تدخلات إسرائيلية في مناهج التعليم المقدسية
تتلاعب إسرائيل بمضامين الكتب التعليمية في القدس المحتلة، في محاولة لتغيير وعي الطلبة العرب المرافق لمحاولات التغيير السكاني وتهويد المدينة المقدسة.
وتحاول إسرائيل حاليا تطبيق مخططات فشلت في فرضها غداة ضم المدينة إلى سيادتها بعد احتلالها عام 1967، وذلك عبر فرض نظام التعليم الإسرائيلي الرسمي على التلاميذ المقدسيين البالغ عددهم نحو 78 ألفا في نحو 180 مدرسة.
فقد سعى الاحتلال إلى إلغاء النظام التعليمي الأردني فور احتلال مدينة القدس، لكن الهيئات التربوية بمساندة الأهالي أحبطوا المخطط الذي اعتبروه محاولة لاحتلال الإنسان بعد المكان، كما يوضح للجزيرة نت مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية زياد الحموري.
يشار إلى أنه بعد توقيع أوسلو بسبع سنوات تم إدخال منهاج التعليم الفلسطيني تدريجيا إلى جهاز التعليم في القدس، لكن سلطات الاحتلال ما لبثت أن بدأت تتدخل لتعديل المضامين التربوية منها خاصة في المدارس الرسمية التابعة لها.
معركة الوعي
ومن أجل تفادي استفزاز الأهالي شرعت إسرائيل منذ خمس سنوات بتطبيق خطتها للتأثير على وعي الطلاب من خلال الإبقاء على الكتب الفلسطينية في التاريخ والجغرافيا والمدنيات والمواطن وغيرها، مع تغيير مضامينها ليتلاءم مع رؤيتها وتوجهاتها السياسية.
ويستدل من معاينة المناهج أن وزارة المعارف الإسرائيلية أعادت طبع الكتب التعليمية الفلسطينية بعد عمليات تعديل جوهرية في المضمون، فتم حذف صفحات وفقرات ترتبط بالهوية القومية والوطنية وحتى الدينية.
واتضح من مقارنة الطبعتين الفلسطينية والإسرائيلية للكتاب الفلسطيني "اللغة الوطنية" للصف الأول الأساسي، أنه أزيل شعار السلطة الفلسطينية والعلم والنشيد الوطني وأي إشارة إلى حق العودة أو حب الوطن، وكذلك مصطلحات مثل "الصمود" و"الجهاد" و"فلسطين" وغيرها.
تشويه وطمس
وكشفت مقارنة الطبعتين لكتاب التربية الإسلامية للصف الثاني الأساسي تشويها ملحوظا، حيث طمس تعريف "بلاد الشام". وفي كتاب التربية الإسلامية للصف السادس الابتدائي تم حذف الآية 15 من سورة الحجرات -الداعية إلى الجهاد في سبيل الله- كما شطب درس "حب الوطن في الإسلام" من النسخة الإسرائيلية لنفس الكتاب.
نفس الأسلوب تكرر في كتاب "التربية الوطنية" للصف الثاني الابتدائي، فتم حذف صورة الطابع المعنون بـ"فلسطين"، بل طال التشويه الشعر حيث شطبت "قصيدة الانتفاضة" للشاعر سميح القاسم من كتاب العربية للصف السادس. ولم تتورع سلطات التعليم الإسرائيلية عن حذف فترة الانتداب البريطاني في تاريخ فلسطين من كتاب التاريخ للصف التاسع.
ولم تسلم الأعداد من التشوية فقد شطب عدد الفلسطينيين في التجمعات السكانية المختلفة بالوطن والشتات من كتاب "التربية الوطنية" للصف السادس، إضافة إلى عشرات العينات المشابهة من عمليات التزوير والتحريف والتعديل الإسرائيلية التي يحاول القيمون على التعليم العربي في القدس مواجهتها.
ضغوط وابتزازات
من جهته أكد مدير التربية والتعليم في محافظة القدس سمير جبريل أن الأهالي والطلاب في مدارس كثيرة يعودون إلى الكتب الفلسطينية الأصلية، لعدة أسباب أبرزها تشبث الأهالي بالتربية الوطنية، وتأخر صدور الطبعة الإسرائيلية ورداءة جودتها.
وأوضح جبريل للجزيرة نت أن سلطات الاحتلال تمارس ضغوطا على مدارس في القدس، خاصة تلك التي تحصل على ميزانيات البلدية لتبتزها بغية "تمرير المؤامرة".
ولفت -وهو مسؤول وخبير تربوي- إلى أن الاحتلال صادر هذا العام آلاف الكتب التعليمية الفلسطينية، ولا يزال يحتجزها في دائرة الجمارك الإسرائيلية في ميناء أسدود بذريعة أنها "مستوردة" من رام الله.
وأشار إلى أن مدارس القدس الوقفية تتبع الأردن رسميا، لكنها تتعامل فعليا مع وزارة التعليم الفلسطينية، محذرا من استمرار ضعف الدعم العربي الفلسطيني لجهاز التعليم بالقدس المحتلة في ظل معركته مع الاحتلال على تشكيل وعي الأجيال.
وردا على سؤال، أكد جبريل أن مناهج التعليم الإسرائيلية التي يحاول الاحتلال فرضها خطيرة من الناحيتين الوطنية والثقافية، لكونها تسعى إلى تدمير البنية الاجتماعية وإلغاء الهوية الوطنية للمقدسيين.
اتفاقية أوسلو
وفي سياق متصل دعا مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية زياد الحموري إلى تدشين فعاليات سياسية وأهلية لمساندة المقدسيين في معركتهم على الوعي والهوية، محذرا من تصعيد محاولات الابتزاز الإسرائيلية عبر مقايضة الميزانيات باعتماد المناهج المحرفة. وطالب المنظمات الأهلية المقدسية بتوزيع المناهج الفلسطينية في العام الدراسي القادم مجانا.
وأوضح الحموري أن محاولات سرقة مناهج التعليم العربي "جزء من تهويد المدينة"، وتندرج ضمن الانتهاكات المختلفة لاتفاقية أوسلو كهدم المنازل وسحب الهويات من المقدسيين. الجزيرة