إيران وروسيا وحرب النفط
ياسر الزعاترة
جو 24 : حين تصل الحال بموقع إلكتروني تابع للحرس الثوري حد المطالبة «باتخاذ إجراءات غير دبلوماسية ضد المملكة العربية السعودية»، معتبرا أنه «لا يمكن مواجهتها عن طريق القنوات الدبلوماسية بخصوص هبوط أسعار النفط».. حين تصل الحال إلى هذا المستوى، فهذا يعني أن الوجع الإيراني قد بلغ مداه.
وحين تتساءل صحيفة الأوبزيرفر البريطانية عما إذا كان تدهور أسعار النفط سيطيح بالجنرال بوتين في روسيا، فهذا يعني أن الأمر من الخطورة بمكان، بحيث لا يمكن السكوت عنه، لا سيما أننا إزاء جنرال يمسك بالسلطة على نحو لا يمكن لأحد أن يتحداه.
في خطابه الخاص بنهاية العام جلس بوتين أربع ساعات متواصلة يتحدث إلى الشعب كي يشرح له الأمر، ويطالب بمهلة من أجل ترميم الوضع، في ظل تدهور أسعار الروبل، فهذا يعني أن الأمر بالغ الخطورة.
وحين يتساءل بوتين في خطابه عما إذا كانت هناك حرب سعودية أمريكية ضد إيران، ومن أجل التأثير على بلاده وفنزويلا، ثم يجيب بكلمة «ربما»، فهذا يعني أن الكل يدرك حقيقة ما يجري في المنطقة على صعيد أسعار النفط.
من الصعب القول، إن أحدا من منتجي النفط لم يتأثر بانخفاض الأسعار، بما في ذلك السعودية المتهمة بأنها وراء ما جرى (أعلنت أول موازنة لها بعجز منذ 6 سنوات)، فضلا عن الكويت التي صرَّحت بذلك، والآخرون أيضا، لكن ذلك لا يعني أن ما يجري سيصيب الجميع بنفس المستوى، ذلك أن أحدا لا يماري في أن إيران وروسيا وفنزويلا (والجزائر والعراق عربيا) هي أكثر الدول المتضررة مما يجري، بينما يمكن للسعودية ودول الخليج الأخرى أن تتحمل الوضع لبعض الوقت.
و من غير المنطقي القول، إن الرياض كانت تريد هذا المستوى من انخفاض الأسعار، ويبدو أن مسألة الصخر الزيتي تبدو حاضرة في السياق على نحو من الأنحاء.
من المؤكد أن فقراء كثر، ونحن منهم قد استفادوا من تراجع الأسعار، وهذا على صعيد الدول، وعلى صعيد الأفراد في حال انعكس الانخفاض على أسعار المحروقات والسلع والخدمات الأخرى.
وزير النفط السعودي قال، إن الأسعار ستتحسن، وسيعود سعر البرميل إلى حدود السبعين دولارا، لكن ذلك ليس مضمونا، وفي كل الأحوال، فما يعنينا هنا هو إيران التي تبدو الأكثر استنزافا، ليس فقط لأن الجزء الأكبر من موازنتها مبرمج على أسعار النفط، بل أيضا لأنها تعيش حالة استنزاف غير مسبوقة في تاريخها كله. فهي تدفع كلفة الحرب كاملة في سوريا، وهي تساعد في العراق بعد أن كان العراق يساعدها في تحمّل كلفة حرب سوريا، وهي الآن تُستنزف في اليمن، والنتيجة أنها في وضع لا تحسد عليه، فيما يجد روحاني نفسه في أزمة كبيرة، هو الذي جاء بأجندة تحسين وضع الاقتصاد، فإذا بالوضع يسوء أكثر.
ربما لو كان الأمر بيده، أعني السياسة الخارجية لذهب باتجاه تسوية إقليمية للملفات العالقة مع العرب وتركيا، مع العلم أن الأخيرة قد تضررت أيضا من تدهور أسعار النفط بسبب استثماراتها الهائلة مع روسيا وإيران، لكن ملف السياسة الخارجية ليس بيده، وهو لا يزال ينتظر يأس المحافظين من حروبهم، وميلهم تبعا لذلك إلى التسوية الشاملة.
ما يجري في المنطقة عموما ليس في مصلحة أحد، باستثناء الكيان الصهيوني والقوى الاستعمارية، ولو عادت إيران إلى رشدها، فإن التسوية ستكون ممكنة، لكنها تسوية لها ثمن لا يمكنه احتمال أن تلعب إيران دور حامية مذهب تتحكم بأتباعه في كل المنطقة، ثم تسيطر على سوريا ولبنان والعراق واليمن.
في نهاية المطاف ستضطر إلى ذلك، وستقبل بالتسوية، ولكن بعد أن تكون ضربت ربيع الشعوب، واستنزفت نفسها، وخلقت حالة حشد طائفي ستحتاج وقتا طويلا كي تزول، فيما ستحتاج الأمة إلى وقت لا بأس به أيضا كي تبدأ رحلتها نحور التحرر من جديد.
(الدستور)
وحين تتساءل صحيفة الأوبزيرفر البريطانية عما إذا كان تدهور أسعار النفط سيطيح بالجنرال بوتين في روسيا، فهذا يعني أن الأمر من الخطورة بمكان، بحيث لا يمكن السكوت عنه، لا سيما أننا إزاء جنرال يمسك بالسلطة على نحو لا يمكن لأحد أن يتحداه.
في خطابه الخاص بنهاية العام جلس بوتين أربع ساعات متواصلة يتحدث إلى الشعب كي يشرح له الأمر، ويطالب بمهلة من أجل ترميم الوضع، في ظل تدهور أسعار الروبل، فهذا يعني أن الأمر بالغ الخطورة.
وحين يتساءل بوتين في خطابه عما إذا كانت هناك حرب سعودية أمريكية ضد إيران، ومن أجل التأثير على بلاده وفنزويلا، ثم يجيب بكلمة «ربما»، فهذا يعني أن الكل يدرك حقيقة ما يجري في المنطقة على صعيد أسعار النفط.
من الصعب القول، إن أحدا من منتجي النفط لم يتأثر بانخفاض الأسعار، بما في ذلك السعودية المتهمة بأنها وراء ما جرى (أعلنت أول موازنة لها بعجز منذ 6 سنوات)، فضلا عن الكويت التي صرَّحت بذلك، والآخرون أيضا، لكن ذلك لا يعني أن ما يجري سيصيب الجميع بنفس المستوى، ذلك أن أحدا لا يماري في أن إيران وروسيا وفنزويلا (والجزائر والعراق عربيا) هي أكثر الدول المتضررة مما يجري، بينما يمكن للسعودية ودول الخليج الأخرى أن تتحمل الوضع لبعض الوقت.
و من غير المنطقي القول، إن الرياض كانت تريد هذا المستوى من انخفاض الأسعار، ويبدو أن مسألة الصخر الزيتي تبدو حاضرة في السياق على نحو من الأنحاء.
من المؤكد أن فقراء كثر، ونحن منهم قد استفادوا من تراجع الأسعار، وهذا على صعيد الدول، وعلى صعيد الأفراد في حال انعكس الانخفاض على أسعار المحروقات والسلع والخدمات الأخرى.
وزير النفط السعودي قال، إن الأسعار ستتحسن، وسيعود سعر البرميل إلى حدود السبعين دولارا، لكن ذلك ليس مضمونا، وفي كل الأحوال، فما يعنينا هنا هو إيران التي تبدو الأكثر استنزافا، ليس فقط لأن الجزء الأكبر من موازنتها مبرمج على أسعار النفط، بل أيضا لأنها تعيش حالة استنزاف غير مسبوقة في تاريخها كله. فهي تدفع كلفة الحرب كاملة في سوريا، وهي تساعد في العراق بعد أن كان العراق يساعدها في تحمّل كلفة حرب سوريا، وهي الآن تُستنزف في اليمن، والنتيجة أنها في وضع لا تحسد عليه، فيما يجد روحاني نفسه في أزمة كبيرة، هو الذي جاء بأجندة تحسين وضع الاقتصاد، فإذا بالوضع يسوء أكثر.
ربما لو كان الأمر بيده، أعني السياسة الخارجية لذهب باتجاه تسوية إقليمية للملفات العالقة مع العرب وتركيا، مع العلم أن الأخيرة قد تضررت أيضا من تدهور أسعار النفط بسبب استثماراتها الهائلة مع روسيا وإيران، لكن ملف السياسة الخارجية ليس بيده، وهو لا يزال ينتظر يأس المحافظين من حروبهم، وميلهم تبعا لذلك إلى التسوية الشاملة.
ما يجري في المنطقة عموما ليس في مصلحة أحد، باستثناء الكيان الصهيوني والقوى الاستعمارية، ولو عادت إيران إلى رشدها، فإن التسوية ستكون ممكنة، لكنها تسوية لها ثمن لا يمكنه احتمال أن تلعب إيران دور حامية مذهب تتحكم بأتباعه في كل المنطقة، ثم تسيطر على سوريا ولبنان والعراق واليمن.
في نهاية المطاف ستضطر إلى ذلك، وستقبل بالتسوية، ولكن بعد أن تكون ضربت ربيع الشعوب، واستنزفت نفسها، وخلقت حالة حشد طائفي ستحتاج وقتا طويلا كي تزول، فيما ستحتاج الأمة إلى وقت لا بأس به أيضا كي تبدأ رحلتها نحور التحرر من جديد.
(الدستور)