشر، وليس "العقوبات" أو "الاتصالات". والتوقيف قبل صدور حكم قضائي محل رفض عام، وقد أكد على ذلك بوضوح نقيب الصحفيين الزميل طارق المومني في تصريحاته أمس.
ولقضية المجالي بعد آخر، لا بل أبعاد يلزم التوقف عندها خارج سياق الإجراءات القضائية التي لا يحق التدخل فيها.
حالة عبد الهادي وسواه من زملاء نسجوا علاقات قوية وخاصة مع مؤسسات في الدولة ومسؤولين كبار، تستحق التأمل لقراءة وتفسير سلوك الدولة تجاههم.
يقدم الصحفيون على مثل هذه العلاقات لاعتبارات مختلفة؛ بعضهم لمصالح شخصية، وبعضهم الآخر لقناعة بضرورة دعم الدولة وخدمة مؤسساتها بالمفهوم الوطني للخدمة. والمسؤولون الأردنيون كانوا على استعداد دائما للمزج بين البعدين؛ فمن يساند الدولة في سياساتها يحظى بكرمها، سواء كان على شكل هبات أو سيارات أو مناصب وخدمات.
وهكذا على مدار عقود، تكرس تقليد أصيل في علاقة الدولة ليس مع صحفيين فقط، بل سياسيين ووجهاء، وسواهم من نخبة المجتمع. علاقة دفع ثمنها في أحيان كثيرة من اعتقدوا أنهم يخدمون الدولة، ومن أقنعتهم الدولة أن ما يحصلون عليه من امتيازات هو حق شرعي لهم.
عبدالهادي راجي المجالي دخل هذا الحقل الشائك بكل تعقيداته: أعطى وأخذ، وخاض معارك كثيرة دفاعا عن سياسات الدولة، وخاصم حكومات، وأحيانا شخصن خلافاته.
تقرب منه مسؤولون كثر، وعمل مستشارا للعديد منهم، وعند أول هفوة بحقهم صار لازما أن يدفع الثمن.
لا نعلم بعد إن كان عبدالهادي المجالي سيُدان بالتهمة المنسوبة إليه "إفشاء أسرار الدولة". لكننا في كل الأحوال نؤمن بنزاهة القضاء الأردني، وباحترافية جهاز الادعاء العام.
والأسرار التي أفشاها المجالي صارت معروفة، بعد ما نسب إليه من معلومات وردت على صفحته الخاصة على موقع "فيسبوك". بالنسبة لقطاع عريض من الناس، ما كان بالإمكان معرفة ما يدور خلف الكواليس بخصوص تلك الفترة لو لم ينشر عبدالهادي تلك المعلومات. هل في ذلك العمل خدمة للرأي العام؟ السؤال مطروح لمقاربة القضية من زاوية ثانية غير زاوية القانون.
لكن ما حصل مع الزميل المجالي وزملاء آخرين من قبل، هو مناسبة للتأمل في السياق العام لسلوك الدولة ونهجها حيال من يحسبون عليها في كل الحقول.
ثمة حاجة أيضا لفهم سلوك المسؤولين أنفسهم الذين لا تغضبهم تجاوزات لا تحصى على الدولة، لكنهم على استعداد لخوض المعركة إذا ما تعلق الأمر بهم شخصيا، انتقاما لكرامتهم ليس إلا.
في البال سؤال: هل عبدالهادي راجي المجالي وحده من يستحق المحاكمة على ما حصل؟
الجواب يعفينا من نقاشات لا طائل منها، وتفاصيل قانونية تبدو ثانوية في المشهد.