إرث العجلوني

جو 24 : كل دول العالم –المستقلّة طبعاً- تحترم رموزها الوطنيّة التي أسهمت في بناء ذاكرتها وحضارتها، سواء على الصعيد الثقافي أو النضالي. حتى عند تغيّر النهج السياسي تبعاً لتبدّل الظروف وشكل السلطة في دولة ما، فإن رموزها المنتمية لمرحلة سابقة تبقى في ذات المكانة التي احتلّتها بكسب تقدير الناس واحترامهم.

الأردن حقّق سابقة غريبة ليشكّل استثناء غير مبرّر لهذا العرف. صنّاع القرار الذين عمدوا إلى تبنّي مقاربة تعتبر الاحتلال "الاسرائيلي" حليفاً استراتيجيّاً، ورهنوا الاقتصاد الوطني بمصالح هذا الاحتلال، ضاربين عرض الحائط بالمصلحة الوطنيّة العليا، ذهبوا إلى أبعد من ذلك في محاولة تجريد الذاكرة الوطنيّة من رموزها.

قرار شطب درس الشهيد فراس العجلوني من المناهج المدرسيّة ليس إلاّ جريمة بحقّ تاريخ الأردن السياسي، بل إن هذه الجريمة لا يمكن تبريرها حتّى باختيار التحالف مع عدوّ يهدّد مستقبل الأردن. كثيرة هي الدول التي اختارت حكوماتها التحالف مع أعدائها، ولكن لم يصل بها الأمر إلى الاعتداء على ذاكرة شعوبها وإرثهم الوطنيّ.

الإرث الوطني للشعب الأردني هو ما راكمه الشهيد العجلوني وغيره من الشخصيّات والرموز الوطنيّة، التي يحاول العابرون على مناصب السلطة الاعتداء على مكانتها. نقول لأولئك العابثين أن رموزنا ستبقى في ذات المكانة التي وصلت إليها بنضالاتها وإنجازاتها العظيمة، أمّا أنتم فالتاريخ سيضعكم في حجمكم الطبيعيّ، كمرض عابر طرأ على الشعب.