إسرائيل تفتح أسواق الضفة لتضرب القدس
يساهم فلسطينيو الداخل بشكل كبير في صمود القطاع التجاري بالقدس المحتلة من خلال توافدهم اليومي على أسواق المدينة وزيارة مقدساتها والتواصل مع المسجد الأقصى، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي الذي وضع نصب عينيه هدف تفريغ القدس من سكانها الأصليين، وجد في توافد الفلسطينيين من داخل الخط الأخضر معوقا لهدفه هذا.
وبدأت إسرائيل بإجراءات تهدف إلى تحويل هذه القوة الشرائية إلى وجهات أخرى خارج القدس، ولعل هذا ما يفسر فتح أسواق الضفة الغربية أمام الزبائن من داخل الخط الأخضر، وتسهيل وصولهم إليها بعد أن كانت مستحيلة بسبب الإغلاق.
ولمواجهة هذه السياسة الإسرائيلية على القدس المحتلة، تسيّر مؤسسة "مسيرة البيارق" سنويا نحو ثمانية آلاف حافلة تقل الحجيج والعائلات من بلدات الداخل الفلسطيني إلى القدس والأقصى، بهدف التواصل والرباط في محيط المدينة المقدسة لتعزيز صمود سكانها ومقدساتها وتجارها، والتصدي للوفود السياحية اليهودية واقتحامات المستوطنين للأقصى التي تسعى لفرض أمر واقع بباحاته وتقسيمه لبناء "الهيكل المزعوم".
الضفة كبديل
وأمام هذا الواقع، يشكو أصحاب المحال التجارية في أسواق البلدة القديمة قلة المتسوقين وتراجع النشاط التجاري إلى حد الشلل، مما بات ينذر بانهيار الاقتصاد الفلسطيني في المدينة وفق ما صرح به عضو الغرفة التجارية بالقدس التاجر حسن عمر.
وانتقد حسن في تصريح للجزيرة نت ممارسات بلدية الاحتلال التي تعمق من معاناة التجار عبر فرض ضرائب مضاعفة وغرامات باهظة، دفعت بالمئات من أصحاب المحلات إلى إغلاقها بعد أن عجزوا عن جدولة ديونهم.
وقال التاجر الفلسطيني إن "القدس تتعرض لهجمة شرسة من قبل سلطات الاحتلال تستهدف بالأساس تجارتها واقتصادها، فقبل إقامة الجدار العازل كانت أسواق البلدة القديمة التي ضمت نحو ثلاثة آلاف مصلحة تجارية تعج بالحياة، لكن أضحت أسواق الضفة الغربية البديل عنها، وذلك في ظل مشاريع الاستيطان والتهويد والحصار واتساع دائرة الكساد وتشجيع عائلات الداخل الفلسطيني للتسوق بالضفة".
الحصار والتضييق
من جهته، قال الخبير الاقتصادي يوسف عواودة "لا يشكك عاقل في أن القدس تتعرض لحصار وتضييق يهدف إلى تفريغها من الفلسطينيين، ولعل الحصار والتضييق الاقتصادي أشد ما يواجهه المقدسيون، فمحاربة الإنسان المقدسي في لقمة عيشه وفي أمنه واستقراره يراد بها شيء واحد ووحيد هو ترحيله من هذه المدينة المقدسة".
ويأخذ الحصار والتضييق الاقتصادي على الإنسان المقدسي أشكالا عديدة، يؤكد عواودة للجزيرة نت، منها ضرب الحركة التجارية بالمدينة التي تعتمد على الزبائن الوافدين من الخارج.
ويضيف عواودة -وهو نائب رئيس جمعية إعمار للتنمية والتطوير الاقتصادي- "تأثرت الحركة التجارية سلبا وبشكل كبير نتيجة إقامة الجدار العازل، ونتيجة منع فلسطينيي الضفة الغربية وغزة من دخول المدينة، عندها لم يبق للأسواق المقدسية إلا أهل القدس أنفسهم، إضافة إلى أهل الداخل الفلسطيني الذين يتم تشجيعهم على التسوق بالضفة الغربية".
وشدد على "أننا في الداخل الفلسطيني مع دعم اقتصاد الضفة الغربية، ولكننا نعتبر دعم اقتصاد مدينة القدس أهم وأولى في ظل ما تتعرض له هذه المدينة من حرب اقتصادية حقيقية، فصمود مدينة القدس صمود لسائر قرى ومدن فلسطين، وانهيار اقتصادها -لا قدر الله- انهيار للاقتصاد الفلسطيني برمته".
استقدام المرابطين
في السياق ذاته، قال رئيس مؤسسة "مسيرة البيارق" ناصر اغبارية إن المؤسسة شرعت مع حلول شهر رمضان في تكثيف ومضاعفة نشاطها بتحرك حافلات إلى الأقصى والقدس، وأعدت برامج ومشاريع متعددة لجذب أكبر عدد من المصلين والعائلات من فلسطينيي 48 إلى القدس بغية التواصل مع الأقصى والرباط فيه على مدار الساعة، وإخراج أسواق البلدة القديمة من الركود الاقتصادي وتنشيط الحركة التجارية.
واستعرض اغبارية للجزيرة نت المشاريع الهادفة إلى كسر حالة الحصار التي تعيشها القدس واستقدام المرابطين غلى الأقصى وتنشيط الحركة التجارية، حيث سيتم خلال شهر رمضان المبارك توفير قرابة 1500 حافلة لنقل المصلين والوفود لإحياء مساطب وحلقات العلم والوعظ، وستوفر عشرات الآلاف من جبات الإفطار والسحور للصائمين بالأقصى.
وأكد أن كل إجراءات وممارسات الاحتلال للتضييق على القدس ورفع الإغلاق عن الضفة الغربية بتخفيف قيود التنقل والعبور عن فلسطينيي 48، هدفها جعل أسواق مدن الضفة بديلا لهم عن القدس ومقدساتها.
وقال اغبارية إن "كل هذه الإجراءات التي باتت مكشوفة لن تستطيع منع التوافد إلى القدس والتواصل اليومي مع أولى القبلتين، وتحديدا في شهر رمضان المبارك". الجزيرة