jo24_banner
jo24_banner

مستقبل «داعش»!

حلمي الأسمر
جو 24 : اسرائيل زيف، جنرال احتياط في جيش العدو الصهيوني، كتب قبل يومين مقالا في يديعوت احرونوت، قدم فيه رؤية لمستقبل تنظيم «الدولة الإسلامية» الذي يسيطر على مساحة تفوق مساحة بريطانيا، ولديه مداخيل مالية تفوق مداخيل بعض الدول، وله جيش أيضا مسلح بأسلحة لم تصل إلى كثير من جيوش العالم، وله أنصار، و»خلايا نائمة» في الكرة الأرضية، ربما تنتظر الفرصة للبوح بمكنوناتها، وهو يتعرض اليوم لحرب عالمية جديدة، عبر حلف دولي جرد أسلحته الفتاكة لمحاربته والقضاء عليه.
يرى الجنرال في صور الطائرات الصغيرة الأمريكية بلا طيار التي تهاجم «داعش» علامة إيجابية في الطريق الى إعادة مشاركة الولايات المتحدة في المنطقة محاولة أن تزيل أضرار انهيار السنوات الأخيرة، لكن ذلك الهجوم –كما يرى- قد يفضي إلى النتيجة العكسية مرة أخرى!
والسبب؟ للعملية الأمريكية عيبان جوهريان، الأول أنها لا تشتغل إلا بالأهداف غاية لها، فيُشك أن يفضي ذلك إلى نقض داعش نقضا تاما؛ والثاني أنه ليس لها الآن أية خطة لترتيب إقليمي جديد يضمن الاستقرار!
حسب رؤية الجنرال الإسرائيلي، غيرت «الدولة» تكتيكها بعد إعلان الحرب عليها، حيث أُعيد نقل حركتها من الشرق الى الغرب أي من العراق الى سوريا والى الشمال الى الحدود التركية، والتوغل العميق في داخل لبنان حيث قدرة الحلف على التدخل أقل وقدرتها على الاختفاء وحفظ قوتها أكبر، ذلك إن الدخول الى لبنان سيضعضع الجبهة السورية كثيرا لأنه سيتوجب على نصر الله أن يعيد جزءا كبيرا من قواته لحماية لبنان وبذلك ستضعف الجبهة في سوريا وتحرز داعش تفوقا آخر في ساحة الأسد، وفي النهاية، يرى إن نقائص الهجوم الامريكي يمكن أن تفضي الى ثلاث نتائج: الأولى أن تنجح المنظمة من غير دخول بري في البقاء، بل أن تخرج أعظم قوة بعد أن «حاربت الغرب كله». والثانية هي إحداث فوضى على الأرض والفوضى مستنبت خصب لما يسميه «الارهاب» والتحول الى ما يشبه الصوملة. والثالثة أن الإيرانيين وحزب الله سيستغلون حقيقة أن داعش ستضعف للسيطرة على المناطق «الموبوءة» في غرب العراق وشرق سوريا ويحققون بذلك خطة «الممر» المتصل بين طهران وبيروت!
لا يتفرد الجنرال الإسرائيلي بمثل هذه الرؤية «المتشائمة» فلطالما قرأت وسمعت آراء متشابهة، وهو أمر يعزز رؤية أصحاب نظرية المؤامرة، الذين يعتقدون أن تنظيم «الدولة» مجرد أداة في يد الكبار لإعادة رسم حدود المنطقة، أو ما يسميه البعض سايكس/بيكو مذهبي، أنا أنأى بنفسي عن هذه النظرية واعتقد أن الأمر متعلق بحالة ضبابية، يقع فيها الجميع، وبلا استثناء، رغم ما نعتقده من وجود عبقرية مفرطة لدى أجهزة الدول الكبرى، واللاعبين الكبار تحديدا، حيث يبدو لي ان الجميع يتخبطون في خيارات كلها سيئة، وما يجري أن ثمة حراكا يمتلك قوة دفع ذاتي، سيعيد تشكيل كثير من الأطر التي حسبنا أنها بمنأى عن أي تغيير، الحل كما يراه الجنرال، وهو شبه مستحيل، كما أظن، هو اعتماد أمريكا على منظومة الدول والعناصر المستقرة في المنطقة والجمع بينها على نحو يحوي المنطقة «الموبوءة» في الوسط ويحاصرها. والغاية هنا هي أن يُمنع في مرحلة الهجوم وبعدها انتشار داعش وإعادة بنائها، وتتطلب هذه الخطوة تجنيد تركيا وتعزيز حدودها الجنوبية التي يمر منها الى داعش مجندون وأموال. وينبغي التعجيل بمنح كردستان استقلالها بالفعل وإعادة بناء جيش العراق (وهو أمر سيحتاج الى ثلاث سنوات على الأقل) في الجنوب، وينبغي تقوية الحدود مع إسرائيل أيضا! هكذا يقول..
تنظيم «الدولة» وجد ليبقى كما يبدو، وإن كان حديث التحالف يدور حول الزمن الذي تستغرقه محاربتها، ويمتد إلى خمس سنوات، فاغلب الظن أن أحداثا جساما تنتظرنا، ربما تحتاج لما يزيد عن العقد بكثير، كي تستقر، ولربما تكون الدهشة الكبرى، في صورة المشهد الختامي الذي غالبا ما سيكون صاعقا!

الدستور
تابعو الأردن 24 على google news