ما هي رؤية أوباما لسوريا؟
ياسر الزعاترة
جو 24 : من الصعب إحصاء التصريحات التي يطلقها يوميا أركان الإدارة الأمريكية؛ من أوباما إلى مسؤولي البنتاغون، والناطقين باسم الإدارة بكل فروعها، فضلا عن كيري وخارجيته، فيما خصَّ الملف السوري، الأمر الذي لا يعكس حالة من الارتباك حيال الملف، بقدر ما يعكس ارتباكا في كيفية إدارته على نحو لا يفضح المستور من جهة، ولا يخرِّب على معركة الأمريكان وحلفائهم ضد تنظيم الدولة من جهة أخرى.
مرة يقول أوباما إنه لا بد من رحيل الأسد، ومرة يقول إن ذلك ليس أولوية. مرة يقول إن رحيله ضرورة لإنجاح المعركة، ومرة يقول إنه ليس كذلك لأنه سيؤدي إلى سيطرة تنظيم الدولة على سوريا.
في قراءة السياسة المطبقة على الأرض يمكن القول إن بشار قد استفاد عمليا من الضربات الأمريكية الموجّهة ضد تنظيم الدولة، والتي شملت في عدة مرات جبهة النصرة وأحرار الشام، ما أدى إلى تقدم النظام في عدد من المناطق، وهو ما يقر به المتحدثون باسمه بهذا الشكل أو ذاك، كما أن المؤكد أن أي هدف للنظام لم يُصب خلال الغارات، مع أن كثيرا منها قد أصاب مدنيين، ودائما «عن طريق الخطأ»، بل إن تلك الإصابات يجري تجاهلها بالكامل كأنها لم تكن.
في حواره مع صحيفة الأخبار التابعة لحزب الله، لم يُخف وزير خارجية بشار سروره الضمني بالضربات الأمريكية ضد تنظيم الدولة، وإن لم يكشف ذلك بشكل مباشر، حيث اعتبر أن سياسة نظامه في التعامل مع الوضع واقعية، مرحبا في الآن نفسه برفض روسيا وإيران توجيه ضربات في سوريا، مع علمه بأنه رفض لفظي، والسبب بالطبع حتى لا تتورط إيران في فضيحة تكشف شعار المقاومة والممانعة؛ المفضوح أصلا في العراق قبل سوريا.
في قراءة الوضع بشكل أكثر عمقا، يمكن القول إن أوباما لا يمكنه إدارة الملف السوري من دون الرجوع إلى صاحب الشأن في هذا الموضوع ممثلا في الكيان الصهيوني، والذي لا يزال خياره هو ذاته منذ البدء ممثلا في إطالة أمد النزاع، وتحويل سوريا إلى ثقب أسود يستنزف الجميع، بما في ذلك إيران وحزب الله وتركيا وربيع العرب وتدمير سوريا، مع التخلص من مجموعات لا يمكن السيطرة عليها، ويمكن أن تتقدم لاحقا لتمس بالأمن الصهيوني. ومن هنا لا يمكن لأية سياسة أمريكية أن تمس بهذا المبدأ، حتى لو استهدفت تنظيم الدولة الذي لا يعني استهدافه حسما للمعركة؛ لا لصالح النظام، ولا لصالح الفصائل الأخرى التي يصنف أكثرها أيضا في مربع الإرهاب.
وإذا سألنا عن ارتباك التصريحات وميلها في بعض الأحيان إلى التأكيد على ضرورة التخلص من بشار الأسد، أو اعتباره الوجه الآخر لتنظيم الدولة كما في تصريحات كيري، فإن الجواب يتعلق بالحاجة إلى ذلك من قبل أركان التحالف العرب، بخاصة أولئك الذين يزعمون دعم الثورة في سوريا، ويجدون حرجا أمام شعوبهم في تأييد تحالف يستهدف تنظيم الدولة، بينما يترك المجرم الأكبر الذي كان السبب الأهم لموجة العنف الأخيرة في المنطقة بعد رده بتلك الدموية على ثورة شعب أعزل.
ثمة بُعد مهم هنا في السلوك الأمريكي يتعلق بإيران، فواشنطن لا تريد لحربها ضد تنظيم الدولة في سوريا أن تخرِّب على مفاوضات النووي مع إيران، وهي تدرك أن موقفا ضد نظام بشار قد يدفع إيران إلى التراجع في تلك المفاوضات، وربما أثَّر سلبا عليها، بينما يُراد لها أن تصل إلى نتيجة كمحطة في اتجاه تحسين وضع الإصلاحيين في الداخل، والذي يتميزون بقابليتهم لتمرير حل في سوريا لا يبقي الوضع على حاله، ولا يتعامل معه بروحية الانتصار كما يفعل المحافظون الذي يعتبرون بشار ركنا أساسيا في مشروع تمددهم في المنطقة.
في ضوء ذلك كله يمكن القول إن معركة سوريا لا تزال طويلة، وهي مؤجلة أمريكيا إلى حين التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران، وربما إلى حين الوصول إلى نتيجة فيما خصَّ الحرب على تنظيم الدولة، ولا قيمة هنا لحكاية دعم الجماعات المعتدلة، لأن ما يقدم لها لا يتعدى ما يكفي للبقاء على قيد الحياة، وليس إحداث أي توازن؛ لا مع النظام، ولا حتى مع الجماعات المصنفة في خانة الإرهاب، لكن المؤكد أن المعركة الدائرة لن تصل إلى نتيجة ما لم يتغير الوضع في العراق وسوريا في اتجاه نزع الأسباب التي أدت إلى انفجار هذه الموجة من العنف، وهو ما لا يظهر في الأفق القريب كما يبدو.
الدستور
مرة يقول أوباما إنه لا بد من رحيل الأسد، ومرة يقول إن ذلك ليس أولوية. مرة يقول إن رحيله ضرورة لإنجاح المعركة، ومرة يقول إنه ليس كذلك لأنه سيؤدي إلى سيطرة تنظيم الدولة على سوريا.
في قراءة السياسة المطبقة على الأرض يمكن القول إن بشار قد استفاد عمليا من الضربات الأمريكية الموجّهة ضد تنظيم الدولة، والتي شملت في عدة مرات جبهة النصرة وأحرار الشام، ما أدى إلى تقدم النظام في عدد من المناطق، وهو ما يقر به المتحدثون باسمه بهذا الشكل أو ذاك، كما أن المؤكد أن أي هدف للنظام لم يُصب خلال الغارات، مع أن كثيرا منها قد أصاب مدنيين، ودائما «عن طريق الخطأ»، بل إن تلك الإصابات يجري تجاهلها بالكامل كأنها لم تكن.
في حواره مع صحيفة الأخبار التابعة لحزب الله، لم يُخف وزير خارجية بشار سروره الضمني بالضربات الأمريكية ضد تنظيم الدولة، وإن لم يكشف ذلك بشكل مباشر، حيث اعتبر أن سياسة نظامه في التعامل مع الوضع واقعية، مرحبا في الآن نفسه برفض روسيا وإيران توجيه ضربات في سوريا، مع علمه بأنه رفض لفظي، والسبب بالطبع حتى لا تتورط إيران في فضيحة تكشف شعار المقاومة والممانعة؛ المفضوح أصلا في العراق قبل سوريا.
في قراءة الوضع بشكل أكثر عمقا، يمكن القول إن أوباما لا يمكنه إدارة الملف السوري من دون الرجوع إلى صاحب الشأن في هذا الموضوع ممثلا في الكيان الصهيوني، والذي لا يزال خياره هو ذاته منذ البدء ممثلا في إطالة أمد النزاع، وتحويل سوريا إلى ثقب أسود يستنزف الجميع، بما في ذلك إيران وحزب الله وتركيا وربيع العرب وتدمير سوريا، مع التخلص من مجموعات لا يمكن السيطرة عليها، ويمكن أن تتقدم لاحقا لتمس بالأمن الصهيوني. ومن هنا لا يمكن لأية سياسة أمريكية أن تمس بهذا المبدأ، حتى لو استهدفت تنظيم الدولة الذي لا يعني استهدافه حسما للمعركة؛ لا لصالح النظام، ولا لصالح الفصائل الأخرى التي يصنف أكثرها أيضا في مربع الإرهاب.
وإذا سألنا عن ارتباك التصريحات وميلها في بعض الأحيان إلى التأكيد على ضرورة التخلص من بشار الأسد، أو اعتباره الوجه الآخر لتنظيم الدولة كما في تصريحات كيري، فإن الجواب يتعلق بالحاجة إلى ذلك من قبل أركان التحالف العرب، بخاصة أولئك الذين يزعمون دعم الثورة في سوريا، ويجدون حرجا أمام شعوبهم في تأييد تحالف يستهدف تنظيم الدولة، بينما يترك المجرم الأكبر الذي كان السبب الأهم لموجة العنف الأخيرة في المنطقة بعد رده بتلك الدموية على ثورة شعب أعزل.
ثمة بُعد مهم هنا في السلوك الأمريكي يتعلق بإيران، فواشنطن لا تريد لحربها ضد تنظيم الدولة في سوريا أن تخرِّب على مفاوضات النووي مع إيران، وهي تدرك أن موقفا ضد نظام بشار قد يدفع إيران إلى التراجع في تلك المفاوضات، وربما أثَّر سلبا عليها، بينما يُراد لها أن تصل إلى نتيجة كمحطة في اتجاه تحسين وضع الإصلاحيين في الداخل، والذي يتميزون بقابليتهم لتمرير حل في سوريا لا يبقي الوضع على حاله، ولا يتعامل معه بروحية الانتصار كما يفعل المحافظون الذي يعتبرون بشار ركنا أساسيا في مشروع تمددهم في المنطقة.
في ضوء ذلك كله يمكن القول إن معركة سوريا لا تزال طويلة، وهي مؤجلة أمريكيا إلى حين التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران، وربما إلى حين الوصول إلى نتيجة فيما خصَّ الحرب على تنظيم الدولة، ولا قيمة هنا لحكاية دعم الجماعات المعتدلة، لأن ما يقدم لها لا يتعدى ما يكفي للبقاء على قيد الحياة، وليس إحداث أي توازن؛ لا مع النظام، ولا حتى مع الجماعات المصنفة في خانة الإرهاب، لكن المؤكد أن المعركة الدائرة لن تصل إلى نتيجة ما لم يتغير الوضع في العراق وسوريا في اتجاه نزع الأسباب التي أدت إلى انفجار هذه الموجة من العنف، وهو ما لا يظهر في الأفق القريب كما يبدو.
الدستور