نواب يحترفون اللطم
استشراء الفساد المالي والإداري مسألة يعلمها جميع الأردنيون. فإن كان الفساد المالي مسألة نخرت الاقتصاد الوطني، إلاّ أن الفساد الإداري كان أشدّ وطأة على الوطن والمواطن.
الوساطة والمحسوبيّة وتعيين من لا يستحقّ بمختلف المناصب العليا، ولعبة تدوير الكراسي بين منتفع ومكتسب وآخر غير كفؤ، كلّ هذه التجاوزات أفضت إلى هدم مؤسّسات وطنيّة بناها أجدادنا بعرقهم وكدّهم.
نعلم أن الفساد يمثّل المعضلة الأساسيّة لكافّة مشكلاتنا.. ولكن..
أن يستعرض أعضاء السلطة التشريعيّة خطبهم الرنّانة، ويكشفون عن أرقام تصل قيمتها لمئات الملايين، ملقين بوجه الحكومة نبأ اختفاء هذه الأموال، دون اتّخاذ موقف جدّي والمضي بإجراءات دستوريّة، فهو محض هزل لا يرتجى منه أن يقودنا إلى أيّ مكان.
الأصل أن النائب يمثّل سلطة تشريعيّة ورقابيّة تلزم السلطة التنفيذيّة بقراراتها وتفرض رقابة لا تعرف المهادنة ولا المجاملة على أدائها، فإن كان لدى أحد النواب معلومة تفيد باختفاء أموال الشعب، فعليه القيام بواجبه عبر الأطر الدستوريّة، بدءً بالاستجواب وليس انتهاء بحجب الثقة عن الحكومة في حال ثبت فشلها في معالجة قضيّة فساد.
أمّا أن يكتفي النائب بإلقاء اتّهاماته مستعرضا حرصه على المصلحة الوطنيّة، دون دليل، بل ودون أن يمضي بإجراءات من شأنها حلّ ما طرح من مشكلات، فهو استعراض لا يريد صاحبه من ورائه سوى تحقيق النجوميّة.
كثير ما سمعنا عن خطابات وشعارات تفجّرت تحت قبّة البرلمان، ولكن لم نلمس ما يتصل بترجمتها على أرض الواقع.. وفي جلسة الاثنين لمناقشة قرار رفع فاتورة الكهرباء، صدر من كثير من النواب ما تعوّدنا عليه: أشبعونا لطما!!