ناشطون يكشفون تفاصيل اليوم الأول من غارات التحالف
فعلتها أميركا وضربت تنظيمي "الدولة الاسلامية" و"جبهة النصرة" في سوريا بمساندة دول عربية هي السعودية والامارات وقطر والبحرين والاردن التي أخذت خيارها بالقضاء على الارهاب حتى لو كان الموقع المستهدف فيه من مواطنيها ينتمون إلى أحد التنظيمين.
مع بزوغ فجر الثلثاء، كانت طائرات التحالف الدولي ضد الارهاب تحلق في سماء سوريا، فهي المرة الأولى التي يدخل فيها الطيران الأميركي والعربي أجواء سوريا منذ عقود. ومن دون اذن مسبق شنت الطائرات أكثر من 50 غارة على مواقع "داعش" والنصرة"، انحصرت في المناطق الأتية: الرقة وريفها، البوكمال في دير الزور، الريف الغربي لحلب وكفر دريان في ريف ادلب.
شائعات في الرقة
عند الساعة الرابعة فجراً، استيقظ "الرقاويون" على اصوات الصواريخ التي ضربت مواقع "الدولة الاسلامية"، وبحسب الناشط السوري المعارض أحمد أبو بكر المتواجد في الرقة "استهدفت 7 غارات جوية مبنى المحافظة وسط مدينة الرقة وحاجز الفروسية شمال المدينة وحاجز المقص جنوبها ومعسكر الطلائع جنوبها ايضاً ومبنى أمن الدولة سابقا، فيما استهدفت 7 غارات جوية مدينة الطبقة في ريف الرقة الغربي ضاربة مطار الطبقة العسكري ومحيطه من الجهة الشرقية ومنطقة التركيبات، قرب سد الفرات في الحي الأول، وفي ريف الرقة الشمالي استهدفت ثلاث غارات جوية اللواء 93 ومحيطه في بلدة عين عيسى، وثلاث غارات أخرى في الريف الشرقي استهدفت مواقع "داعش" في مدينة معدان".
انتظر عناصر "داعش" ساعات الصباح الاولى وبدأوا بعمليات اعادة انتشار وتنظيم حتى لا يكون لديهم أي تجمعات كبيرة في مواقعهم، فيما اختار الاهالي خيار اللجوء بنسبة كبيرة خصوصاً في اتجاه الريف الخالي من اي تواجد لـ"داعش" ونسبة قليلة في اتجاه الريف لشمالي ومنطقة التل الابيض الحدودية في محاولة لدخول تركيا، فيما بقي جزء كبير في الرقة، بحسب أبو بكر الذي يذكّر أن "عدد سكان الرقة 700 او 800 الف نسمة ولدينا اكثر من 600 الف نازح".
تملك "داعش" في الرقة مضاداً للطيران (نوع رشاش)، لكن في رأي أبو بكر "هذا السلاح لا يستطيع اسقاط الطائرات الاميركية السريعة والتي تقصف من مدى جوي عال جداً"، ويضيف: "استطاع تنظيم الدولة الاسلامية الاستيلاء على صواريخ مضادة للطيران من مطار الطبقة العسكري، لكنها ايضا لن تؤثر على الطيران الاميركي".
الجميع يشعر بالصدمة، لم يكن أحد يتوقع أن تضرب "داعش" بطائرات اميركية وعربية، ويقول أبو بكر: "الاهالي في حال تفاؤل بأن يتم القضاء على تنظيم الدولة الاسلامية، خصوصاً ان لا اصابات في صفوف المدنيين". أما عن عدد القتلى في صفوف "داعش" فلا يزال غامضاً، خصوصاً أن التنظيم قام بعمليات اخلاء في الفترة الاخيرة خوفا من أي ضربة عسكرية. عادت الطائرات الحربية إلى مواقعها لتحل مكانها طائرات الاستطلاع، وسط تخوف من من أي غارة جديدة.
وانتشرت شائعات عن سقوط طائرة للتحالف في الرقة بعد اصطدامها ببرج اتصالات، وتداول البعض بصور مزعومة لاجزاء منها، إلا أن أبو ابرهيم الرقاوي نفى الامر وأكد أن "صاروخا اصطدم ببرج الاتصالات، والصور التي انتشرت هي لاجزاء منه".
البوكمال الغامضة
الغموض لا يزال يلف الأوضاع في مدينة البوكمال في محافظة دير الزور، فـ"داعش" هناك قطعت الانترنت عن غالبية الاهالي ومنعت أي ناشط سوري من العمل، وبات الحصول على معلومات من هناك كالبحث عن ابرة في كومة قش، لكن وبحسب ما جمعه الناشط السوري في وكالة "سوريا برس" ماهر حمدان من معطيات فإن 30 غارة جوية استهدفت مقرات "داعش" في البوكمال التي شهدت عمليات هروب من هذا التنظيم منذ اسبوع، وتم التأكد من مقتل أكثر من 3 عناصر وجرح العشرات.
ويقول حمدان: "تركزت الغارات الجوية على مقرات حيوية ورئيسية لتنظيم "داعش"، اضافة إلى حواجز عدة هي: السويعية - الزراعة - النسوية - العقروب – هجين"، مشيرا ًإلى أن "المناطق التي ضربت تعتبر الجسد الرئيسي للتنظيم وبعضها تم اخلاؤه، وهرب مقاتلون بأسلحتهم الى مدينة الميادين وبعضهم إلى أحياء داخل المدينة".
اما مدرسة الزراعة التي قصف حاجزها، فهي نقطة يتحصن فيها عدد كبير من مقاتلي التنظيم، ويوضح حمدان أن "المدرسة عبارة عن سجن مركزي يسجنون فيه من يتهمونه بالردة والكفر، وغالبيتهم من المدنيين العزل ومقاتلي الجيش الحر المعتدلين، اضافة الى نشطاء ومراسلي قنوات اخبارية". كما تحدث حمدان عن "استهداف لحافلة تقل المدنيين قتل كافة من فيها".
اربعة مداجن لـ"النصرة" في ادلب
المفاجأة كانت في ادلب، فلم يحسب تنظيم "جبهة النصرة" أنه مستهدف، وفي التوقيت عينه الذي ضربت فيه الطائرات مواقع اخرى في سوريا، ضربت خمس مواقع في بلدة كفردريان في ادلب، مستهدفة 4 مداجن في شرق القرية هي عبارة عن مقرات لـ"النصرة" اثنان منها على الاقل عبارة عن مستودعات ذخيرة وأسلحة، ويقول الناشط السوري مراد الأيهم لـ"النهار": "تم قصف المداجن بأربعة صواريخ (يرجح انها توماهوك)، وتم تدميرها بالكامل، إذ كانت الاصابات دقيقة مئة في المئة ما ادى الى حصول انفجار في مستودعات الاسلحة، كما تم قصف بناء مؤلف من طبقتين يسكنه نازحون". هذه الضربة ادت الى مقتل لا يقل عن 30 عنصرا من "النصرة" لكنها أيضاً قتلت 10 مدنيين وجرحت نحو 30 شخصاً، وفق الايهم.
واستغل النظام السوري الضربة وشن غاراته على بلدة خان السبل في ريف سراقب، وعلى بلدة التمانعة التابعة لخان شيخون، فيما استغلت قوات المعارضة السورية والكردية الضربات القريبة من الحدود التركية والتي تبعد حوالي 150 متراً عن حلب لأسر عناصر من "داعش" حاولوا الهرب بعيدا عن مناطق تابعة لكوباني.
ويقول الناشط السوري وحيد تامو: ثلاث غارات استهدفت مواقع لـ"داعش" في قرى كرك وجلبية وخان مامد الواقعة في الجهة الشرقية من ريف كوباني القريب من الحدود التركية، ما دفع عناصر "داعش" إلى الانتقام بالهجوم على المدينة.
استهداف "النصرة" و"المهاجرين" في حلب
في ريف حلب الغربي، استهدفت الغارات مواقع لـ"النصرة" و"جيش المهاجرين" في ريف المهندسين ومنطقة خان عسل وبلدة اورم الكبرى، بحسب ما يؤكد الناشط الاعلامي هناك بهاء الحلبي الذي أكد سقوط "15 قتيلاً من عناصر النصرة".
من جهته يشير رئيس مركز الدفاع المدني في مدينة الباب أبو أحمد ان "الغارة استهدفت مبانياً بعيدة جداً عن مقرات "جبهة النصرة" ما ذكرنا بالقصف العشوائي، وما ادى الى سقوط ضحايا من المدنيين". أما أبو مجد الحلبي فتحدث عن تضارب في المعلومات في شأن عدد قتلى "النصرة" ويقول: "هناك من يؤكد أن العدد فاق 40 شخصاً فيما يرى اخرون ان العدد مبالغ به، ويبقى الامر رهن النصرة التي تتكتم عن اوضاعها كالعادة". ويذكّر بأنه "في الريف الشرقي لحلب اماكن مقرات "داعش"، لاحظنا انحسار اعداد عناصر التنظيم منذ 15 يوماً، وبدا الامر بمثابة اعادة انتشار او استعداد للانسحاب من المناطق".
وكانت وكالة الصحافة الفرنسية نقلت عن "المرصد السوري لحقوق الانسان" تأكيده ان الضربات التي شنها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة على مواقع للجهاديين في شمال وشرق سوريا اسفرت عن مقتل 120 منهم على الاقل.
(النهار - محمد نمر)