2024-07-30 - الثلاثاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

حول هجوم السلطة على حماس .. والمقاومة طبعا

ياسر الزعاترة
جو 24 : حملة ردح مبكرة بدأتها دوائر السلطة وحركة فتح، من الرئيس إلى الحكومة، وحتى اللجنة المركزية لحركة لفتح ضد حركة حماس، والمصيبة التي نتابعها منذ تمكن محمود عباس من الرئاسات الثلاث (المنظمة والسلطة وحركة فتح) هو أنك لم تعد تسمع في فتح صوتا آخر غير الصوت الرسمي (دحلان حالة متفردة)، الأمر الذي لم يكن كذلك أيام عرفات الذي كان متهما بالدكتاتورية والتفرد.
وإذا جئنا نبحث عن تفسير لهذا التطور السريع بعد أيام من إعلان وقف إطلاق النار في غزة، والاحتفالات التي شملت القطاع والضفة الغربية، فهي تتعلق أولا وقبل كل شيء بشعور قادة السلطة بأن حركة حماس قد نالت حضورا كبيرا في أوساط الشعب الفلسطيني لم تنله منذ سنوات بعيدة، والسبب أن كل الأكاذيب التي قيلت بحقها طوال سنوات قد انكشفت تماما، لاسيما تلك التي كانت تتهمها بالحرص على السلطة وترك المقاومة.
بالنسبة للسلطة قبلت الحركة بحكومة التوافق وتنازلت عن السلطة، وبالنسبة للمقاومة ثبت للجميع كيف أنها كانت تحفر في الصخر من أجل تحصيل أسباب القوة، وكانت تصل الليل بالنهار من أجل إعداد نفسها وكوادرها للمواجهة مع العدو، فكانت المعركة البطولية التي أثارت إعجاب الأمة وأحرار العالم أجمع.
من هنا جاء سيل الأكاذيب الجديد لكي يعيد الأمر إلى ما كان عليه، ومن أجل تشويه الحركة، بخاصة في أعين قطاع من كوادر حركة فتح الذين تفتحت أعينهم على الحقيقة، فجاءت اللجنة المركزية للتحدث عبر بيان أشك في أن معظم أعضائها اطلعوا عليه عن استهداف كوادر فتح في قطاع غزة أثناء المعركة، مع أن أحدا لم يتحدث عن ذلك من قبل (محضر اجتماع عباس مع أمير قطر ومشعل الذي تسرَّب، ويبدو أنه صحيح (قصة قد تحتاج وقفة أخرى).
والحال أن الجميع يعلم أن كوادر حركة فتح في قطاع غزة إنما يتبعون عمليا لمحمد دحلان وليس لمحمود عباس، وما يجعلهم يتعاملون مع الأخير كرئيس للحركة إنما هي سياسته المعروفة بقطع رواتب من يتمردون عليه، خلافا لياسر عرفات الذي كان يدفع الرواتب حتى لمن انشقوا عليه، ولم يحدث أن قطع راتبا عن أي كادر مهما كان موقفه.
البعد الآخر في الحملة يتمثل في محاولة تنفيس انتصار المقاومة، وهنا تتبدى الحالة الخاصة للرئيس عباس نفسه، فهو لا ينظر إلى حركة حماس كخصم سياسي (لا نريد أن نقول كعدو) وحسب، بل ينظر إلى المقاومة المسلحة كعدو أو كخصم سياسي وفكري أيضا، ومن الصعب عليه أن ينسب إليها أية فضيلة، وهو لذلك لم يتحدث أبدا عن انتصار، بل ذهب في اتجاه آخر تماما، حيث قال، إنه لو قبلت حماس بالمبادرة المصرية منذ البداية لوفرت الكثير من الضحايا والدمار، متجاهلا أنه في المحطة التالية عاد ورفضها وبدأ ينحاز لشروط المقاومة، ومتجاهلا أيضا الفرق بين المبادرة الأولى والنص الذي وُقع عليه في النهاية، وإن لم يكن مرضيا بسبب انحياز الوسيط، والأهم من ذلك أنه يتجاهل حقيقة ما كان بوسعه أن يفعله من أجل وقف العدوان ممثلا في السماح بانتفاضة عارمة في الضفة تشتبك مع المحتلين وحواجزهم ومستوطنيهم (فعل العكس في واقع الحال).
ثمة جانب آخر للتصريحات إياها، بخاصة قصة «حكومة الظل» في غزة، ذلك أن عباس يريد أن يهيئ الأجواء لسيطرة كاملة على قطاع غزة، ومن ثم ضمه إلى الضفة الغربية في لعبة التفاوض والتنسيق الأمني، وهو ما يريده نتنياهو تماما، والنتيجة أننا إزاء لعبة لمقايضة إعادة الإعمار بسلاح المقاومة عبر القول، إن سلاح الشرعية هو سلاح السلطة، وما عداها مرفوض، تماما كما هي الحال في الضفة، والنتيجة أن ما لم يحققه نتنياهو بصواريخ الطائرات وجنازير الدبابات، يريد عباس أن يحققه من خلال السياسة والابتزاز بإعادة الإعمار (حتى هنا لم يجاملوه فقرر نتنياهو مصادرة 4 آلاف دونم قرب بيت لحم، في أكبر عملية مصادرة للأراضي منذ ثلاثة عقود!!).
من هنا نقول، إن مسؤولية إفشال مخطط تنفيس الانتصار الذي هو انتصار لبرنامج المقاومة وليس للمقاومة فقط، تقع على عاتق حماس والجهاد والشعبية والفصائل الأخرى، وكل شرفاء الشعب الفلسطيني، أما التعويل على أن يغير عباس برنامجه فهو وهمٌ لن يغدو حقيقة ما لم يتصدَّ له (أي لعباس) الكل الفلسطيني، بما في ذلك شرفاء حركة فتح، وليقول له الجميع بلسان واحد: لقد جرَّبت برنامجك عشر سنوات كاملة، وآن لك أن تُغيره، وإذا لم تشأ فلك أن تستريح وتريح، وتترك مسؤولية القيادة لغيرك، وفي الشعب الفلسطيني من يمكن أن يتولوها ويأخذوها بحقها من فتح وسواها.

الدستور
تابعو الأردن 24 على google news