jo24_banner
jo24_banner

تخبيص وتملق!

حلمي الأسمر
جو 24 : وردتني قبل أيام الرسالة التالية، سأنشرها كما هي، راجيا من زميلي المحرر إبقاءها كما هي، بكل ما تحتويه من أخطاء، إملائية أو لغوية: (السيد حلمي الأسمر المحترم، لك كل الاحترام والتقدير دوما، من خلال قرائتي لمقالاتك في الآونة الأخيرة ألاحظ بانه الكبر على ما يبدو بلش يوثر نوعا ما في موازنتك للامور ,فتارتا تتملق بخصوص امور تمس بلدنا الحبيب الاردن لا بل تذهب إلى تاييد وجهات نظر لاؤناس ياكلون من خير البلد ويغردون خارج السرب علما بان البلد هو من أواهم واحتضنهم بالوقت الذي تخلى عنهم الجميع وتارتا تجيء لنا بنظريات وتوقعات وتحاول اثباتها بكافة السبل والمؤيدات لاثبات صحتها وكأن القارئ اطرش او أعمى وعليه أن يأخذ بنظرياتك وارقامك وتحليلاتك الكل يتمنى اليوم قبل غد زوال الاحتلال الجاثم على قلوبنا وزواله لكن ارحمنا شوي بلشت تخبص وبطل الواحد يحس بانه فيه واقعية بالمقالات وانك تحلق فوق الارض بالله عليك يا رجل تكون واقعي شوي وشوية منطقية بموازنة الامور وليحفظ الله الاردن ويحمي كل من يعيش على ارض الاردن والله يحميك ويخليك لاولادك والله لا أتمنى إلى ان يكون كل من يعيش في بلدي الحبيب الاردن في احسن حال وان يكون مرتاحا وفي عيش رغد وهنيئ.)
انتهت الرسالة، ولا أريد أن أتوقف كثيرا عند ما حوته من أخطاء فاحشة، من حيث اللغة، فقط أردت أن أبقيها كما هي، لنعلم على سبيل المثال، ما حلَّ بلغتنا، لغة القرآن، والتدهور الفظيع الذي ألمَّ بها!
سأتوقف أمام نقطتين فقط، الأولى، القصة المكرَّرة عن «الأناس الذين يأكلون من خير البلد» ويغردون خارج السرب، والعتبُ هنا أنني «أتملقهم» ولا أدري على وجه التحديد من قصد أخي كاتب الرسالة، إلا أنني ما أعرفه ويعرفه قرَّائي الأحبة، أنني لا أتملق أحدا، بل أعبر عن وجهة نظر أؤمن بها، ومن «تملقتهم» في الآونة الأخيرة -كما أذكر- هم الإسلاميون، سواء أكانوا في الأردن أو في غزَّة، والتملق يعني كما يعرفه علماء اللغة، هو كما يلي:
تَمَلَّق ، تملُّقًا ، فهو مُتملِّق ، والمفعول مُتملَّق تَمَلَّقَ رَئِيسَهُ أَوْ تَمَلَّقَ لَهُ : تَوَدَّدَ إلَيْهِ طَمَعاً فِيهِ ، تَذَلَّلَ لَهُ تَمَلَّقَ اللَّحْمَ بِفَمِهِ: مَضَغَهُ تملَّق الشَّخصَ / تملَّق للشَّخص : مَلِقَه ؛ تودّد إليه وليَّن كلامَه وتذلّل وأبدى له من الودّ ما ليس في قلبه، تضرّع له فوق ما ينبغي، داهنه، وكل هذه المعاني لا تنطبق عليَّ، فليس لي مصلحة لا عند من أنا متهم بتملقه، ولا عند أحد من العالمين، ومن له شيء عندي فليأخذه، ولا نخشى في الله لومة لائم، فمن أيدت مواقفهم ليسوا رؤسائي، بل هم جزء من هذه الأمَّة، لهم رأي أحترمه، أختلف معه حينا، وأحيانا نتفق، أما مجاهدو غزَّة، من حماس تحديدا، الذين عناهم كاتب الرسالة، بقوله إنهم أكلوا من خير البلد، فالخير خير الله، وليس لدي علم بأن هذا البلد أو غيره يوزع خيرا على أحد، دون مقابل، ومن أكل من هذا الخير أو ذاك، فقد أكله بجدِّه واجتهاده وجهده، وفي النهاية هذه نغمة مرفوضة وممجوجة، فهذه بلاد مقدَّسة، معطاءة، جزء من أرض الله، تستقبل من تشاء بقدر الله ومشيئته، يأكلون ويشربون من حرِّ مالهم، ولا يتسولون، وليس لأحد من فضل على أحد، وحتى حينما اختلفت الآراء مع من عناهم صاحب الرسالة، طردوا من البلد ، فلا مجال من بعد لمنٍّ أو أذى، وفي المحصلة، فهؤلاء يدافعون عن كرامتنا جميعا، وهم وحدهم من يلحق الأذى بالعدو الصهيوني، والاعتراف بفضلهم أبعد ما يكون عن التملق!
المسألة الثانية، التي عناها كاتب الرسالة حينما قال، إن «الكِبَر» بدأ يؤثر عليَّ، وأنني بدأت «أخبص» فلا أريد أن أقول كثيرا في تعقيبي عليها، فما فعلته أنني عرضت دراسات معروفة في علم المستقبليات، قامت بها مؤسسات استخبارية بحثية على جانب كبير من المهنية، فإن اعتبر كاتب الرسالة أن هذا هو نوع من «التخبيص» فليأتنا بما لديه من علم محكم، ورأي حصيف حتى نتملقه، ونحتفي به، والسلام!

الدستور
تابعو الأردن 24 على google news