نصراللـه إذ يحمل السعودية «مسؤولية فكر داعش»!!
ياسر الزعاترة
جو 24 : في ترديد للخطاب الإيراني اليومي الذي يحمّل المملكة العربية السعودية المسؤولية عن إنشاء ودعم تنظيم الدولة الإسلامية، ذهب نصرالله في إحدى خطب عاشوراء إلى القول: إن “الذي يتحمل المسؤولية الأولى اليوم في العالم الإسلامي عن وضع حد لانتشار هذا الفكر هو المملكة العربية السعودية”، مضيفا، إنه “لا يكفي أن يؤسسوا تحالفا دوليا لتأتي جيوش العالم كي تقاتل داعش. في البداية، وهذا خطاب للكل، أغلقوا المدارس التي تخرج أتباع هذا الفكر الداعشي، وأوقفوا وأغلقوا أبواب التكفير والحكم على الناس لأنهم مشركون لأدنى الأسباب”.
في الخطاب الإيراني الرسمي يتردد هذا الطرح يوميا، فيما تتكفل وسائل الإعلام الإيرانية بملاحقة خبر أي سعودي يُقتل في صفوف تنظيم الدولة، مع أن جميع الدوائر الأجنبية والعربية تؤكد أن السعوديين ليسوا الأكثر عددا في صفوف التنظيم، إذ يتقدم عليهم التوانسة مثلا، وهم أبناء بلد كان متطرفا في علمانيته طوال عقود، إلى جانب قادمين من الدول الأجنبية.
ليس هذا دفاعا سياسيا عن السعودية، لكنه دفاع عن الحقيقة التي يحاول نصرالله وجميع أركان التحالف الإيراني إنكارها ممثلة في أنهم المسؤول الأكبر عما يجري في المنطقة، وفي مقدمته تقدم تنظيم داعش في سوريا والعراق.
ربما لا يعلم نصرالله، أو لعله يعلم، ومن ورائه إيران أن الفكر المعتمد في السعودية من الناحية الرسمية، هو الفكر النقيض للفكر الذي يتبناه تنظيم الدولة، والذي يسمّى خليجيا بـ”الجامية”، أي الطرح الذي يركز على طاعة ولاة الأمر، بل اعتبار ذلك من مسائل العقيدة، ورفض إعلان أي حرب من دون إذنهم.
وما من دولة نشرت هذا الفكر الأخير الذي حارب الفكر الذي يتبناه تنظيم الدولة مثل السعودية. صحيح أن المرجعية التي يتبناها الطرفان هي ذاتها، أعني الكتاب الكريم، والسنّة، “بحسب منهج السلف الصالح”، لكن النتيجة التي يصل إليها الطرفان متناقضة من الناحية السياسية.
في هذا السياق ثمة نقطتان بالغتا الأهمية ينبغي أن نذكّر بهما نصرالله وعموم التحالف الإيراني، أولهما أنهم المسؤولون الحقيقيون عن إحياء فكر السلفية الجهادية الذي يتبناه عمليا تنظيم داعش، أولا بسبب دعمهم لدموية بشار، وثانيا بسبب دعمهم لطائفية المالكي، وليتذكروا أن التنظيم كان في حالة تراجع في العراق، وليتذكروا أن أسامة بن لادن كان يقدم مما يشبه النعي لبرنامج العنف المسلح بعد الربيع العربي الذي سمّاه “تحولات تاريخية”، وما أحيا هذا البرنامج هو دعم إيران لدموية بشار، وطائفية المالكي.
من هنا، يمكن القول، إن تصريحات التحالف الإيراني التي تتهم السعودية هي محاولة للتهرب من مسؤوليتهم المباشرة عما جرى ويجري، وها إنهم يكررون ذات السيناريو في اليمن بدعمهم لاحتلال الحوثي، وانقلابه على ثورة شعبه، وهو الموقف الذي منح وسيمنح حاضنة شعبية للقاعدة، تماما كما منحت سياستهم حاضنة شعبية لتنظيم داعش في العراق، وللسلفية الجهادية في سوريا.
إن ما يجري هو في المقام الأول رد على غطرسة إيران، وليس نتاج أفكار؛ لأن الأفكار لا تصنع عنفا مسلحا، وإنما تمنحه الدافعية والمبرر لا أكثر ولا أقل.
يدخلنا هذا إلى النقطة الهامة الأخرى، والتي تتمثل في سؤال يقول: إذا كانت السعودية مسؤولة عن فكر تنظيم الدولة، فمن هو المسؤول عن فكر عصائب الحق وتنظيم بدر وحزب الله- العراق؛ والمليشيات التي استخدمت أكثر أنواع العنف بشاعة ضد العرب السنّة في العراق، وحيث سمعنا لأول مرة في التاريخ عن ثقب رؤوس الناس بالـ”الدريل”، وما شابه من وسائل القتل والتعذيب الأبشع من قطع الرؤوس بالسكين؟!
هنا تحديدا تبرز التعبئة المذهبية أكثر مما تبرز هناك في حالة فكر تنظيم داعش (التكفير في الوسط الشيعي محمولا على استعادة يومية للثارات التاريخية أكثر شيوعا وإن لم يبرز إعلاميا)، مع حضورها في الحالتين، لكن العنف هنا لم يكن مبررا بأي حال، لأن العرب السنّة في العراق كانوا في حالة استضعاف بعد احتلال العراق. ونسأل نصرالله أيضا: ألم يكن حزب الدعوة العراقي الذي يعتبره واحدا من أهم مراجعه هو صاحب أول عملية انتحارية قتلت مدنيين في بيروت العام 81 ضد السفارة العراقية، والتي قتلت فيها زوجة الشاعر نزار قباني، ورثاها بقصيدته الشهيرة المعنونة باسمها “بلقيس”؟!
نعيد القول: إن إيران بغرورها وغطرستها هي المسؤول الأكبر عن هذا العنف، وهذه الفوضى في المنطقة، وهي دفعت وستدفع أثمانا باهظة، ولن تصل إلى نتيجة، لأنها لن تأخذ في المنطقة أكثر ما يسمح لها حجمها، مع أن المصيبة قد طالت وستطال الجميع من دون شك. فكفاكم تزويرا للوقائع والتاريخ، ومن ضمنه ما يجري من عنف في لبنان؛ سببه الأول هو تدخل حزب الله في سوريا لصالح المجرم الذي يقتل شعبه في سوريا.
(الدستور)
في الخطاب الإيراني الرسمي يتردد هذا الطرح يوميا، فيما تتكفل وسائل الإعلام الإيرانية بملاحقة خبر أي سعودي يُقتل في صفوف تنظيم الدولة، مع أن جميع الدوائر الأجنبية والعربية تؤكد أن السعوديين ليسوا الأكثر عددا في صفوف التنظيم، إذ يتقدم عليهم التوانسة مثلا، وهم أبناء بلد كان متطرفا في علمانيته طوال عقود، إلى جانب قادمين من الدول الأجنبية.
ليس هذا دفاعا سياسيا عن السعودية، لكنه دفاع عن الحقيقة التي يحاول نصرالله وجميع أركان التحالف الإيراني إنكارها ممثلة في أنهم المسؤول الأكبر عما يجري في المنطقة، وفي مقدمته تقدم تنظيم داعش في سوريا والعراق.
ربما لا يعلم نصرالله، أو لعله يعلم، ومن ورائه إيران أن الفكر المعتمد في السعودية من الناحية الرسمية، هو الفكر النقيض للفكر الذي يتبناه تنظيم الدولة، والذي يسمّى خليجيا بـ”الجامية”، أي الطرح الذي يركز على طاعة ولاة الأمر، بل اعتبار ذلك من مسائل العقيدة، ورفض إعلان أي حرب من دون إذنهم.
وما من دولة نشرت هذا الفكر الأخير الذي حارب الفكر الذي يتبناه تنظيم الدولة مثل السعودية. صحيح أن المرجعية التي يتبناها الطرفان هي ذاتها، أعني الكتاب الكريم، والسنّة، “بحسب منهج السلف الصالح”، لكن النتيجة التي يصل إليها الطرفان متناقضة من الناحية السياسية.
في هذا السياق ثمة نقطتان بالغتا الأهمية ينبغي أن نذكّر بهما نصرالله وعموم التحالف الإيراني، أولهما أنهم المسؤولون الحقيقيون عن إحياء فكر السلفية الجهادية الذي يتبناه عمليا تنظيم داعش، أولا بسبب دعمهم لدموية بشار، وثانيا بسبب دعمهم لطائفية المالكي، وليتذكروا أن التنظيم كان في حالة تراجع في العراق، وليتذكروا أن أسامة بن لادن كان يقدم مما يشبه النعي لبرنامج العنف المسلح بعد الربيع العربي الذي سمّاه “تحولات تاريخية”، وما أحيا هذا البرنامج هو دعم إيران لدموية بشار، وطائفية المالكي.
من هنا، يمكن القول، إن تصريحات التحالف الإيراني التي تتهم السعودية هي محاولة للتهرب من مسؤوليتهم المباشرة عما جرى ويجري، وها إنهم يكررون ذات السيناريو في اليمن بدعمهم لاحتلال الحوثي، وانقلابه على ثورة شعبه، وهو الموقف الذي منح وسيمنح حاضنة شعبية للقاعدة، تماما كما منحت سياستهم حاضنة شعبية لتنظيم داعش في العراق، وللسلفية الجهادية في سوريا.
إن ما يجري هو في المقام الأول رد على غطرسة إيران، وليس نتاج أفكار؛ لأن الأفكار لا تصنع عنفا مسلحا، وإنما تمنحه الدافعية والمبرر لا أكثر ولا أقل.
يدخلنا هذا إلى النقطة الهامة الأخرى، والتي تتمثل في سؤال يقول: إذا كانت السعودية مسؤولة عن فكر تنظيم الدولة، فمن هو المسؤول عن فكر عصائب الحق وتنظيم بدر وحزب الله- العراق؛ والمليشيات التي استخدمت أكثر أنواع العنف بشاعة ضد العرب السنّة في العراق، وحيث سمعنا لأول مرة في التاريخ عن ثقب رؤوس الناس بالـ”الدريل”، وما شابه من وسائل القتل والتعذيب الأبشع من قطع الرؤوس بالسكين؟!
هنا تحديدا تبرز التعبئة المذهبية أكثر مما تبرز هناك في حالة فكر تنظيم داعش (التكفير في الوسط الشيعي محمولا على استعادة يومية للثارات التاريخية أكثر شيوعا وإن لم يبرز إعلاميا)، مع حضورها في الحالتين، لكن العنف هنا لم يكن مبررا بأي حال، لأن العرب السنّة في العراق كانوا في حالة استضعاف بعد احتلال العراق. ونسأل نصرالله أيضا: ألم يكن حزب الدعوة العراقي الذي يعتبره واحدا من أهم مراجعه هو صاحب أول عملية انتحارية قتلت مدنيين في بيروت العام 81 ضد السفارة العراقية، والتي قتلت فيها زوجة الشاعر نزار قباني، ورثاها بقصيدته الشهيرة المعنونة باسمها “بلقيس”؟!
نعيد القول: إن إيران بغرورها وغطرستها هي المسؤول الأكبر عن هذا العنف، وهذه الفوضى في المنطقة، وهي دفعت وستدفع أثمانا باهظة، ولن تصل إلى نتيجة، لأنها لن تأخذ في المنطقة أكثر ما يسمح لها حجمها، مع أن المصيبة قد طالت وستطال الجميع من دون شك. فكفاكم تزويرا للوقائع والتاريخ، ومن ضمنه ما يجري من عنف في لبنان؛ سببه الأول هو تدخل حزب الله في سوريا لصالح المجرم الذي يقتل شعبه في سوريا.
(الدستور)