ماذا لو أصبح حمزة منصور رئيساً للحكومة؟
حسمت الحكومة أمورها، ولم تستجب لنداءات الشارع بضرورة إجراء تغييرات جذرية على قانون الانتخاب، تتجاوز رفع عدد مقاعد القائمة الوطنية إلى 27 مقعداً، وبهذا فإن البرلمان لا يستطيع أن يتجاوز في بحثه ما أرسلته الحكومة، وهذا يعني حكماً أن الصوت الواحد في الدائرة الانتخابية باق.
والسؤال المحير؛ لماذا تجاهلت الحكومة كل المطالبات بأن تمضي في تعديل القانون أكثر من القائمة الوطنية، وللعلم فإن هذه الأصوات لم تكن محصورة بالمعارضة بكل أطيافها، بل امتدت إلى شخصيات من أركان النظام والحكم؟!.
كان هناك من يدعو للقبول بصيغة صوتين للدائرة مرحلياً، وآخرون طالبوا بصوت للدائرة وآخر للمحافظة وثالث للقائمة الوطنية، وكل هذه التوجهات بما فيها الأكثر تطوراً القائمة النسبية كانت ستحلحل من الأزمة، وتشكل أداة ضغط على كل القوى للانخراط بالعملية الانتخابية والسياسية.
هل يعقل أن مرض "الرهاب" من الاخوان المسلمين وصل هذا الحد، بحيث يضحى بكل شيء حتى لا تنجح فرضيات فوزهم بغالبية مقاعد البرلمان، على الرغم من تعهداتهم بأن لا يسعوا إلى الاستئثار بمجلس النواب، وبالمناسبة فـ"الاخوان" ليسوا ملائكة، وقد عقدوا الكثير من "الصفقات" مع الحكم من قبل والتزموا بها.
وعلى صحة الفرضيات التي تتوقع اكتساح الإسلاميين لمقاعد البرلمان القادم، وهي أيضاً فرضية تتعارض مع حديث الأجهزة الأمنية الدائم بأن حجم الاخوان التصويتي لا يتجاوز 20%، فماذا سيحصد الاخوان؟.
هل سيحصدوا في أحسن الأحوال في انتخابات حرة 50% من مقاعد البرلمان، وإن حدث ذلك، فما هو السيناريو الخطير الذي قد يتضرر منه نظام الحكم؟!.
في كل الأحوال كانوا في برلمان 89 يشكلون 23 مقعداً، ومع القوى اليسارية والقومية كانوا يصلون إلى 33 مقعداً، ولم يتجاوزوا الخطوط الحمراء في لعبتهم السياسية، بل تقاسموا الأدوار مع النظام في مرحلة صعبة، وأعطت المعارضة جواز سفر وشرعية للحكم ليمضي في مرحلة تحولات جذرية في المنطقة.
وعلى هذا الأساس فإن حصول الإسلاميين على 50% من مقاعد البرلمان لا يقلقنا ليس فقط لأنهم "عقلانيون"، ولكن استحواذهم على السلطة سيضعهم في مواجهة استحقاقات صعبة كانوا يتهربون منها، أضف إلى ذلك أن مجلس الأعيان والمشكل في غالبيته من رجالات الحكم هو "بيضة" القبان في المعادلة السياسية الأردنية، والذي يضمن فلترة التوجهات والتشريعات، وفي المقابل كل التيارات السياسية الأخرى ستجلس بالمعارضة وتكون لهم بالمرصاد.
أسأل الآن أصحاب القرار في الحكم، فنحن نعرف أن الحكومات ما "بتمون" في التوجهات الاستراتيجية، ماذا ستفعلون إذا أقر قانون الانتخاب ووجدتم أن الغالبية مقاطعة ولن تذهب إلى صناديق الاقتراع، هل ستصنعوا معارضة جديدة، كيف سيجري احتواء الأزمة ودفع مسار الإصلاح إلى الأمام؟.
لم يلتقط مطبخ القرار الرسائل القادمة من الإقليم حتى الآن، فالاخوان يحكمون الآن في القاهرة، وسقوط الأسد بات محتوماً، ونحن تحكمنا نظرية الترويع من الإسلاميين، وكأن حمزة منصور قادم على دبابة، وكأنه لو أصبح رئيساً للوزراء يحمل عصا سحرية تقدم كل الإجابات والحلول!.
بعد إقرار قانون الانتخابات في البرلمان من جديد دون حل عقدة الصوت الواحد، ستسود قناعة عند الشارع أن أركان النظام لا يريدون التغيير، وأنهم يريدون ديمقراطية خالية الدسم، والأخطر أنهم سيصبحون في مواجهة مباشرة مع الشارع. الغد