كي لا تتوقف انتفاضة القدس
ياسر الزعاترة
جو 24 : ما يجري في القدس المحتلة انتفاضة حقيقية تتواصل منذ شهور، بينما يبدو الوضع أقل حدة في الضفة الغربية. وإذا جئنا نفتش عن الأسباب التي تدفع في هذا الاتجاه، فإن السبب الأكبر هو الاعتداءات التي أصبحت شبه يومية في القدس، وضد المسجد الأقصى على وجه التحديد (دعك من مسلسل الاستيطان والتهجير الذي لا يتوقف)، وحيث يشعر الصهاينة أن الأجواء الدولية والإقليمية يمكن أن تكون مواتية من أجل فرض وقائع جديدة في المدينة المقدسة.
من جانب آخر، بات واضحا أن الكيان الصهيوني يزداد ميلا نحو اليمين (لا نقول انحرافا لأن تطرفه هو الأصل)، واستطلاعات الرأي تؤكد ذلك، كما تؤكد وجهته الدينية، ما يعني أن ملف القدس سيغدو أكثر حساسية وإثارة، وحيث تعتقد الغالبية من الإسرائيليين أن التنازل عن القدس الشرقية لا يمكن أن يكون مقبولا بأي حال، وأن مسألة الهيكل ليست في وارد المساومة.
إنه الصراع على هذا الكيلو متر المربع الذي أفشل مفاوضات كامب ديفيد صيف العام 2000، وأفشل مفاوضات عباس مع أولمرت أيضا، وسيفشل أية إمكانية للتسوية مع الكيان الصهيوني، مهما بدا أن الوضع العربي في حالة انبطاح أمام الكيان الصهيوني.
الجانب الذي لا يمكن إغفاله في انتفاضة القدس، وهو المؤسف بكل تأكيد يتمثل في غياب السلطة وأمنها هناك، هي التي تبدو أكثر حماسة، بل ربما شراسة في مطاردة شبح الانتفاضة في الضفة الغربية، وبالطبع لأن لعباس إيمانا أيديولوجيا بعبثيتها، أقله في العلن، فيما يعلم الجميع أن للأمر صلة بالبعد الشخصي، وحيث يتطلب تبني مسار من هذا النوع إلى روح استشهادية.
عمليات الدهس التي توالت مؤخرا ضد الجنود والمستوطنين الصهاينة، وكان أحد تجلياتها في الخليل أيضا بعد عملية القدس البطولية، هذه العمليات تؤكد أن الشباب الفلسطيني قد بدأ يفكر في طرق مبتكرة لمواجهة قلة السلاح الناتجة عن 10 سنوات من التنسيق الأمني المحموم، ومثلها من المطاردة والقمع من قبل اجهزة الاحتلال.
إنها مبادرات فردية مبتكرة، لكنها لا تعبر وحدها عما يجري في القدس من مظاهرات وصدامات يومية، دفعت الاحتلال إلى اختراع قوانين جديدة تشدد العقوبة على راشقي الحجارة، لتصل إلى الحكم بالسجن لعشرين عاما.
ثمة غضب كبير يتراكم في القدس، وإذا كانت انتفاضة الأقصى قد اندلعت ردا على حادثة وقع منها الكثير خلال الشهور الماضية أعني اقتحام شارون للمسجد، فإن الفارق بين الحالتين يتمثل في القيادة الفلسطينية. ففي حين انسجم عرفات رحمه الله مع نبض الشارع في ذلك الحين، يبدو عباس في وضع مختلف تماما، إذ يدير ظهره لذلك النبض ويصرُّ على عبثية مساره، بل يذهب أبعد من ذلك عبر التآمر على قطاع غزة من أجل نزع سلاحه وضمه إلى ذات اللعبة البائسة في الضفة.
خلاصة القول هي أن ما يجري يمثل انتفاضة حقيقية، لكنها محصورة في القدس، ومن الضروري أن يتمرد الشارع الفلسطيني في الضفة الغربية على مسار عباس البائس، في ذات الوقت الذي على القوى الفلسطينية أن ترفض المخطط الجديد، إن كان في غزة ممثلا في التآمر على سلاح المقاومة، أم كان في عموم الوضع الفلسطيني عبر الشروع في مسيرة تفاوض جديدة يعد لها جون كيري خوفا على الكيان الصهيوني، ومن أجل تخدير الوضع الفلسطيني من جديد.
يدرك عباس تماما أن نتنياهو لن يعطيه حلا في القدس يمكن تسويقه على الشعب الفلسطيني، فضلا عن مفردات الحل البائس الأخرى، وإذا كان هذا الرجل لا يريد أن يخوض انتفاضة ضد العدو، فعليه أن يرحل ويترك الشعب الفلسطيني يتدبر أمره، وهنا تقع المسؤولية الكبرى على حركة فتح التي ينبغي أن يقول أبناؤها لهذا الرجل كفاك عبثا، والشعب لن يقبل باستمرار هذه اللعبة إلى ما لا نهاية.
بقيت الإشارة إلى ما جرى أمس من تفجيرات في قطاع غزة أصابت منازل عدد من قادة فتح، ومنصة الاحتفال بذكرى عرفات، والتي سارع ممثلو عباس في رام الله إلى اتهام حماس بتنفيذها.
لا شك أنها تفجيرات تستحق الإدانة، ولكن اتهام حماس بها لا يبدو منطقيا، لاسيما أن دحلان يبقى حاضرا هنا بسيطرته العملية على تنظيم فتح في القطاع. أما اتهام سلفيين جهاديين، فلا يبدو منطقيا أيضا.
عموما، نحمد الله أن أحدا لم يُصب فيها، لكن التحقيق يبقى ضروريا، أما الأهم منه، فهو المضي في برنامج الإعمار بعيدا عن عقلية الاستحواذ، والأهم بعيدا عن برنامج نزع سلاح المقاومة.
الدستور
من جانب آخر، بات واضحا أن الكيان الصهيوني يزداد ميلا نحو اليمين (لا نقول انحرافا لأن تطرفه هو الأصل)، واستطلاعات الرأي تؤكد ذلك، كما تؤكد وجهته الدينية، ما يعني أن ملف القدس سيغدو أكثر حساسية وإثارة، وحيث تعتقد الغالبية من الإسرائيليين أن التنازل عن القدس الشرقية لا يمكن أن يكون مقبولا بأي حال، وأن مسألة الهيكل ليست في وارد المساومة.
إنه الصراع على هذا الكيلو متر المربع الذي أفشل مفاوضات كامب ديفيد صيف العام 2000، وأفشل مفاوضات عباس مع أولمرت أيضا، وسيفشل أية إمكانية للتسوية مع الكيان الصهيوني، مهما بدا أن الوضع العربي في حالة انبطاح أمام الكيان الصهيوني.
الجانب الذي لا يمكن إغفاله في انتفاضة القدس، وهو المؤسف بكل تأكيد يتمثل في غياب السلطة وأمنها هناك، هي التي تبدو أكثر حماسة، بل ربما شراسة في مطاردة شبح الانتفاضة في الضفة الغربية، وبالطبع لأن لعباس إيمانا أيديولوجيا بعبثيتها، أقله في العلن، فيما يعلم الجميع أن للأمر صلة بالبعد الشخصي، وحيث يتطلب تبني مسار من هذا النوع إلى روح استشهادية.
عمليات الدهس التي توالت مؤخرا ضد الجنود والمستوطنين الصهاينة، وكان أحد تجلياتها في الخليل أيضا بعد عملية القدس البطولية، هذه العمليات تؤكد أن الشباب الفلسطيني قد بدأ يفكر في طرق مبتكرة لمواجهة قلة السلاح الناتجة عن 10 سنوات من التنسيق الأمني المحموم، ومثلها من المطاردة والقمع من قبل اجهزة الاحتلال.
إنها مبادرات فردية مبتكرة، لكنها لا تعبر وحدها عما يجري في القدس من مظاهرات وصدامات يومية، دفعت الاحتلال إلى اختراع قوانين جديدة تشدد العقوبة على راشقي الحجارة، لتصل إلى الحكم بالسجن لعشرين عاما.
ثمة غضب كبير يتراكم في القدس، وإذا كانت انتفاضة الأقصى قد اندلعت ردا على حادثة وقع منها الكثير خلال الشهور الماضية أعني اقتحام شارون للمسجد، فإن الفارق بين الحالتين يتمثل في القيادة الفلسطينية. ففي حين انسجم عرفات رحمه الله مع نبض الشارع في ذلك الحين، يبدو عباس في وضع مختلف تماما، إذ يدير ظهره لذلك النبض ويصرُّ على عبثية مساره، بل يذهب أبعد من ذلك عبر التآمر على قطاع غزة من أجل نزع سلاحه وضمه إلى ذات اللعبة البائسة في الضفة.
خلاصة القول هي أن ما يجري يمثل انتفاضة حقيقية، لكنها محصورة في القدس، ومن الضروري أن يتمرد الشارع الفلسطيني في الضفة الغربية على مسار عباس البائس، في ذات الوقت الذي على القوى الفلسطينية أن ترفض المخطط الجديد، إن كان في غزة ممثلا في التآمر على سلاح المقاومة، أم كان في عموم الوضع الفلسطيني عبر الشروع في مسيرة تفاوض جديدة يعد لها جون كيري خوفا على الكيان الصهيوني، ومن أجل تخدير الوضع الفلسطيني من جديد.
يدرك عباس تماما أن نتنياهو لن يعطيه حلا في القدس يمكن تسويقه على الشعب الفلسطيني، فضلا عن مفردات الحل البائس الأخرى، وإذا كان هذا الرجل لا يريد أن يخوض انتفاضة ضد العدو، فعليه أن يرحل ويترك الشعب الفلسطيني يتدبر أمره، وهنا تقع المسؤولية الكبرى على حركة فتح التي ينبغي أن يقول أبناؤها لهذا الرجل كفاك عبثا، والشعب لن يقبل باستمرار هذه اللعبة إلى ما لا نهاية.
بقيت الإشارة إلى ما جرى أمس من تفجيرات في قطاع غزة أصابت منازل عدد من قادة فتح، ومنصة الاحتفال بذكرى عرفات، والتي سارع ممثلو عباس في رام الله إلى اتهام حماس بتنفيذها.
لا شك أنها تفجيرات تستحق الإدانة، ولكن اتهام حماس بها لا يبدو منطقيا، لاسيما أن دحلان يبقى حاضرا هنا بسيطرته العملية على تنظيم فتح في القطاع. أما اتهام سلفيين جهاديين، فلا يبدو منطقيا أيضا.
عموما، نحمد الله أن أحدا لم يُصب فيها، لكن التحقيق يبقى ضروريا، أما الأهم منه، فهو المضي في برنامج الإعمار بعيدا عن عقلية الاستحواذ، والأهم بعيدا عن برنامج نزع سلاح المقاومة.
الدستور