jo24_banner
jo24_banner

عنف بنهايات غير معقولــة !!!

منال القطاونه
جو 24 :

ويبدو لي أشـياء كثيرة وان الحياة ضاقت بأهلها، و أن القيم المهمة أصبحت غائبة، وفقدنا التواصل والقدوة الأخلاقية... والحوار الإنســــاني بين بعضنا البعض وبين أفراد الأســـرة الواحدة.
أصبح الموت في هذا الزمان متعدد الوجوه، بعد أن صار يستهدف أقرب الناس ومن أقرب الناس ومن أعز الناس !!!! يتضح لي أننا تأثرنا بسياط ثقافة المجتمعات الاستهلاكية المليئة بالاحتقانات اليومية على سلوكياتنا الحياتية العادية... ومزاجنا الشـخصي ... وأصبحت ضغوط الحياة، ردة فعله عدائية على اقرب الناس لقلوبنا.

الجميع مرشحون للموت وسائرون اليه.. قد يلاقونه في بداية اعمارهم او في منتصفها او في اخرها لكنه ملاقيهم حتماً في لحظة يغفلون فيها عنه وبأي صورة ستكون نهايتهم وعلى يد من ؟؟
ما يعقل وما لا يعقل.. نجده الآن في واقعنا الصعب المتخم باشكال العنف المجتمعي والأسري والمدرسي والجامعي و أحداث عنف أسرية مروعة، هزت مشاعر الناس، وأحدثت صدمة لدى
البعض جرّاء شناعتها، وغرابتها على مجتمعنا وخاصة خلال الشهر الماضي .

من الغريب أمسينا نتعامل مع الكبائر والجرائم وفنون العنف على أنها حالات نفســـية مألوفة او اضطرابات عاطفية نادرة ... او حالات اكتئاب شديد، ترافقها أعراض ذهانية وأوهام معينة أصبحت الحالات النفسية " شـّماعة زمن بشع" نعلّق عليها أخطائنا وجرائمنا .... وشرور أفعالنا وصنوف العنف والتعنيف. وما يعتمر في صدورنا من كراهية وبغضاء .
أحد الشعراء قال يوما "سيأتي زمان لا نفرق فيه بين القاتل والمقتول"، والأرجح أن هذا الزمان قد حلّ الآن، خصوصا وقد أصبح "المقتول" أماً وأخا وأبا وولدا، و"القاتل" أيضا أماً وأخا وأبا وولدا، فاختلط الحابل بالنابل، إلى درجة أن الواحد منا لم يعد يعرف " من يقتل من"؟

يبدو لي أننا نشـــهد ملامح زمن آخر لم نعهده من قبل ... ونعيش حالة فقدان البصيرة ..... وتكلس المشـــاعر .. وتتكسر في داخل البعض منا كل القوانين والقواعد والأعـراف،

ويتضح لي لي أننا نعيش حالة مزمنة من فقدان الشعور بالذنب . ... وتسيّد المصالح الفردية في علاقاتنا ... التي استبدلت بالعزلة الاجتماعية والعلاقات الفرعية، ونمط الحياة المتوتر والمشـدود غير المتسامح.
ويبدو أننا بدأنا نحن ونتوق للعصور القديمة البدائيـة ... فأخذت الغرائز البدائية تعود من جديد إلى الناس، وبات الناس أكثر تأثرا بالعصور البدائيـة.. وغريزة البقاء حتى على حســــاب الآخرين... فكان الســطو والقتل والترحال هي السمات الأساسية للإنســـان القديم في عصوره البدائية والتي كان فيها كل شـــيء مشاعاً... والقوي يستخدم الضعيف ويلتهمه في بعض الأحيان.

ليس ســراً أن أشكال العنف الاسري المختلفة في تصاعد مستمر بحيث أصبح من الصعب الإحاطة بمختلف جوانب هذا العنف .
من هنا يجب تعزيز آليات الضبط الاجتماعي وتكثيف التوعية الإعلامية وتسليط الضوء على هذه القضايا ،وتنفيذ حملة إعلامية مكثفة أكثر لمحاربة العنف الأسري النازف "حبيس الجدران" وضحاياه ، لإيضاح مفهومه وأسبابه ونتائجه على الفرد والمجتمع، ومناشدة والأقلام الإصلاحيـة بالقيام بحقن جرعات متتاليـة من الوعظ والنصح والإرشاد لهؤلاء هواة الإجرام الحائرين على الدرب.
وإجراء دراسات رصينة وموسعة حول حجم مشكلة العنف الأسري ومدى انتشارها وأسبابها وآثارها على المدى القريب والبعيد وفي مختلف الأعمار•

وختاما العنف الأسري قضية وظاهرة ومشكلة، اجتماعية وثقافية فكرية، لها امتدادات في الماضي والحاضر وآثارها السلبية تمتد لأجيال داخل المجتمع... وبهذا المعنى يبدو الجميع معنياً بالحوار فيها، وحولها، ولاسيما المؤسسات الرسمية والأهلية والأمر نفسه ينطبق على الثقات من المفكرين والباحثين والاعلاميين والمرشدين مع التأسيس "لبنية قانونية سليمة " تساهم بدورها في الحدّ والتخلص من ظاهرة العنف بكافة أشكالها وهذه معركة طويلة تحتاج لجهود كبيرة وصادقة..!!

لذا محاربة العنف باشكالة مسئولية الجميع ولأجل الجميع ... لأننا نجتاز البحر نفـــسه ونركب السفينة ذاتها ؟.... ولا نريد أن نطالب الآخرين بما لا نطالبه لأنفســنا .

Manal_qatawneh@yahoo.com

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير