jo24_banner
jo24_banner

يموتون بلا ذنب.. عن ظاهرة مقيتة تؤرقنا

يموتون بلا ذنب.. عن ظاهرة مقيتة تؤرقنا
جو 24 : سلام العكور - ما زلت اسمع صوتها تصرخ على اطفالها الذين يلعبون في باحة المنزل داعية اياهم للدخول والاختباء من الطلقات الهائجة في المحيط.

لم اكن اعلم لماذا تخيف هذه الاصوات البعيدة بعض الشيء هذه المرأة وتثير هلعها لتصرخ بكل ذلك الصوت المضطرب وتنادي على ابنائها ليسارعوا الى البيت.. كنت اراهم يرمون كل ما بايديهم وبسرعة عجيبة يتراكضون ويعبرون من تحت يدها الممسكة بيد الباب، ثم تغلق الباب مطمئنة على فلذات كبدها.

ظلت حكاية هذه المرأة تملأ مساحات واسعة من تفكيري، كنت ارى فيها القسوة، الخوف، والحنان في آن.. كلما علقت ناظري في محياها الجميل.

هذه المرأة التي لن انساها ما حييت دفعتني بكل ما فيها من تناقضات الى ان أسأل عن حكاية تلك الأرملة والأمٌّ لثلاث ابناء لا يتجاوز اكبرهم التسعة اعوام.

ذات يوم وبعد ان تكررت الحالة ورأيت المشهد ذاته، لم يحملني صبري الى ان اكتم داخلي اسئلتي، وبعد ان اغلقت بابها وذهبت اصوات النار الى حالها قصدت امراة عجوز تسكن بجوارها.

سألتها عن جارتها واخبرتها بكل ما يجول في خاطري، لم تبد لي مستغربة بما اقول كانت ترفع رأسها مصغية الي ثم تنزله حزنا عليها وتكتم في جوفها حزنا قديما على السيدة.

لم افهم حالتها تلك الا بعد ان قالت "هذه المرأة التي تتعجبين حالتها خسرت زوجها الذي تحب في حادثة مؤلمة، كان زوجها يحضر زفاف شقيقته، واذ برصاصة غادرة تودي بحياته وتقلب حياة زوجته وابنائه رأسا على عقب ، لوعلمت ما كان سيحل بزوجها ربما كانت منعته من حضور حفل زفاف شقيقته".

ارتاحت كل اسألتي الحائرة وظل المرار يسكن جوفي اياما عديدة بعد ان سمعت قصتها، الى متى ستظل هذه العيارات تقتل ابناءنا بلا ذنب، تقلب حياتنا وتحرمنا اغلى الناس الى قلوبنا بلا شفقة او رحمة؟.

لقد انتشرت هذه الظاهرة في الاونة الاخيرة بشكل رهيب ،ما زلنا نسمع ونقرأ كل يوم عن حادثة تحصد ارواح البعض وتتسبب بعاهات مستديمة للبعض الاخر، وفي أحسن الأحوال تصيب الاخرين بالرعب والخوف.. وكل ذلك بعد ان يُقْدِم احد الحضور في زفاف ما لاطلاق النار ويعبر عن فرحه.

متى ستنتهي هذه العادات التي تمزق بدورها نسيج مجتمعنا وتودي بحياة الناس وتكدر حياتهم، واين هي الاجراءات الرادعة التي تجعل هؤلاء المجرمين في تزايد؟

لا بد من حلول جذرية تعيد السلم الاجتماعي، وقوانين رادعة، لان هذه العيارات النارية الطائشة تجلب معها الخراب، تحول الافراح الى اتراح وتزعج الناس وتؤرقهم وتثير مخاوفهم.

في كل عام تسجل احصاءات وزارة الصحة مئات الحالات التي تشهد على بشاعة جريمة العيارات النارية الطائشة، والتي تعالت الأصوات مرارا لمكافحتها، سواء بالتشريعات أو بالحزم في تطبيق تلك التشريعات.. أو بارادة المجتمعات المحلية التي تفرض على ابنائها عدم سلوك ذلك المسلك.

كما انها تؤدي الى النزاعات العشائرية وتعيد مفهوم الثأر الذي انقرض منذ سنين طويلة، فلماذا يعتقد البعض انه فرحه يبيح له ان يترك الحزن في نفوس الاخرين؟

طفلة صغيرة تحضر لها والدتها جرعة الحليب، والد يعيل ابناءه الصغار، شاب ينتظر نتائج الثانوية العامة ،كلهم يموتون بلا ذنب ..الى متى؟
تابعو الأردن 24 على google news