أعيروني سمعكم!
حلمي الأسمر
جو 24 : ثمة دعوتان أطلقتا لمحاورة تنظيم «الدولة الإسلامية» أو ما يسمى «داعش» الأولى أطلقها قبل أسابيع بطريرك إنطاكيا وسائر المشرق، الكاردينال بشارة الراعي، حين قال أن هناك مسألة «واحدة فقط تجمعنا بكم (يعني الدولة الإسلامية) هي إنسانية الإنسان. تعالوا نتحاور، ونتفاهم على هذا الأساس»، وفيما بعد، وإبان زيارته لمخيمات اللاجئين المسيحيين الذين هُجروا من الموصل، في أربيل، دافع الراعي عن دعوته التي لقيت استهجانا واسعا، فقال، بما يشبه التراجع: «كلامي حول الحوار مع «داعش» كان هدفه أن أقول لهم «أنتم فقدتم إنسانيتكم»!
الدعوة الثانية، كانت تحمل على نحو أو آخر «توقيع» الدولة الإسلامية نفسها، إذ أتت على لسان المصور الصحافي البريطاني جون كانتلي وهو يعلن انه أسير لدى الدولة الإسلامية، عبر شريط فيديو مصور باحتراف، رُفع على موقع يوتيوب، ثم حذفه الموقع لأن « محتواه ينتهك بنود خدمة الموقع!» والصحيح أن الفيديو موجود في أكثر من موقع لمن أراد مشاهدته، وهو لا يحتوي على شيء مما ذكره يوتيوب، فثمة أفلام لتنظيم الدولة الإسلامية ولغيره، تمتلىء بالمشاهد الدموية، ولم تزل منشورة على الموقع، ولكن يبدو أن إزالة هذا الفيديو تحديدا، جاءت لأنه يحمل دعوة لمحاورة التنظيم، حيث يدعو الصحفي البريطاني دولته لمحاورة الدولة لا قتالها، مستشهدا بمواقف دول أوروبية لم يسمها، قال أنها حاورت الدولة وتمكنت من الإفراج عن مواطنيها الأسرى لديها، وينحي كانتلي باللائمة على بلده (بريطانيا) وأمريكا، لأنهما تخليتا عن مواطنيهما الأسرى لدى التنظيم، ويتوجه للشعوب الغربية بنداء يدعوها فيه إلى عدم تصديق الإعلام، خاصة حينما يتحدث عن تنظيم الدولة، ويعد بكشف حقائق على جانب كبير من الخطورة في «حلقات أخرى» من التسجيل!
القراءة المتفحصة للشريط المصور تقول أن دعوة الحوار منشؤها التنظيم نفسه، لا كانتلي فقط، رغم أنه صاحب مصلحة في إجراء الحوار، ويلاحظ هنا أن هذه الدعوة جاءت بعد بث ثلاثة أشرطة لأسرى غربيين، في مثل وضع كانتلي، قتلوا كلهم، ما يعني أن ثمة رسالة جديدة يبعث بها التنظيم، بل يمكن أن تقرأ وكأنها استجابة لدعوة الراعي السابقة للحوار مع «داعش» خاصة بعد إعلان قيام التحالف «الأمريكي الغربي» ضد ما يسميه الإرهاب، وبدء شن هجمات جوية على أفراد التنظيم في العراق!
ويعزز هذا الاعتقاد، أن شريط الفيديو الذي بثته «مؤسسة الفرقان» الجهادية ومدته ثلاث دقائق و21 ثانية حمل رسالة قصيرة تقول «أعيروني سمعكم: رسائل من الأسير البريطاني جون كانتلي»، إضافة إلى انه لا يتضمن اي تهديد آني من التنظيم بإعدام الرهينة الذي قال انه سيكشف «الحقيقة» في «الحلقات القادمة القليلة».
الدعوة للحوار سواء من الراعي، أو كانتلي، او الدولة الإسلامية، أو مهما كان مصدرها، لن تجد آذانا صاغية، لأن قرار الحرب اتخذ، وبدأت الطائرات الغربية شن غاراتها على الدولة، وحدها تركيا تميزت باتخاذ موقف مغاير عن جميع المتحمسين لمحاربة الدولة، فقد نأت بنفسها عن الحلف الجديد، ورفضت السماح للطائرات المهاجمة باستخدام أراضيها لهذه الغاية، وكافأها التنظيم بالإفراج عن قنصلها الأسير في الموصل وعائلات الدبلوماسيين، والمواطنين الأتراك، الذين عادوا إلى بلادهم سالمين، وكأن التنظيم يحاول أن يوصل رسالة أخرى لمن أعلن الحرب عليه، لا تختلف كثيرا عن الرسالة التي أوصلها الصحفي البريطاني الأسير!
أي دعوة للحوار مع تنظيم الدولة الإسلامية الآن، لن يجد من يستمع لها، لكنني على يقين أن الغرب والعرب المتحمسين لقتال الدولة، سيضطرون ذات يوم، وبعد أن يهدروا المزيد من الأرواح والأموال إلى محاورة الدولة، كما اضطروا إلى محاورة طالبان، بعد سنوات طويلة من فشل حربهم التي أعلنوها لمحاربة ما يسمونه «الإرهاب»، فما يفعلونه اليوم هو «تسخين» مياه مرجل الشعوب، لتسريع نضوج طبخة التغيير الشامل، ليس في منطقتنا فحسب، بل في العالم بأسره!
الدستور
الدعوة الثانية، كانت تحمل على نحو أو آخر «توقيع» الدولة الإسلامية نفسها، إذ أتت على لسان المصور الصحافي البريطاني جون كانتلي وهو يعلن انه أسير لدى الدولة الإسلامية، عبر شريط فيديو مصور باحتراف، رُفع على موقع يوتيوب، ثم حذفه الموقع لأن « محتواه ينتهك بنود خدمة الموقع!» والصحيح أن الفيديو موجود في أكثر من موقع لمن أراد مشاهدته، وهو لا يحتوي على شيء مما ذكره يوتيوب، فثمة أفلام لتنظيم الدولة الإسلامية ولغيره، تمتلىء بالمشاهد الدموية، ولم تزل منشورة على الموقع، ولكن يبدو أن إزالة هذا الفيديو تحديدا، جاءت لأنه يحمل دعوة لمحاورة التنظيم، حيث يدعو الصحفي البريطاني دولته لمحاورة الدولة لا قتالها، مستشهدا بمواقف دول أوروبية لم يسمها، قال أنها حاورت الدولة وتمكنت من الإفراج عن مواطنيها الأسرى لديها، وينحي كانتلي باللائمة على بلده (بريطانيا) وأمريكا، لأنهما تخليتا عن مواطنيهما الأسرى لدى التنظيم، ويتوجه للشعوب الغربية بنداء يدعوها فيه إلى عدم تصديق الإعلام، خاصة حينما يتحدث عن تنظيم الدولة، ويعد بكشف حقائق على جانب كبير من الخطورة في «حلقات أخرى» من التسجيل!
القراءة المتفحصة للشريط المصور تقول أن دعوة الحوار منشؤها التنظيم نفسه، لا كانتلي فقط، رغم أنه صاحب مصلحة في إجراء الحوار، ويلاحظ هنا أن هذه الدعوة جاءت بعد بث ثلاثة أشرطة لأسرى غربيين، في مثل وضع كانتلي، قتلوا كلهم، ما يعني أن ثمة رسالة جديدة يبعث بها التنظيم، بل يمكن أن تقرأ وكأنها استجابة لدعوة الراعي السابقة للحوار مع «داعش» خاصة بعد إعلان قيام التحالف «الأمريكي الغربي» ضد ما يسميه الإرهاب، وبدء شن هجمات جوية على أفراد التنظيم في العراق!
ويعزز هذا الاعتقاد، أن شريط الفيديو الذي بثته «مؤسسة الفرقان» الجهادية ومدته ثلاث دقائق و21 ثانية حمل رسالة قصيرة تقول «أعيروني سمعكم: رسائل من الأسير البريطاني جون كانتلي»، إضافة إلى انه لا يتضمن اي تهديد آني من التنظيم بإعدام الرهينة الذي قال انه سيكشف «الحقيقة» في «الحلقات القادمة القليلة».
الدعوة للحوار سواء من الراعي، أو كانتلي، او الدولة الإسلامية، أو مهما كان مصدرها، لن تجد آذانا صاغية، لأن قرار الحرب اتخذ، وبدأت الطائرات الغربية شن غاراتها على الدولة، وحدها تركيا تميزت باتخاذ موقف مغاير عن جميع المتحمسين لمحاربة الدولة، فقد نأت بنفسها عن الحلف الجديد، ورفضت السماح للطائرات المهاجمة باستخدام أراضيها لهذه الغاية، وكافأها التنظيم بالإفراج عن قنصلها الأسير في الموصل وعائلات الدبلوماسيين، والمواطنين الأتراك، الذين عادوا إلى بلادهم سالمين، وكأن التنظيم يحاول أن يوصل رسالة أخرى لمن أعلن الحرب عليه، لا تختلف كثيرا عن الرسالة التي أوصلها الصحفي البريطاني الأسير!
أي دعوة للحوار مع تنظيم الدولة الإسلامية الآن، لن يجد من يستمع لها، لكنني على يقين أن الغرب والعرب المتحمسين لقتال الدولة، سيضطرون ذات يوم، وبعد أن يهدروا المزيد من الأرواح والأموال إلى محاورة الدولة، كما اضطروا إلى محاورة طالبان، بعد سنوات طويلة من فشل حربهم التي أعلنوها لمحاربة ما يسمونه «الإرهاب»، فما يفعلونه اليوم هو «تسخين» مياه مرجل الشعوب، لتسريع نضوج طبخة التغيير الشامل، ليس في منطقتنا فحسب، بل في العالم بأسره!
الدستور