jo24_banner
jo24_banner

في إسرائيل.. قتلة محترفون!

حلمي الأسمر
جو 24 : نحن نعرفهم جيدا، واحدا واحدا، أولئك القتلة الذين يجلسون فوق أرضنا المحتلة، من الماء للماء، وكيف قامت «دولتهم» المسخ، ولماذا، فقط للتذكير، لمن لا يمتلك ذاكرة، أو لمن انخرط في «آلتهم» فتحول إلى واحد منهم، نستذكر شيئا من التاريخ القريب جدا!

مؤتمر كامبل بنرمان، هو مؤتمر انعقد في لندن عام 1905 واستمرت جلساته حتى 1907، بدعوة سرية من حزب المحافظين البريطانيين يهدف إلى إيجاد آلية تحافظ على تفوق ومكاسب الدول الاستعمارية إلى أطول أمد ممكن. وقدم فكرة المشروع لحزب الأحرار البريطاني الحاكم في ذلك الوقت. وضم الدول الاستعمارية في ذاك الوقت وهي: بريطانيا، فرنسا، هولندا، بلجيكا، اسبانيا، إيطاليا، إلى جانب كبار علماء التاريخ والاجتماع والاقتصاد والزراعة والجغرافيا والبترول. وفي نهاية المؤتمر خرجوا بوثيقة سرية سموها «وثيقة كامبل» نسبة إلى رئيس الوزراء البريطاني آنذاك هنري كامبل بانرمان!

استعرض المؤتمر الأخطار التي يمكن ان تنطلق من تلك المستعمرات، فاستبعد قيام مثل تلك الأخطار في كل من الهند والشرق الأقصى وأفريقيا والمحيط الأطلسي والمحيط الهادي، نظراً لانشغالها بالمشاكل الدينية والعنصرية والطائفية، وبالتالي بُعدها عن العالم «المتمدّن». باعتبر أن مصدر الخطر الحقيقي على الدول الاستعمارية، إنما يكمن في المناطق العربية من الدولة العثمانية، لا سيما بعد ان أظهرت شعوبها يقظة سياسية ووعياً قومياً ضد التدخل الأجنبي والهجرة اليهودية والحكم التركي أيضاً... وقد رأى المؤتمر أن خطورة الشعب العربي تأتي من عوامل عدّة يملكها: وحدة التاريخ واللغة والثقافة والهدف والآمال وتزايد السكان... ولم ينس المؤتمر أيضاً، عوامل التقدم العلمي والفني والثقافي. ورأى المؤتمر ضرورة العمل على استمرار وضع المنطقة العربية متأخرا، وعلى إيجاد التفكك والتجزئة والانقسام وإنشاء دويلات مصطنعة تابعة للدول الأوروبية وخاضعة لسيطرتها. ولذا أكدوا فصل الجزء الافريقي من المنطقة العربية عن جزئها الآسيوي، وضرورة إقامة الدولة العازلة، عدوّة لشعب المنطقة وصديقة للدول الأوروبية. وهكذا قامت اسرائيل!

في نهاية المؤتمر، توصلوا إلى نتيجة مفادها: «إن البحر الأبيض المتوسط هو الشريان الحيوي للاستعمار! لأنه الجسر الذي يصل الشرق بالغرب والممر الطبيعي إلى القارتين الآسيوية والأفريقية وملتقى طرق العالم ، وأيضا هو مهد الأديان والحضارات». والإشكالية في هذا الشريان هو أنه كما ذكر في الوثيقة: «يعيش على شواطئه الجنوبية والشرقية بوجه خاص شعب واحد تتوفر له وحدة التاريخ والدين واللسان». وأبرز ما جاء في توصيات المؤتمِرين: إبقاء شعوب هذه المنطقة مفككة جاهلة متأخرة، وعلى هذا الأساس قاموا بتقسيم دول العالم بالنسبة إليهم إلى ثلاث فئات: الفئة الأولى: دول الحضارة الغربية المسيحية (دول أوروبا وأمريكا الشمالية واستراليا) والواجب تجاه هذه الدول هو دعم هذه الدول ماديا وتقنيا لتصل إلى مستوى تلك الدول، الفئة الثانية: دول لا تقع ضمن الحضارة الغربية المسيحية ولكن لا يوجد تصادم حضاري معها ولا تشكل تهديدا عليها (كدول أمريكا الجنوبية واليابان وكوريا وغيرها) والواجب تجاه هذه الدول هو احتواؤها وإمكانية دعمها بالقدر الذي لا يشكل تهديدا عليها وعلى تفوقها، الفئة الثالثة: دول لا تقع ضمن الحضارة الغربية المسيحية ويوجد تصادم حضاري معها وتشكل تهديدا لتفوقها (وهي بالتحديد الدول العربية بشكل خاص والإسلامية بشكل عام) والواجب تجاه تلك الدول هو حرمانها من الدعم ومن اكتساب العلوم والمعارف التقنية وعدم دعمها في هذا المجال ومحاربة أي اتجاه من هذه الدول لامتلاك العلوم التقنية!

ولتحقيق ذلك دعا المؤتمر إلى إقامة دولة في فلسطين تكون بمثابة حاجز بشري قوي وغريب ومعادٍ يفصل الجزء الأفريقي من هذه المنطقة عن القسم الآسيوي والذي يحول دون تحقيق وحدة هذه الشعوب الا وهي دولة إسرائيل كما دعا إلى فصل عرب آسيا عن عرب أفريقيا ليس فقط فصلاً مادياً عبر الدولة الإسرائيلية، وإنما اقتصادياً وسياسياً وثقافياً، مما أبقى العرب في حالة من الضعف.

هذا هو الغرب، بصليبيته السياسية، وهذه هي إسرائيل، لمن نسي أو تناسى، أو لم يقرأ التاريخ، وهي هي التي يريدون منا أن نتعايش معها، وهو السبب نفسه الذي يستفزهم حين يقوم من «ركام» هذه الأمة من يجدع أنفها، أو يعيد تذكيرها بأنها ليس إلا سحابة صيف عابرة، أو دولة عصابات مارقة، وقتلة محترفين، لهم مهمة محددة، ستنتهي كما انتهى كل من عبر هذه البلاد من الغرباء!


hilmias@gmail.com


(الدستور)
تابعو الأردن 24 على google news