2024-11-26 - الثلاثاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

أزمات في عنق الزجاجة

الكابتن محمد الخشمان
جو 24 :

ان المتتبع للشأن العربي وما يجري فيه هذه الأيام ، لتأخذه الدهشة ، ويصاب بصدمة عصبية عنيفة ، قد تدخله مستشفى الأعصاب، ذلك أن ما يجري يجعل المواطن العربي يسائل نفسه : أإلى هذا الحد كان المجتمع العربي مقسوما على نفسه ، تتنازعه الأفكار والأهواء والشيع والتشرذم ، فما عدنا نستطيع أن نطلق عليه مجتمعاً واحداً فنترحم على الشعارات التي كانت تنادي بوحدة الأمة من المحيط إلى الخليج ، وأمة عربية واحدة ذات رسالة واحدة ، فاختلفت بعد ذلك الآراء ، فضلت بنا السفينة في بحر متلاطم الأمواج ، لا نعرف أين ترسو أعلى شاطئ القومية أم على شاطيء الإسلامية ، أم على شاطيء الرأسمالية أم على شاطئ الاشتراكية ؟.

ومن خلال ذلك تَلاعب في مصير الأمة المتلاعبون من أجانب أرادوا لها أن تبقى هكذا، ومتنطعون لم يفهموا أصول اللعبة أخذتهم أهواؤهم بعيداً، فأخذوا الأمة إلى المجهول حتى كادت أن تفقد هويتها وتنسى نضالها، فضعفت وهانت على نفسها وعلى غيرها وحتى على من يتولون زمام الأمور فيها، فكثر المفسدون، وانتشر الفساد حتى بلغ السماء ارتفاعاً، وقاع البحر إمعاناً وانخفاضاً فكثرت الأزمات واستفحلت.

من هنا وجدت أنَ من أول الأزمات التي أجد نفسي مسكوناً بتناولها القضية الفلسطينية التي أرى أن حقيقتها الواضحة والجلية، وضوح الشمس في شهر تموز، أنَ اسرائيل لن تجنح للسلم، ولن تسلم للشعب الفلسطيني أرضه التاريخية، ولا حتى الجزء الذي احتل عام 1967، وجميع المؤشرات تدل على أنَ اسرائيل ستستمر في غيها ولعبها على الوقت لتكسب المزيد من الأراضي التي وصل ما استولت عليها حتى الآن إلى ما يقرب 85%، وهي لا تريد جولات جديدة من المفاوضات تجبرها على تجميد الاستيطان أو وقفه ، وخططها تسير باتجاه نزع جنسية الفلسطينين الذين بقوا على الارض، باعادة احياء قضية فك الارتباط الاردني -الفلسطيني في مشروع خبيث يراد منه اعطاء اهل الضفة الغربية الجنسية الاردنية ليصبحوا على ارض لا يمتلكونها وفي دولة غريبة عليهم وهنا لن يسآئل احد المستضيف اذا رُحل الضيف الى ارض اخرى يحمل مواطنتها.

و هنا في الاردن فهناك مجال لهكذا حديث ، فالازمات عديدة والكل منشغل بالوضع الاقتصادي الصعب، وحالة الفساد والإفساد، ومسيرة الاصلاح التي عطلتها قوى الشد العكسي والمتنفذون، وحالة الحراك الشعبي الذي نقر مطالبه المشروعة ونرفض أدوات التخريب التي تغلف عمل أقلية منه تربة صالحة لاحياء مشاريع كنا نعتقد انها انتهت، ليخرجها الساحر من قبعته من جديد تحت عنوان الربيع العربي الذي اغرقنا بأزماته ووضعتنا تلك القوى في عنق الزجاجة من جديد.

أما الادارة الامريكية التي كنا نعتقدها قادرة على تقديم يد العون لنا فهي لاهية بانتخاباتها القادمة ، وليس لديها ما تغري به اسرائيل لتتراجع عن مخططاتها، هذا ان لم تكن تلك الادارة جزء من مخطط التهويد والترحيل وصاحبة مبادرة تصدير الازمات، ثم ما اسرائيل لتلك الإغراءات، فهي مثخنة بالأسلحة ، ومستودعاتها مليئة بكل أدوات التدمير بتفوق ملحوظ، ورزقها من المساعدات يأتيها من كل مكان، وفي الجانب الآخر عالم عربي مفرغ من كل أسباب القوة، مشغول بمشاكله وهمومه ، والمؤامرات على إخوانه ، ومعول الهدم للدولة العربية لا يكف عن العمل من أجل التجزئة والانقسامات، والعبث بشؤون الوطن والمواطن .

لذا من حقنا أن نتساءل هل فرغت جعبة الساحر الأمريكي من الألاعيب وإبر التخدير وهو يعلن أنه فشل في الضغط على إسرائيل وأنَ إغراءات المفاوضات المباشرة لم تعد قائمة ؟!، وهل دخلنا نفق الازمات وعنق الزجاجة ولم يعد لدينا من حلول لما نواجه؟.

نجزم ان أزماتنا لن يحلها الا الاصلاح الديمقراطي القائم على مبدأ مشاركة الاحزاب السياسية في العملية السياسية مشاركة كاملة غير منقوصة، وهذا تضمنه قوانين تدفع الجميع للمشاركة وليس فقط النخبة المتربعة على صدور الاردنيين، بل كل الفئات والشرائح الموصوفة في ثقافتنا السياسية بالأغلبية الصامته التي تهب اذا مس الوطن أي خطر، ولكنها تغيب عند الحكومات وهو ما نطالب بتغييره لضمان الموزنة بين التيارات والفئات والاتجاهات السياسية والشعبية، وهو ما سيعيد اللحمة للمجتمع ويعطيه الصلابة والتماسك الذي يمكنه من الوقوف بوجه المؤامرات المشبوهة والاجندات الخارجية. وبعكس ذلك فالمستقبل قاتم والقادم أشد خطورة مما مضى وانقضى، فالأمر جدُ خطير، ونحن في تراجع وتفريط ان لم يتحرك احد فستضيع الاردن كما ضاعت فلسطين من قبل.، فعندما يقف منادي من هنا او هناك ليطالب بالغاء قرار فك الارتباط فان هذا يعدُ سبباً إضافياً في جعل الحكومة الاسرائيلية تتمادى في غيّها وتعتبر التصريح دليل ضعف واستسلام وليس دليل قوة وتعقل ، فأعلنت عن المزيد من الاستيطان معتمدة على تصريح المنادين بمنح الفلسطينين في الداخل مواطنة دولة اخرى وهكذا لا يصبح هناك قيمة بعد ذلك في المطالبة بوقف الاستيطان والمستوطنات، التي تصر الحكومة الاسرائيلية على بنائها تحت ذريعة النمو الطبيعي .

إننا نقول أنَ مطالبات البعض بالغاء قرار فك الارتباط كانت تغميساً خارج الصحن، وان الحديث عن تحرير فلسطين من البحر الى النهر في ظل التصريح بعدم قانونية فك الارتباط، مجرد ذر للرماد في العيون.

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير