إسرائيل حتما الى زوال
المحامي نهاد خشمان
جو 24 : لم تكن النكبة الكبرى هي يوم اغتصاب فلسطين ولا النكسة في عام 1967، ولم تكن هزيمة تجرعناها يوم حصولها بل النكسة الكبرى هي التي نتجرعها كل يوم طالما هذا الإحتلال مستمر.
هذه النكسة لم ترتكب بأيدي الإسرائيليين وحدهم بل شاركت الأمة في حصولها ومنذ تلك النكبة تتوالى النكبات والنكسات والهزائم، فإلى متى ؟
شاء الإستعمار تقسيم البلاد إلى أقطار ودويلات وأمعن الحكام زيادة في الشقاق والفرقة، حين حافظوا على الواقع التقسيمي، فثبّتوا بذلك الكيان الإسرائيلي في فلسطين وجوارها. وسقطوا أمام وهم التفوق الإسرائيلي من النكبة إلى النكسة وما تلاهما.
عوامل القوة
إن التفوق الصهيوني ليس أمراً محسوماً وليس ناتجاً عن التفوق بالقدرات والأسلحة على الدول العربية، بل هو بسبب فقدان القرار العربي لإرادة التصدي والوحدة في مواجهة إسرائيل " . وإلا ما معنى قيام المقاومة الإسلامية في لبنان والإنتفاضة في فلسطين مع قلة الإمكانات وقلة العديد والعدة بمواجهة إسرائيل، وتحقيق إنتصارات عليها، إنما تحقق ذلك بالإرادة والصبر والتصميم والإيمان.
فعوامل القوة أمر نسبي
•فالعدو الصهيوني حدد الهدف الذي يريده، وهو فرض بقائه في المنطقة بالرغم من إرادة أصحاب الحقوق، وعمل على تطوير قدراته وإمكانياته بما ينسجم مع أهدافه ، كما استعمل هذه القدرات والإمكانات بشكل سليم.
•في حين أن العرب لم يتفقوا يوماً على هدف يجتمعون عليه بالرغم من القدرات والإمكانات المتوفرة لديهم والتي تفوق الكيان الصهيوني أضعافا مضاعفة.
•إن القوة الإقتصادية العربية هي أكبر وأقوى وأقدر على تمويل التسلح والحرب.
•إن الغلبة العددية ليست محل نقاش بما تؤمنه من حشد بالقوى.
•إن المساحة الجغرافية للوطن العربي تؤمن قدرة هائلة على تحمل الضربات في حين أن إسرائيل تشكل جزيرة صغيرة المساحة في محيط معاد، وإن كان حجمها الصغير يساعدها على المناورة الدفاعية إلا أنه يوقع فيها أضرار كبيرة وهائلة ويجعلها تنهار نتيجة الضربات المتتالية والمتعددة ألأنواع والجهات.
•أن إسرائيل لا تتكون من لغة وعرق واحد، في حين أن العرب تجمعهم اللغة والعرق والدين.
كل ذلك يشكل تفوقاً عربياً على إسرائيل في حال قيام قرار بمواجهة عربية شاملة بحرب تقليدية، فيما لو استعملت هذه الإمكانات المتاحة بشكل سليم وصحيح. ومن يريد أن يعرف حجم التفوق العسكري فاليراجع الإحصاءات الدولية فيعرف كم هو التفوق العربي هائل وواضح. ولكن تكمن المشكلة في تشتت الموقف العربي والسعي إلى المكاسب الشخصية وفقدان للكرامة.
إن أهم عوامل تحقيق النصر تفترض توفر شروط ثلاث : (وجميعها غير متوفرة لدى الدول العربية ). إلا أنها ممكنة.
أولاً : وحدة القيادة والتي تشكل موقعاً أساسياً تلتف حوله الأمة وتأتمر بأوامره، مما يؤدي إلى قيام القرار العربي الحر الموحد.
ثانيا: وحدة الأمة وتماسكها لإفشال المخططات التي تحاك عليها وإضعاف النفوذ الخارجي. ويبدأ ذلك بإزالة الخلافات والنزاعات إن لم نقل بإزالة الحدود التي صنعها الإستعمار للخروج من الأطر المحلية والقطرية، والإندماج في جسم الأمة وقضاياها والمخاطر التي تتعرض لها، وذلك تحت شعار استرجاع الحقوق المغتصبة، والمصير المشترك، ووحدة الكلمة، والكرامة.
ثالثاً: وحدة العقيدة والتي تفترض إلعودة إلى الإنتماء إلى الجذور التاريخية للإمة والتي تقوم على التاريخ والدين واللغة والأرض.
كل هذه الشروط إفتقدها العرب على مدى الصراع مع إسرائيل وجعل إسرائيل تتجرأ وتهدد وتتوعد وتهاجم وتقتل دون أي رادع معتمدة على الدعم الأميركي المعادي للعرب والذي يهيمن على القرار العربي.
إن تشكل الأمة تحت شروط الوحدة وفهم إمكانيات العدو وقدراته ونقاط ضعفه وقوته إلى جانب فهم إمكانياتنا الذاتية والإستفادة منها. وعدم إغفال النزعة الثأرية التي تولدت عن الإعتداءات الإسرائيلية وتأصلت في المجتمع العربي والإسلامي الذي يهتز من أفعال إسرائيل الإرهابية والإجرامية، والذي أنتج القنابل البشرية المتمثلة بالإستشهاديين، والتي لا يمكن إحصاؤها، والتي تتحرك دون أن يكتشفها رادار أو أي نظام إنذار مبكر، والتي يجب تغذيتها وتطويرها.
وعدم إغفال العامل الأساسي المستند على الدعم الإلهي باعتبار أننا أصحاب حقوق اغتصبها هذا الكيان.
وإعادة تأسيس العقيدة العسكرية للجيوش العربية و تغييرها من العقيدة الدفاعية التي تستند على حماية الحدود وحماية الأنظمة البدوقراطية و تحويلها إلى عقيدة جهادية هجومية لإسترجاع الحقوق.
كل هذه العوامل مجتمعة تجعل من إمكانية إزالة إسرائيل أمراً قابلاً للحصول إن لم نقل بحتمية هذا الزوال.
حول إمكانية استخدام السلاح النووي :
إن إسرائيل وهذا ما يعرفه الجميع تمتلك ترسانة كبيرة من الأسلحة النووية وهذا منذ أمد طويل رغم اعتماد إسرائيل على سياسة الردع بالغموض في مشروعها النووي. وما هو معروف أيضاً أن الكثير من الدول العربية والإسلاميةسعت لإمتلاك هذا الوع من السلاح إلا أن الثابت والمعروف أن البعض من الدول العربية والإسلامية أصبح يمتلك الأسلحة النووية و الكيميائية ، والتي تعتبر ( القنبلة النووية للدول الفقيرة ) كما تمتلك وسائل إيصال هذه الرؤوس من طائرات وصواريخ باليستية، والتي تصلح كنظام لإيصال هذه القنابل فوق التقليدية إلى أبعد الأهداف الموجودة في الشرق الأوسط ، والتي وصل مداها لدى العراق إلى 900 كلم، في حين أن البعض حصل على صواريخ يصل مداها 3000كلم كالسعودية ( صواريخ لا نس). وذلك ثابت من خلال المراحل والأحداث التي استعملت فيها هذه الصواريخ أكان من قبل مصر عام 1967 وأيضا بصورة محدودة في حرب 1973، وفي الثمانينات استعمل أيضاً في ضرب إيران أيام الحرب العراقية الإيرانية، ثم استعمل بقصف تل أبيب وحيفا والرياض والظهران (39 صاروخ) عام 1991 في حرب " عاصفة الصحراء " وفي ذلك العام استعملت الصواريخ الباليستية في اليمن من قبل الجنوبيين على مدينة صنعاء عام 1991 ( 21 صاروخ ) ورد الشماليون بالمثل على مدينة عدن.
وإسرائيل مما لا شك فيه تملك وسائل ايصال هذه الرؤوس أيضاً أدخلت منذ الستينات إلى ترسانتها صواريخ وطورتها ليصل مداها إلى 1500 كلم. وأطلقت إلى الفضاء عدة أقمار صناعية ومنها أقمار تجسّسية. وبهذه الصواريخ والطائرات أصبح بإمكان إسرائيل أن ترمي أهداف ضمن دائرة شعاعها 2000 كلم، يصل مداها في الشمال إلى البحر الأسود وفي الجنوب يصل إلى وسط السعودية ، وشمال السودان وشرقا يصل إلى وسط إيران وغربا يصل إلى شرق ليبيا. وهذا التفوق والتطور التكنولوجي في نطاق الأسلحة فوق التقليدية، الذي اصبح واقعا بين الدول العربية وإسرائيل والذي قد أحرز تغييرا في الأبعاد الإستراتيجية الثلاث ( الجغرافية والزمن والقوات )وهذا السلاح النووي والكيميائي هوٌ مكبلٌ للقوى التي تملكه ولا يمكنها استعماله تحت أي ظرف أو وضع كانت عليه المواجهة في المنطقة وذلك لأسباب عدة منها :
•إنّ إسرائيل امتلكت هذا التفوق منذ أمد بعيد ورغم ذلك لم يمنع سوريا ومصر من مهاجمتها عام 1973. كما انه لم يمنع صدام من قصف تل أبيب وحيفا ب39 صاروخ عام 1991 دون أن يبالي أحد بما يمكن أن تكون عليه ردة الفعل غير التقليدية رغم عدم معرفة ما يمكن أن تحمله هذه الصواريخ من رؤوس والتي كان من المحتمل أن تكون من أسلحة الدمار الشامل.
•إن استعمال السلاح النووي يحتاج إلى قرار جريء تتخذ فيه إسرائيل قرار الإبادة الكاملة لشعبها إذ أنه لا يمكنها التحكم بالنتائج ولا بردّات الفعل المقابلة، لأنها قد تضمن المبادرة ببدء الضربة الأولى ولا تضمن انتهاء الضربات المقابلة والتي لا يمكن تحديد الجهات التي تأتي منها ولا عددها حتى ولا نوعها. وهنا تطرح إشكالية أمام إسرائيل هي أحد الخيارين قبول الهزيمة العسكرية أمام حرب تقليدية ممكنة بمواجهة خيار حالة الإبادة بأسلحة الدمار الشامل غير المضمونة النتائج.
•إن استعمال السلاح النووي يشتمل على مخاطر كبرى حال استعماله على دول الطوق، وبالأخص على لبنان وسوريا بسبب حجم الإنتشار الذي يغطيه الغبار الذري وتأثيراته على إسرائيل بنسب متفاوتة، وبحسب قرب وبعد الهدف الذي يتعرض للهجوم.
•إن مساحة الأرض التي يقوم عليها الكيان الإسرائيلي والتجمع السكاني الأكبر، منتشر في الشمال والوسط من فلسطين المحتلة، وبالتالي لا يحتاج إلى عدد كبير من ضربات أسلحة الدمار الشامل. واستعمال هذا السلاح النووي مقامرة على ثلثي سكان هذا الكيان في حين أن اتساع مساحة الدول العربية وانتشار السكان يشكل عائقا أمام مدى فعالية الضربات النووية التي يمكن أن توجهها إسرائيل إلى الدول العربية.
لتلك الأسباب وغيرها فإن إمكانية استعمال السلاح النووي على نطاق واسع تكاد تكون معدومة من قبل إسرائيل. ولكن ليس مستبعداً استعمال الضربات النووية الصغيرة التي تطلق بالأسلحة التقليدية في العمليات البرية.
لجهة فتح جبهات دول الطوق :
إن فتح الحرب مع العدو الإسرائيلي يرتبط باتخاذ قرار إستراتيجي على المستوى العربي والإسلامي أو بالحد الأدنى على مستوى دول الطوق، لما فيه من الخطورة الكبيرة وما قد يرافقه من خسائر وأضرار على كل المستويات المادية منها والبشرية. لذلك فإن قراراً على هذا المستوى يحتاج للكثير من الدراسة على مستوى الإمكانات، والقدرات، والتعبئة، والتدريب، مع قراءة الأوضاع الدولية و الإقليمية، وما يمكن الحصول عليه من دعم دولي سياسي وعسكري من الدول الإسلامية والقوى الحليفة الأخرى.
والثابت أن بمقدور الدول العربية حال قيام تعاون عسكري حقيقي بينها، إنزال الهزيمة بإسرائيل بالرغم من الدعم المتوقع لإسرائيل من قبل حليفها الأميركي الذي أصبح غارقاً في رمال اجتياحه للعراق وأفغانستان، بل إن أي من الدول العربية قادر على الدفاع عن نفسه ومنع إسرائيل من تحقيق أهدافها في حرب دفاعية، بالرغم من الصمت العربي على التهديدات التي يرسلها ويوزعها الإسرائيلي يمينا وشمالاً. ومما يثبت ذلك ما جرى في الأيام الأخيرة في مزارع شبعا إذ أن تهديداتها لم تتحول إلى أفعال بل لجأت إلى طلب التدخل الدولي للضغط على لبنان وسوريا لإيقاف هجمات المقاومة الإسلامية في مزارع شبعا المحتلة، وذلك يدل على الحذر والخوف الإسرائيلي من اتساع رقعة المواجهة خارج الضفة الغربية. والمعادلة التي فرضتها المقاومة الإسلامية لا زالت فعالة في ردع إسرائيل عن أي مغامرة اتجاه لبنان.
لقد شكلت معاهدة السلام المصرية دفرسواراً كبيراً في الجسم العربي، وكذلك ألمعاهدة الإردنية بخروجهم من المواجهة، وذلك يشكل حائلاً يمنع من قيام الدول العربية بأعمال هجومية ضد إسرائيل. ويمنعها أيضاً من إعادة إحياء معاهدة الدفاع المشترك. إلا أنه ليس ما يمنع هذه الدول المرتبطة بمعاهدات سلام مع إسرائيل من إلغاء هذه المعاهدات، وبنفس السهولة التي تخرق و تلغي فيها إسرائيل المعاهدات الدولية ( أوسلو). وتحقيق ذلك يقع على عاتق شعوب الدولتين من خلال تنشيط وتفعيل تحركه على كافة المستويات القومية والحزبية والشعبية، لدفع قادة الدولتين إلى الخروج من هذه المعاهدات المذلّة، و التي يستغلها الكيان الصهيوني وأمريكا لتوجيه التهم بالإرهاب لباقي الدول العربية التي تتخذ المقاومة طريقاً لتحرير أراضيها المحتلة.
وليس ما يمنع من قيام من له القدرة على تأمين الدعم بالسلاح والعتاد للإنتفاضة من مدّ يد العون، خاصة وانّ الولايات المتحدة لا تخجل من تأمين السلاح والعتاد لإسرائيل والدعم السياسي علناً، ضاربة بعرض الحائط مشاعر وكرامة الأنظمة العربية، هذا إذا ما صدقنا بوجود مشاعر وكرامة لدى زعماء هذه الأنظمة.
إن زوال إسرائيل من الوجود أمر غير مستحيل حال تكون إرادة حقيقية لدى الأمة وزعمائها .
هذه النكسة لم ترتكب بأيدي الإسرائيليين وحدهم بل شاركت الأمة في حصولها ومنذ تلك النكبة تتوالى النكبات والنكسات والهزائم، فإلى متى ؟
شاء الإستعمار تقسيم البلاد إلى أقطار ودويلات وأمعن الحكام زيادة في الشقاق والفرقة، حين حافظوا على الواقع التقسيمي، فثبّتوا بذلك الكيان الإسرائيلي في فلسطين وجوارها. وسقطوا أمام وهم التفوق الإسرائيلي من النكبة إلى النكسة وما تلاهما.
عوامل القوة
إن التفوق الصهيوني ليس أمراً محسوماً وليس ناتجاً عن التفوق بالقدرات والأسلحة على الدول العربية، بل هو بسبب فقدان القرار العربي لإرادة التصدي والوحدة في مواجهة إسرائيل " . وإلا ما معنى قيام المقاومة الإسلامية في لبنان والإنتفاضة في فلسطين مع قلة الإمكانات وقلة العديد والعدة بمواجهة إسرائيل، وتحقيق إنتصارات عليها، إنما تحقق ذلك بالإرادة والصبر والتصميم والإيمان.
فعوامل القوة أمر نسبي
•فالعدو الصهيوني حدد الهدف الذي يريده، وهو فرض بقائه في المنطقة بالرغم من إرادة أصحاب الحقوق، وعمل على تطوير قدراته وإمكانياته بما ينسجم مع أهدافه ، كما استعمل هذه القدرات والإمكانات بشكل سليم.
•في حين أن العرب لم يتفقوا يوماً على هدف يجتمعون عليه بالرغم من القدرات والإمكانات المتوفرة لديهم والتي تفوق الكيان الصهيوني أضعافا مضاعفة.
•إن القوة الإقتصادية العربية هي أكبر وأقوى وأقدر على تمويل التسلح والحرب.
•إن الغلبة العددية ليست محل نقاش بما تؤمنه من حشد بالقوى.
•إن المساحة الجغرافية للوطن العربي تؤمن قدرة هائلة على تحمل الضربات في حين أن إسرائيل تشكل جزيرة صغيرة المساحة في محيط معاد، وإن كان حجمها الصغير يساعدها على المناورة الدفاعية إلا أنه يوقع فيها أضرار كبيرة وهائلة ويجعلها تنهار نتيجة الضربات المتتالية والمتعددة ألأنواع والجهات.
•أن إسرائيل لا تتكون من لغة وعرق واحد، في حين أن العرب تجمعهم اللغة والعرق والدين.
كل ذلك يشكل تفوقاً عربياً على إسرائيل في حال قيام قرار بمواجهة عربية شاملة بحرب تقليدية، فيما لو استعملت هذه الإمكانات المتاحة بشكل سليم وصحيح. ومن يريد أن يعرف حجم التفوق العسكري فاليراجع الإحصاءات الدولية فيعرف كم هو التفوق العربي هائل وواضح. ولكن تكمن المشكلة في تشتت الموقف العربي والسعي إلى المكاسب الشخصية وفقدان للكرامة.
إن أهم عوامل تحقيق النصر تفترض توفر شروط ثلاث : (وجميعها غير متوفرة لدى الدول العربية ). إلا أنها ممكنة.
أولاً : وحدة القيادة والتي تشكل موقعاً أساسياً تلتف حوله الأمة وتأتمر بأوامره، مما يؤدي إلى قيام القرار العربي الحر الموحد.
ثانيا: وحدة الأمة وتماسكها لإفشال المخططات التي تحاك عليها وإضعاف النفوذ الخارجي. ويبدأ ذلك بإزالة الخلافات والنزاعات إن لم نقل بإزالة الحدود التي صنعها الإستعمار للخروج من الأطر المحلية والقطرية، والإندماج في جسم الأمة وقضاياها والمخاطر التي تتعرض لها، وذلك تحت شعار استرجاع الحقوق المغتصبة، والمصير المشترك، ووحدة الكلمة، والكرامة.
ثالثاً: وحدة العقيدة والتي تفترض إلعودة إلى الإنتماء إلى الجذور التاريخية للإمة والتي تقوم على التاريخ والدين واللغة والأرض.
كل هذه الشروط إفتقدها العرب على مدى الصراع مع إسرائيل وجعل إسرائيل تتجرأ وتهدد وتتوعد وتهاجم وتقتل دون أي رادع معتمدة على الدعم الأميركي المعادي للعرب والذي يهيمن على القرار العربي.
إن تشكل الأمة تحت شروط الوحدة وفهم إمكانيات العدو وقدراته ونقاط ضعفه وقوته إلى جانب فهم إمكانياتنا الذاتية والإستفادة منها. وعدم إغفال النزعة الثأرية التي تولدت عن الإعتداءات الإسرائيلية وتأصلت في المجتمع العربي والإسلامي الذي يهتز من أفعال إسرائيل الإرهابية والإجرامية، والذي أنتج القنابل البشرية المتمثلة بالإستشهاديين، والتي لا يمكن إحصاؤها، والتي تتحرك دون أن يكتشفها رادار أو أي نظام إنذار مبكر، والتي يجب تغذيتها وتطويرها.
وعدم إغفال العامل الأساسي المستند على الدعم الإلهي باعتبار أننا أصحاب حقوق اغتصبها هذا الكيان.
وإعادة تأسيس العقيدة العسكرية للجيوش العربية و تغييرها من العقيدة الدفاعية التي تستند على حماية الحدود وحماية الأنظمة البدوقراطية و تحويلها إلى عقيدة جهادية هجومية لإسترجاع الحقوق.
كل هذه العوامل مجتمعة تجعل من إمكانية إزالة إسرائيل أمراً قابلاً للحصول إن لم نقل بحتمية هذا الزوال.
حول إمكانية استخدام السلاح النووي :
إن إسرائيل وهذا ما يعرفه الجميع تمتلك ترسانة كبيرة من الأسلحة النووية وهذا منذ أمد طويل رغم اعتماد إسرائيل على سياسة الردع بالغموض في مشروعها النووي. وما هو معروف أيضاً أن الكثير من الدول العربية والإسلاميةسعت لإمتلاك هذا الوع من السلاح إلا أن الثابت والمعروف أن البعض من الدول العربية والإسلامية أصبح يمتلك الأسلحة النووية و الكيميائية ، والتي تعتبر ( القنبلة النووية للدول الفقيرة ) كما تمتلك وسائل إيصال هذه الرؤوس من طائرات وصواريخ باليستية، والتي تصلح كنظام لإيصال هذه القنابل فوق التقليدية إلى أبعد الأهداف الموجودة في الشرق الأوسط ، والتي وصل مداها لدى العراق إلى 900 كلم، في حين أن البعض حصل على صواريخ يصل مداها 3000كلم كالسعودية ( صواريخ لا نس). وذلك ثابت من خلال المراحل والأحداث التي استعملت فيها هذه الصواريخ أكان من قبل مصر عام 1967 وأيضا بصورة محدودة في حرب 1973، وفي الثمانينات استعمل أيضاً في ضرب إيران أيام الحرب العراقية الإيرانية، ثم استعمل بقصف تل أبيب وحيفا والرياض والظهران (39 صاروخ) عام 1991 في حرب " عاصفة الصحراء " وفي ذلك العام استعملت الصواريخ الباليستية في اليمن من قبل الجنوبيين على مدينة صنعاء عام 1991 ( 21 صاروخ ) ورد الشماليون بالمثل على مدينة عدن.
وإسرائيل مما لا شك فيه تملك وسائل ايصال هذه الرؤوس أيضاً أدخلت منذ الستينات إلى ترسانتها صواريخ وطورتها ليصل مداها إلى 1500 كلم. وأطلقت إلى الفضاء عدة أقمار صناعية ومنها أقمار تجسّسية. وبهذه الصواريخ والطائرات أصبح بإمكان إسرائيل أن ترمي أهداف ضمن دائرة شعاعها 2000 كلم، يصل مداها في الشمال إلى البحر الأسود وفي الجنوب يصل إلى وسط السعودية ، وشمال السودان وشرقا يصل إلى وسط إيران وغربا يصل إلى شرق ليبيا. وهذا التفوق والتطور التكنولوجي في نطاق الأسلحة فوق التقليدية، الذي اصبح واقعا بين الدول العربية وإسرائيل والذي قد أحرز تغييرا في الأبعاد الإستراتيجية الثلاث ( الجغرافية والزمن والقوات )وهذا السلاح النووي والكيميائي هوٌ مكبلٌ للقوى التي تملكه ولا يمكنها استعماله تحت أي ظرف أو وضع كانت عليه المواجهة في المنطقة وذلك لأسباب عدة منها :
•إنّ إسرائيل امتلكت هذا التفوق منذ أمد بعيد ورغم ذلك لم يمنع سوريا ومصر من مهاجمتها عام 1973. كما انه لم يمنع صدام من قصف تل أبيب وحيفا ب39 صاروخ عام 1991 دون أن يبالي أحد بما يمكن أن تكون عليه ردة الفعل غير التقليدية رغم عدم معرفة ما يمكن أن تحمله هذه الصواريخ من رؤوس والتي كان من المحتمل أن تكون من أسلحة الدمار الشامل.
•إن استعمال السلاح النووي يحتاج إلى قرار جريء تتخذ فيه إسرائيل قرار الإبادة الكاملة لشعبها إذ أنه لا يمكنها التحكم بالنتائج ولا بردّات الفعل المقابلة، لأنها قد تضمن المبادرة ببدء الضربة الأولى ولا تضمن انتهاء الضربات المقابلة والتي لا يمكن تحديد الجهات التي تأتي منها ولا عددها حتى ولا نوعها. وهنا تطرح إشكالية أمام إسرائيل هي أحد الخيارين قبول الهزيمة العسكرية أمام حرب تقليدية ممكنة بمواجهة خيار حالة الإبادة بأسلحة الدمار الشامل غير المضمونة النتائج.
•إن استعمال السلاح النووي يشتمل على مخاطر كبرى حال استعماله على دول الطوق، وبالأخص على لبنان وسوريا بسبب حجم الإنتشار الذي يغطيه الغبار الذري وتأثيراته على إسرائيل بنسب متفاوتة، وبحسب قرب وبعد الهدف الذي يتعرض للهجوم.
•إن مساحة الأرض التي يقوم عليها الكيان الإسرائيلي والتجمع السكاني الأكبر، منتشر في الشمال والوسط من فلسطين المحتلة، وبالتالي لا يحتاج إلى عدد كبير من ضربات أسلحة الدمار الشامل. واستعمال هذا السلاح النووي مقامرة على ثلثي سكان هذا الكيان في حين أن اتساع مساحة الدول العربية وانتشار السكان يشكل عائقا أمام مدى فعالية الضربات النووية التي يمكن أن توجهها إسرائيل إلى الدول العربية.
لتلك الأسباب وغيرها فإن إمكانية استعمال السلاح النووي على نطاق واسع تكاد تكون معدومة من قبل إسرائيل. ولكن ليس مستبعداً استعمال الضربات النووية الصغيرة التي تطلق بالأسلحة التقليدية في العمليات البرية.
لجهة فتح جبهات دول الطوق :
إن فتح الحرب مع العدو الإسرائيلي يرتبط باتخاذ قرار إستراتيجي على المستوى العربي والإسلامي أو بالحد الأدنى على مستوى دول الطوق، لما فيه من الخطورة الكبيرة وما قد يرافقه من خسائر وأضرار على كل المستويات المادية منها والبشرية. لذلك فإن قراراً على هذا المستوى يحتاج للكثير من الدراسة على مستوى الإمكانات، والقدرات، والتعبئة، والتدريب، مع قراءة الأوضاع الدولية و الإقليمية، وما يمكن الحصول عليه من دعم دولي سياسي وعسكري من الدول الإسلامية والقوى الحليفة الأخرى.
والثابت أن بمقدور الدول العربية حال قيام تعاون عسكري حقيقي بينها، إنزال الهزيمة بإسرائيل بالرغم من الدعم المتوقع لإسرائيل من قبل حليفها الأميركي الذي أصبح غارقاً في رمال اجتياحه للعراق وأفغانستان، بل إن أي من الدول العربية قادر على الدفاع عن نفسه ومنع إسرائيل من تحقيق أهدافها في حرب دفاعية، بالرغم من الصمت العربي على التهديدات التي يرسلها ويوزعها الإسرائيلي يمينا وشمالاً. ومما يثبت ذلك ما جرى في الأيام الأخيرة في مزارع شبعا إذ أن تهديداتها لم تتحول إلى أفعال بل لجأت إلى طلب التدخل الدولي للضغط على لبنان وسوريا لإيقاف هجمات المقاومة الإسلامية في مزارع شبعا المحتلة، وذلك يدل على الحذر والخوف الإسرائيلي من اتساع رقعة المواجهة خارج الضفة الغربية. والمعادلة التي فرضتها المقاومة الإسلامية لا زالت فعالة في ردع إسرائيل عن أي مغامرة اتجاه لبنان.
لقد شكلت معاهدة السلام المصرية دفرسواراً كبيراً في الجسم العربي، وكذلك ألمعاهدة الإردنية بخروجهم من المواجهة، وذلك يشكل حائلاً يمنع من قيام الدول العربية بأعمال هجومية ضد إسرائيل. ويمنعها أيضاً من إعادة إحياء معاهدة الدفاع المشترك. إلا أنه ليس ما يمنع هذه الدول المرتبطة بمعاهدات سلام مع إسرائيل من إلغاء هذه المعاهدات، وبنفس السهولة التي تخرق و تلغي فيها إسرائيل المعاهدات الدولية ( أوسلو). وتحقيق ذلك يقع على عاتق شعوب الدولتين من خلال تنشيط وتفعيل تحركه على كافة المستويات القومية والحزبية والشعبية، لدفع قادة الدولتين إلى الخروج من هذه المعاهدات المذلّة، و التي يستغلها الكيان الصهيوني وأمريكا لتوجيه التهم بالإرهاب لباقي الدول العربية التي تتخذ المقاومة طريقاً لتحرير أراضيها المحتلة.
وليس ما يمنع من قيام من له القدرة على تأمين الدعم بالسلاح والعتاد للإنتفاضة من مدّ يد العون، خاصة وانّ الولايات المتحدة لا تخجل من تأمين السلاح والعتاد لإسرائيل والدعم السياسي علناً، ضاربة بعرض الحائط مشاعر وكرامة الأنظمة العربية، هذا إذا ما صدقنا بوجود مشاعر وكرامة لدى زعماء هذه الأنظمة.
إن زوال إسرائيل من الوجود أمر غير مستحيل حال تكون إرادة حقيقية لدى الأمة وزعمائها .