مواعظ دينيس روس .. كل الإسلاميين أعداء!!
ياسر الزعاترة
جو 24 : هذا الاسم ليس غريبا على مسامع المعنيين بالشأن السياسي في هذه المنطقة، فهو المبعوث الأمريكي للسلام في الشرق الأوسط، والصهيوني المخضرم، وأحد أعمدة اللوبي الصهيوني والمحافظين الجدد في الولايات المتحدة، لكن ذلك كله لا يجعل آراءه منبوذة، بقدر ما يجعلها أكثر تأثيرا، فاللوبي الصهيوني هو الأكثر تأثيرا في قرارات واشنطن المتعلقة بهذه المنطقة على وجه التحديد.
في آخر تجلياته الفكرية إن جاز التعبير، قدم روس جملة من المواعظ للإدارة الأمريكية حول سبل التعاطي مع الإسلاميين في المنطقة، وذلك من خلال مقال في نيويورك تايمز، فماذا قال وما هي أهم مواعظه، وهل هي ما ستأخذ به الإدارة الأمريكية، أو هي التي تمثل واقع سياستها الراهنة في واقع الحال؟
طالب روس الإدارة الأمريكية بإدراك حقيقة الصدع القائم في الشرق الأوسط ممثلا في الانقسام بين الإسلاميين وغير الإسلاميين، والذي سيؤدي إلى تداعيات عميقة على السياسات الخارجية الأمريكية في المنطقة.
من هنا يبدأ التزوير، إذ إن الصراع في المنطقة ليس بين الإسلاميين وغير الإسلاميين، بل بين الأنظمة الشمولية وبين الشعوب المطالبة بالحرية والتعددية، وبين الشعوب، وبين الإرادة الخارجية التي تريد دولها تابعة للمصالح الخارجية. هذا هو جوهر ربيع العرب حتى لو تصدره الإسلاميون لكونهم القوة الكُثرى حضورا وتنظيما في الشارع.
ويرى روس بطبيعة الحال أن حلفاء واشنطن هم «غير الاسلاميين»، سواء أكانوا دولا أم تيارات علمانية مناهضة للإسلام السياسي.
ويقسم روس التيارات الاسلامية إلى سنية وشيعية، أما السنية فتشمل تنظيم الدولة والقاعدة والإخوان المسلمين، بينما تشمل الشيعية إيران والميليشيات التابعة لها، بما في ذلك حزب الله في لبنان وسوريا وعصائب أهل الحق في العراق.
ورغم ما بين تلك التيارات من صراعات، بحسب روس، إلا أنها جميعا في صراع محتدم مع غير الاسلاميين في معركة تحديد هوية المنطقة (أية هوية يريدها لها؟!).
ورغم تفريقه بين تنظيم داعش وبين جماعة الإخوان، إلا أنه يراهما متفقين على مسألة الدولة الإسلامية.
وفي معرض توصيفه لغير الإسلاميين، يرى روس أنهم يشملون انظمة عربية من بينها مصر والجزائر بالإضافة إلى الاصلاحيين العلمانيين «قليلي العدد» (يستنثي نظام بشار لأنه يعتمد على إيران). ويرى أن هذا الفريق يريد أن الولايات المتحدة تدعمه، ويذكّر بأن مصر تمثل جزءا هاما من التحالف المضاد للإسلاميين، وأن الدعم العسكري الأمريكي لا يجب أن يتوقف بسبب الخلاف على السياسات الداخلية التي ينتهجها النظام المصري، ويذكّر بأن السيسي يرى نفسه في «صراع وجودي» مع الإخوان المسلمين.
والخلاصة حسب روس هي أن غير الاسلاميين هم الحلفاء الطبيعيين لأمريكا في المنطقة، لأنهم «يؤيدون الاستقرار وحرية تدفق الغاز والنفط ويعارضون الإرهاب».
وفي الختام يقدم ثلاث نصائح (يسميها) مبادئ لواشنطن عليها اتباعها في شراكتها مع الأنظمة المعادية للإسلاميين في المنطقة، وهي: أولا التركيز على الأمن والاستقرار. ثانيا عدم التواصل مع الإسلاميين لأن معتقداتهم غير متوافقة مع التعددية والديمقراطية (كأن معتقدات من يدعو للتحالف معهم متوفقة معها!!). ثالثا، وهذه للتبرير الأخلاقي فقط لا غير لأنه يعلم أن النصائح الأولى تجعلها بل معنى، حيث يقول: لا يعني دعم حلفاء أمريكا من غير الاسلاميين أن تظل صامتة حيال السياسات الداخلية، إذا لا بد أن تضغط عليهم فيما يتعلق بالتعددية وحقوق الاقليات وسيادة القانون.
مرة أخرى نقول إن واقع سياسة واشنطن في المنطقة هي تماما ما تحدث عنه دينيس روس، ولكنه يعيد التذكير بها حتى لا ينحرف المسار، ويبدو أنه خائف من أن تؤدي الحرب على تنظيم الدولة إلى قدر من التفريق بين الحركات الإسلامية، عبر تصنيف هذه معتدلة وتلك متطرفة، حيث يريد التذكير بأنه ما من شيء أفضل لمصالح الولايات المتحدة من الأنظمة القائمة (وجود غير الإسلاميين في الأوساط الرسمية محدود كما أقرَّ بذلك).
إنه يريد التأكيد على أن الإسلاميين هم جميعا أعداء لمصالح الولايات المتحدة (مصالح الكيان الصهيوني الذي يعبر عن هواجسه بتعبير أدق)، وهو ذات منطق نتنياهو الذي يردده مرارا وتكرارا.
روس، والسياسة الواقعية لواشنطن في المنطقة تعيد تذكير الإسلاميين المعتدلين، بأن أمريكا ودول الغرب عموما (صار ينسحب ذلك على الصين وروسيا أيضا) لن تكون معهم بأي حال، وأنها لن تفضل على الأنظمة القائمة أحدا، سواءً كان إسلاميا أم ملحدا ما دام يؤمن بالتحرر من القمع والطغيان في الداخل، ومن التبعية للخارج في آن. هذه هي الإمبريالية ومنطقها التقليدي الذي لا يتغير.
الدستور
في آخر تجلياته الفكرية إن جاز التعبير، قدم روس جملة من المواعظ للإدارة الأمريكية حول سبل التعاطي مع الإسلاميين في المنطقة، وذلك من خلال مقال في نيويورك تايمز، فماذا قال وما هي أهم مواعظه، وهل هي ما ستأخذ به الإدارة الأمريكية، أو هي التي تمثل واقع سياستها الراهنة في واقع الحال؟
طالب روس الإدارة الأمريكية بإدراك حقيقة الصدع القائم في الشرق الأوسط ممثلا في الانقسام بين الإسلاميين وغير الإسلاميين، والذي سيؤدي إلى تداعيات عميقة على السياسات الخارجية الأمريكية في المنطقة.
من هنا يبدأ التزوير، إذ إن الصراع في المنطقة ليس بين الإسلاميين وغير الإسلاميين، بل بين الأنظمة الشمولية وبين الشعوب المطالبة بالحرية والتعددية، وبين الشعوب، وبين الإرادة الخارجية التي تريد دولها تابعة للمصالح الخارجية. هذا هو جوهر ربيع العرب حتى لو تصدره الإسلاميون لكونهم القوة الكُثرى حضورا وتنظيما في الشارع.
ويرى روس بطبيعة الحال أن حلفاء واشنطن هم «غير الاسلاميين»، سواء أكانوا دولا أم تيارات علمانية مناهضة للإسلام السياسي.
ويقسم روس التيارات الاسلامية إلى سنية وشيعية، أما السنية فتشمل تنظيم الدولة والقاعدة والإخوان المسلمين، بينما تشمل الشيعية إيران والميليشيات التابعة لها، بما في ذلك حزب الله في لبنان وسوريا وعصائب أهل الحق في العراق.
ورغم ما بين تلك التيارات من صراعات، بحسب روس، إلا أنها جميعا في صراع محتدم مع غير الاسلاميين في معركة تحديد هوية المنطقة (أية هوية يريدها لها؟!).
ورغم تفريقه بين تنظيم داعش وبين جماعة الإخوان، إلا أنه يراهما متفقين على مسألة الدولة الإسلامية.
وفي معرض توصيفه لغير الإسلاميين، يرى روس أنهم يشملون انظمة عربية من بينها مصر والجزائر بالإضافة إلى الاصلاحيين العلمانيين «قليلي العدد» (يستنثي نظام بشار لأنه يعتمد على إيران). ويرى أن هذا الفريق يريد أن الولايات المتحدة تدعمه، ويذكّر بأن مصر تمثل جزءا هاما من التحالف المضاد للإسلاميين، وأن الدعم العسكري الأمريكي لا يجب أن يتوقف بسبب الخلاف على السياسات الداخلية التي ينتهجها النظام المصري، ويذكّر بأن السيسي يرى نفسه في «صراع وجودي» مع الإخوان المسلمين.
والخلاصة حسب روس هي أن غير الاسلاميين هم الحلفاء الطبيعيين لأمريكا في المنطقة، لأنهم «يؤيدون الاستقرار وحرية تدفق الغاز والنفط ويعارضون الإرهاب».
وفي الختام يقدم ثلاث نصائح (يسميها) مبادئ لواشنطن عليها اتباعها في شراكتها مع الأنظمة المعادية للإسلاميين في المنطقة، وهي: أولا التركيز على الأمن والاستقرار. ثانيا عدم التواصل مع الإسلاميين لأن معتقداتهم غير متوافقة مع التعددية والديمقراطية (كأن معتقدات من يدعو للتحالف معهم متوفقة معها!!). ثالثا، وهذه للتبرير الأخلاقي فقط لا غير لأنه يعلم أن النصائح الأولى تجعلها بل معنى، حيث يقول: لا يعني دعم حلفاء أمريكا من غير الاسلاميين أن تظل صامتة حيال السياسات الداخلية، إذا لا بد أن تضغط عليهم فيما يتعلق بالتعددية وحقوق الاقليات وسيادة القانون.
مرة أخرى نقول إن واقع سياسة واشنطن في المنطقة هي تماما ما تحدث عنه دينيس روس، ولكنه يعيد التذكير بها حتى لا ينحرف المسار، ويبدو أنه خائف من أن تؤدي الحرب على تنظيم الدولة إلى قدر من التفريق بين الحركات الإسلامية، عبر تصنيف هذه معتدلة وتلك متطرفة، حيث يريد التذكير بأنه ما من شيء أفضل لمصالح الولايات المتحدة من الأنظمة القائمة (وجود غير الإسلاميين في الأوساط الرسمية محدود كما أقرَّ بذلك).
إنه يريد التأكيد على أن الإسلاميين هم جميعا أعداء لمصالح الولايات المتحدة (مصالح الكيان الصهيوني الذي يعبر عن هواجسه بتعبير أدق)، وهو ذات منطق نتنياهو الذي يردده مرارا وتكرارا.
روس، والسياسة الواقعية لواشنطن في المنطقة تعيد تذكير الإسلاميين المعتدلين، بأن أمريكا ودول الغرب عموما (صار ينسحب ذلك على الصين وروسيا أيضا) لن تكون معهم بأي حال، وأنها لن تفضل على الأنظمة القائمة أحدا، سواءً كان إسلاميا أم ملحدا ما دام يؤمن بالتحرر من القمع والطغيان في الداخل، ومن التبعية للخارج في آن. هذه هي الإمبريالية ومنطقها التقليدي الذي لا يتغير.
الدستور