غزة ... علّ السماء تمطر أعيادا
سلام الخطيب- لم يذق ذلك الطفل المستلقي بين أنقاض منزله حجم السعادة التي تحلق في الأفق باحثة عن ممر ضيق تخترقه لتزين زوايا منزله المحطم، وترسم على جدرانه ابتسامة توقظه مسرعا ليلعب مع أبناء الحي.
ربما خيوط الذهب التي سطرتها أشعة الشمس، والتي حاولت جاهدة ايجاد منفذ بين أنقاض المنزل لتدخل منه وتحطّ أخيرا على جبينه منبهة اياه بحلول يوم جديد لا يحمل في جعبته سوى الأمل بأن ينفك الحصار، والرجاء بالعودة إلى كنف أسرته والعيش معهم في بيت يقف على أربعة أعمدة.
ومضى العيد .. وليس هذا أول عيد .. وحبة الشوكولاته تتلاشى من بين يدي الطفل المرتجفتين، فها هو يشد على أزرها تارة، ويحاول أن يجد أخته الصغيرة الضائعة بين الأنقاض ليطعمها اياها تارة أخرى.
موقد من حطب .. وقطعة حلوى .. ودفءٌ من بَرَد .. جلّ ما يبحث عنه ذلك الطفل، خاصة بعد أن حلقت في السماء سحابة بيضاء تنذر بالمطر، ليتنهد قلبه خوفا أن يطول الحال، ولا يدري حجم الصخرة التي ربما اختارت جسد أخته لتركن فوقها برهة من الزمن.
لا يدري ذلك الطفل أحبة الكعك تلك محشوة بالتمر أم بالجوز، فهي تبعد عنه عشرات الأمتار، وتحول الصخرة تلو الأخرى بينه وبين وصوله لها... عيد مغلف بثوب من سواد، وأصوات مفرقعات لا تعبر سوى عن طلق الرصاص، وقنابل متفجرة يطلقها العدو الشبح عليهم، ولا زال الصمود والكبرياء رفيق دربهم وأملهم بأن العيد القادم سيكون حليفهم.