jo24_banner
jo24_banner

بشار إذ يواجه تراجعا ميدانيا وسياسيا

ياسر الزعاترة
جو 24 : قبل أسابيع، وفي احتفال خطاب القسم؛ بعد انتخابات سخر منها العالم أجمع باستثناء إيران وحلفائها، وقف بشار الأسد في قصر تم اقتياد المدعوين إليه دون أن يعرفوا عنوانه، وقف ليتحدث عن معركة سوريا ضد الإرهاب، وكان مما قاله إن محافظة الرقة ستعود قريبا إلى حضن الوطن.
منذ ذلك الحين، وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام يطارد بقايا نقاط تواجد النظام في المحافظة حتى أتى على أخرها قبل أيام، وذلك بالسيطرة على مطار الطبقة العسكري، لكن مشهد طرد آخر جندي من جنود النظام في المحافظة لم يكن عاديا بأي حال، بل مثّل إهانة من العيار الثقيل له ولحاضنته الطائفية، مع بعض الأقليات الأخرى، إلى جانب قليل من السنّة ممن لم يجرؤوا على الانشقاق أو التمرد تحت طائلة الخوف والرعب، أو تحت طائلة ارتباط مصالحهم بالنظام.
تابع العالم أجمع صورة 250 من جنود النظام وهو يُقادون عراة إلى مكان ما كي يتم إعدامهم، وهم في حالة مهينة، حيث يُطلب إليهم أن يهتفوا للدولة الإسلامية بأنها «باقية».
وبصرف النظر عن مشروعية ما فعله تنظيم الدولة إنسانيا وسياسيا، حيث كان أولى أن يقايضهم بأسرى لدى النظام بدل قتلهم بعد استسلامهم (هم مجرمون أصلا بقتالهم لشعبهم)، فإن المشهد كان مهينا بامتياز لبشار ولمن يؤيدونه، ولا شك أنه سيترك مزيدا من الأثر على حاضنته الشعبية، بخاصة العلوية التي بدأت تصرخ من ضخامة الخسائر بين أبنائها، حيث لم يبق بيت علوي لم ترفع فيه رايات الحداد، ووصل الحال حد أن يهتف بعض أبناء الطائفة ضد بشار رافعين شعار «الكرسي إلك .. والتابوت لأولادنا».
لم تكن الهزيمة التي مني بها النظام في الرقة هي الوحيدة خلال الأسابيع الماضية، ذلك أن دمشق لا زالت تعيش على وقع المعارك، حيث سيطر الثوار من النصرة والجبهة الإسلامية على القنيطرة، فيما لا تزال المعارك دائرة في محيط دمشق. أما القلمون الذي أعلن عن سقوطه بيد النظام وحزب الله، ودبَّج له الحزب الأغاني، فلا زال يُصدِّر القتلى إلى المدن السورية من خسائر النظام، وإلى لبنان من مقاتلي حزب الله، إلى جانب خسائر من الثوار بطبيعة الحال.
ويبدو أن حزب الله لم يعد يغامر كثيرا بتنفيذ هجمات على الثوار خشية تكرار رحيل نعوش مقاتليه إلى لبنان، فيما لا يفعل ذلك أيضا جيش النظام المنهك، والنتيجة أن المشهد يُراوح باستثناءات محدودة بين تقدم الثوار، وبين بقاء الوضع على حاله، فيما يكتفي النظام بسياسة القتل من الجو عبر البراميل المتفجرة التي تقتل المدنيين العزل. ويبدو من الضروري التذكير هنا بأن المليشيات العراقية الشيعية التي كان لها دور في القتال قد عادت للمشاركة في مواجهة تنظيم الدولة في العراق.
في ضوء ذلك كله يبدو حديث الحسم العسكري خلال عام أو عامين ضربا من الهراء، والنتيجة أن النزيف الإيراني في سوريا سيطول ويطول كما قلنا منذ ثلاث سنوات بكلفة عالية للحرب تدفعها طهران كاملة، وسيستمر حتى ييأس قادتها ويعلنوا قابليتهم لتجرع كأس السم، والقبول بتسوية ترضي الشعب السوري.
في الجانب السياسي يبدو وضع النظام السوري وحلفائه أسوأ مما كان عليه قبل شهور، ولا شك أن وضع العراق هو السبب، والأخير كان جزءا أساسيا من مصادر الدعم للنظام السوري، بالمقاتلين والمال والنفط، لكن الأسوأ هو أن شعاراته إياها قد سقطت في الوحل حين أعلن قبوله التعاون مع أمريكا ضد تنظيم الدولة، تماما كما تعاون حلفاؤه معها في العراق، وبالطبع عبر صفقة مع المعلم الأكبر في إيران. يضاف إلى ذلك بطبيعة الحال ارتباك الوضع اللبناني، وتصاعد الحديث النقدي حيال تدخل حزب الله في سوريا، وما يجرُّه من مصائب على لبنان.
نتيجة ذلك كله هي أن النظام السوري يعيش أسوأ أحواله، وينتظر الفرج من أمريكا، لكنه يدرك من جهة أخرى أن صفقة المواجهة مع تنظيم الدولة لا يمكن أن تتم من دون السنّة الذين لن يقبلوا إلا بوضع جيد في العراق، وبنهاية حكم الأقلية في سوريا. إنه يدرك ذلك، لكن يكابر ومن ورائه إيران التي تفتح جبهة في اليمن لمقايضتها بسوريا، في لعبة بائسة لن تمر.
ألم نقل مرارا إن إيران ستدرك يوما أن قرارها بدعم بشار الأسد ضد شعبه هو أسوأ قرار اتخذته منذ الثورة؟ لكن المصيبة أنه قرار ترك آثاره على المنطقة برمتها، وأفاد أنظمة عربية تحارب حرية الأمة وتحررها، وقبل ذلك وبعده؛ وضع كل الحب في طاحونة نتنياهو، فأية مقاومة وممانعة بائسة تلك التي رفع القوم شعاراتها كذبا وزورا في معرض نصرة طاغية، ولأجل مشروع تمدد إيراني مغرور؟!

الدستور
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير