jo24_banner
jo24_banner

النصف الممتلئ من كأس العرب!

حلمي الأسمر
جو 24 : البؤر الساخنة في المشهد العربي: العراق، سوريا، مصر، اليمن، القدس، غزة، وتونس، البعض يراها مدعاة للتشاؤم، وأنا أرى حاصل جمعها ببساطة: القرار لم يعد بأيدي الأنظمة فقط، ولا من يدعمها، ثمة عامل حاسم جديد، وهو: الناس العاديون، الشعوب، هذه بداية تغيير شامل في حياتنا، صحيح أن ثمنه باهظ جدا، ويكتنفه الكثير من المخاطر، لاضطراب البوصلة، وتداخل الأولويات، لكنه في المحصلة، خير!

هذا الخير، كما يبدو، يؤذن ببداية تفكك بنية الدولة العربية، التي تجتهد في اللهاث وراء حراك الشعب واحتوائه، أكثر من سعيها للتخطيط لرفاهه، وحل مشكلاته!
النصف الممتلئ من الكأس، وسط هذا المشهد الذي يبدو سوداويا على نحو كبير، يقول إن «القرار» لم يعد حكرا على اصحاب القرار، بل ثمة إرادة أخرى في طور البلورة والاستواء، ربما تحتاج لمزيد من الوقت، كي تتحول إلى عنصر حسم.

ما يجري في القدس الآن، مثلا، نموذج حي لما نذهب إليه، فقد «قررت» السلطة الفلسطينية: لا انتفاصة بعد! ولكن الانتفاضة جاءت من حيث لا تدري ولا يدري شريكها في «التنسيق الأمني»، من القدس، حيث لا سلطة للأمن الفلسطيني، ولا تنسيق أمنيا، بل سلطة مطلقة للاحتلال، وثمة ما يدل على أن الحدث هناك مرشح للنمو، وربما يجر إليه تحرك ما في الضفة الغربية، خاصة أن المشهد تعمد بالدم، فبعد قتل الطفل محمد ابو خضير على نحو مأساوي من قبل قتلة يهود، جاء استشهاد معتز حجازي، ليكونا ايقونتين تلهمان المنتفضين، وتشعلان الوجدان، ومن شاهد جنازة معتز الليلية، يدرك انها أقرب ما تكون إلى «افتتاح رسمي» لانتفاضة ثالثة بكامل نصابها!

مثل آخر، يهز الوجدان: تونس، حيث تقود «أصوات» الناس العاديين البلاد إلى مصير جديد، لصندوق الانتخابات هيبته، بعد أن تحول هذا الصندوق في غير بلد عربي إلى «مسخرة».. ربما تكون انتخابات تونس خيبت أمل البعض من حيث نتائجها، ولكن سبب هذه «الخيبة» هو سبب نجاح التجربة نفسه، لأن أي فوز للإسلاميين يستنفر كل قوى الأرض لمواجهته وإفشاله، وكون إسلاميي تونس تراجعو إلى الدرجة الثانية، فالبلد في مأمن من «التآمر» والتدمير!

آخر الأمثلة، ما جرى في العراق، حيث تم تفكيك النظام الطائفي المستبد تقريبا، بعد أن يلغت وحشيته حدا لا يطاق، صحيح ان من استفاد من هذا التفكيك تنظيم «الدولة الإسلامية» المختلف على تصنيفه وسط الشعوب العربية، والذي يكتنفه الكثير من الغموض، إلا ان ما جرى أشبه ما يكون بثورة شعبية، قادها فرادى الناس المغيبون، ولم يكن لذلك التنظيم أن ينجح في بسط سيطرته على الأرض، لولا الحاضنة الشعبية التي توافرت له!

في المحصلة، ورغم قتامة الصورة، كما تبدو للوهلة الأولى، إلا ثمة ما يبشر ان الشعوب بدأت تأخذ بزمام مصيرها، بعد أن كانت مجرد قطعان تُقاد إلى مصيرها المحتوم!
تابعو الأردن 24 على google news