استراتيجية أوباما ومعارك المنطقة المتداخلة
ياسر الزعاترة
جو 24 : من استمع لتصريحات أوباما خلال الأيام الماضية، وآخرها استراتيجيته العتيدة لا بد أنه تذكَّر خطاب جورج بوش عشية هجمات الحادي عشر من سبتمبر، ويبدو أن أوباما قد جعل من قتل الصحفيين الأمريكيين بمثابة 11 سبتمبر الخاصة به، وسيحاول أن يبدو أقوى في السياسة الخارجية في ظل اتهامات تُوجه له بالضعف على هذا الصعيد.
جاء أوباما إلى السلطة ببرنامج الخروج من مستنقعات المنطقة التي أدى التورط فيها إلى خسارة أمريكا لتفردها بالوضع الدولي قبل مجيء بوش إلى السلطة، ومن ثم توجيه الاهتمام نحو حوض الباسفيكي ومواجهة الصعود الصيني، لكن الخطاب الأمريكي يعود الآن إلى ذات المعزوفة التقليدية التي أطلق في ظلها بوش حروبه، وهي محاربة الإرهاب.
يبدو أن أوباما ينسى أو يتناسى أن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام هو من نتاجات الغزو الأمريكي للعراق، ولولا ذلك الغزو لكانت القاعدة قد تراجعت بحصارها في أفغانستان وتشتتْ قادتها في أرجاء الأرض، لكنه أصرَّ على شن حروب لا صلة لها البتة بمواجهة الإرهاب، حيث كان غزو العراق لحساب الهواجس الصهيونية (جورج تينيت، مدير السي آي إيه الأسبق قال إن جورج بوش دخل البيت الأبيض وقرار غزو العراق في جيبه)، والنتيجة هي استنزاف أمريكا وفرض التراجع عليها.
لم يستمع أوباما لنداءات الصهاينة لشن حرب على إيران من أجل انتزاع برنامجها النووي، وفضَّل الدبلوماسية، وتمكن من انتزاع الكيماوي السوري بمجرد التلويح بالضربات العسكرية، لكنه يتورط الآن في مستنقع المنطقة، وإن قال إنه لن يرسل جنودا على الأرض (قال إنه سيرسل 475 مستشارا حتى الآن)، لاسيما أن التنظيم الذي يحظى بمريدين من جيل الشبان في مناطق كثيرة من العالم، لن يكتفي بمواجهة هجوم بوش في الأماكن التي يجري فيها، بل سيتجاوزها إلى محاولة الضرب في مناطق أخرى ضد المصالح الأمريكية والغربية، وبالطبع في زمن العنف الرخيص الذي لا يحتاج لأكثر من الإرادة والإيمان بالبرنامج.
ثمة فارق بالطبع بين الحالة البوشية والحالة الأوبامية عنوانها أن أحدا لا يتعاطف مع تنظيم الدولة هذه الأيام، بل يراه الجميع خطرا داهما، خلافا لمرحلة المواجهة مع الغزو الأمريكي للعراق، وحيث تعاون النظام السوري معه، فضلا عن أن إيران كانت في ذات المربع الذي يريد إفشال مشروع الغزو أيضا رغم استهداف التنظيم للشيعة في العراق.
يبقى الجانب الأكثر تعقيدا في القصة ممثلا في وجود الدولة الإسلامية في سوريا، وليس في العراق وحده. وفي حين أعلن أوباما أن الضربات ستشمل سوريا، فإن الأسئلة التالية لم تحظ بإجابة شافية.
في الملف السوري يبدو الأمر أكثر تعقيدا، فهنا يحضر الرأي الصهيوني الأكثر ميلا لمواصلة النزيف والتدمير لجميع الخصوم والأعداء، بمن فيهم القوى الجهادية والإسلامية عموما، وكذلك إيران وحزب الله وتركيا والربيع العربي، كما يحضر الشعب السوري والقوى الثورية التي تقاتل نيابة عن غالبيته، وهي قوىً لها أيضا معركتها مع تنظيم الدولة، لكن معركتها الأكبر مع النظام.
السؤال الأكبر المتعلق بالأمريكان والغربيين هو ما إذا كانت الضربات الجوية ستكون كافية بوجود قوىً محلية على الأرض، أم سيضطرون إلى خوض المستنقع ودفع أثمانه الباهظة من جديد.
وإذا كانت القوى المحلية معروفة في العراق، فهل هي في سوريا القوى الثورية أم النظام، وهل ستكون النتيجة حلول تلك القوى مكان تنظيم الدولة وبقاء الصراع مع النظام؟
أسئلة كثيرة لا يملك أحد الإجابة عليها، فضلا عن المدى الذي ستستغرقه المعركة، لكن الشيء المؤكد هو أن موجة العنف في المنطقة لن تتراجع ما لم تتغير الظروف التي أنتجتها، وفي مقدمتها الإقصاء الطائفي في العراق وسوريا كجزء من الغطرسة الإيرانية في المنطقة (اليمن ولبنان، وربما البحرين جزء من السياق)، وكذلك الحرب على الإسلاميين المعتدلين في باقي الدول، فضلا عن الصراع مع الصهاينة الذي قد ينفجر في أية لحظة في الضفة الغربية ليعيد خلط الأوراق من جديد في كل المنطقة. والنتيجة أنها صراعات متداخلة بعضها مع بعض؛ الصراع مع الغطرسة الغربية والصهيونية، والصراع مع أنظمة الاستبداد، والصراع مع الغطرسة الإيرانية أيضا، ما يُرجِّح أنه صراع سيطول.
الدستور
جاء أوباما إلى السلطة ببرنامج الخروج من مستنقعات المنطقة التي أدى التورط فيها إلى خسارة أمريكا لتفردها بالوضع الدولي قبل مجيء بوش إلى السلطة، ومن ثم توجيه الاهتمام نحو حوض الباسفيكي ومواجهة الصعود الصيني، لكن الخطاب الأمريكي يعود الآن إلى ذات المعزوفة التقليدية التي أطلق في ظلها بوش حروبه، وهي محاربة الإرهاب.
يبدو أن أوباما ينسى أو يتناسى أن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام هو من نتاجات الغزو الأمريكي للعراق، ولولا ذلك الغزو لكانت القاعدة قد تراجعت بحصارها في أفغانستان وتشتتْ قادتها في أرجاء الأرض، لكنه أصرَّ على شن حروب لا صلة لها البتة بمواجهة الإرهاب، حيث كان غزو العراق لحساب الهواجس الصهيونية (جورج تينيت، مدير السي آي إيه الأسبق قال إن جورج بوش دخل البيت الأبيض وقرار غزو العراق في جيبه)، والنتيجة هي استنزاف أمريكا وفرض التراجع عليها.
لم يستمع أوباما لنداءات الصهاينة لشن حرب على إيران من أجل انتزاع برنامجها النووي، وفضَّل الدبلوماسية، وتمكن من انتزاع الكيماوي السوري بمجرد التلويح بالضربات العسكرية، لكنه يتورط الآن في مستنقع المنطقة، وإن قال إنه لن يرسل جنودا على الأرض (قال إنه سيرسل 475 مستشارا حتى الآن)، لاسيما أن التنظيم الذي يحظى بمريدين من جيل الشبان في مناطق كثيرة من العالم، لن يكتفي بمواجهة هجوم بوش في الأماكن التي يجري فيها، بل سيتجاوزها إلى محاولة الضرب في مناطق أخرى ضد المصالح الأمريكية والغربية، وبالطبع في زمن العنف الرخيص الذي لا يحتاج لأكثر من الإرادة والإيمان بالبرنامج.
ثمة فارق بالطبع بين الحالة البوشية والحالة الأوبامية عنوانها أن أحدا لا يتعاطف مع تنظيم الدولة هذه الأيام، بل يراه الجميع خطرا داهما، خلافا لمرحلة المواجهة مع الغزو الأمريكي للعراق، وحيث تعاون النظام السوري معه، فضلا عن أن إيران كانت في ذات المربع الذي يريد إفشال مشروع الغزو أيضا رغم استهداف التنظيم للشيعة في العراق.
يبقى الجانب الأكثر تعقيدا في القصة ممثلا في وجود الدولة الإسلامية في سوريا، وليس في العراق وحده. وفي حين أعلن أوباما أن الضربات ستشمل سوريا، فإن الأسئلة التالية لم تحظ بإجابة شافية.
في الملف السوري يبدو الأمر أكثر تعقيدا، فهنا يحضر الرأي الصهيوني الأكثر ميلا لمواصلة النزيف والتدمير لجميع الخصوم والأعداء، بمن فيهم القوى الجهادية والإسلامية عموما، وكذلك إيران وحزب الله وتركيا والربيع العربي، كما يحضر الشعب السوري والقوى الثورية التي تقاتل نيابة عن غالبيته، وهي قوىً لها أيضا معركتها مع تنظيم الدولة، لكن معركتها الأكبر مع النظام.
السؤال الأكبر المتعلق بالأمريكان والغربيين هو ما إذا كانت الضربات الجوية ستكون كافية بوجود قوىً محلية على الأرض، أم سيضطرون إلى خوض المستنقع ودفع أثمانه الباهظة من جديد.
وإذا كانت القوى المحلية معروفة في العراق، فهل هي في سوريا القوى الثورية أم النظام، وهل ستكون النتيجة حلول تلك القوى مكان تنظيم الدولة وبقاء الصراع مع النظام؟
أسئلة كثيرة لا يملك أحد الإجابة عليها، فضلا عن المدى الذي ستستغرقه المعركة، لكن الشيء المؤكد هو أن موجة العنف في المنطقة لن تتراجع ما لم تتغير الظروف التي أنتجتها، وفي مقدمتها الإقصاء الطائفي في العراق وسوريا كجزء من الغطرسة الإيرانية في المنطقة (اليمن ولبنان، وربما البحرين جزء من السياق)، وكذلك الحرب على الإسلاميين المعتدلين في باقي الدول، فضلا عن الصراع مع الصهاينة الذي قد ينفجر في أية لحظة في الضفة الغربية ليعيد خلط الأوراق من جديد في كل المنطقة. والنتيجة أنها صراعات متداخلة بعضها مع بعض؛ الصراع مع الغطرسة الغربية والصهيونية، والصراع مع أنظمة الاستبداد، والصراع مع الغطرسة الإيرانية أيضا، ما يُرجِّح أنه صراع سيطول.
الدستور