الشوبكي يكتب: لابد من الحكمة
مر الاردن الوطن والدولة بمختلف مكوناتها بمراحل عصيبه وصعبه وفي مفاصل تاريخية هامة وحاسمة وخطيرة وإستطاع تجاوزها في كل مرة بقوة وحكمة وروية وهدوء وإقتدار ، فهذا البلد وطن الاحرار ووطن الرجال، كان ولايزال وسيبقى بحول الله عصيا على كل مؤامرة تحاك ضده وقويا امام العاتيات بقوة جيشه ومنعة أمنه وإستدامة إستقراره وإخلاص مواطنيه ووحدة شعبه، فالدولة الاردنية بكافة مكوناتها ليست جمعية خيرية ولا ناديا للياقة البدنية، مع احترامي لعمل الجمعيات والاندية، ولا يجب ان تضعف الدولة وتهتز صورتها لعارض بسيط او حتى عظيم او لأسر أحد ابنائها المقاتلين او ﻹستشهاد بعض جنودها الابطال البررة، فهؤلاء ليسوا باعة ورود ولا مصففي شعر، بل هم نشامى الوطن الذين يقدمون ارواحهم الزكية رخيصة دفاعا عنه وحماية لمواطنيه وصونا لكرامة الامه ومنعتها.
مقاتلون شجعان بواسل اشاوس، يتميزون بعزيمة لا تلين وإرادة صلبة لا تهزم وتصميم على النصر لا يقهر و بطولة وعنفوان وأنفة وشهامة لاتتوفر إلا لهم هم حماة الوطن وسياجه المنيع حازوا دائما احدى الحسنيين اما النصر او الشهادة، وخاضوا معارك العز وانتصروا في اللطرون وباب الواد والمكبر والكرامة والجولان ،وسطروا بدمائهم الزكية قصص المجد على اسوار القدس وتراب فلسطين ومازالت شواهد اضرحتهم شاهدة على علو مكانتهم ، وقد تعرضوا ولا بد أن يتعرضوا للأخطار فهذه طبيعة أعمالهم ،يدافعون عن الحمى ويحاربون من أجل بقاء الراية خفاقة ويطلقون الرصاص وتطلق عليهم النار ويأسرون وقد يؤسرون.
هذا هو عقد الجندية المعلوم والمبني على التضحية والفداء ،واذا ما حل بنا عارض او خطر او حتى خساره او صدمة كما هو حالنا الآن بأستشهاد البطل معاذ الكساسبة بهذا الاسلوب الهمجي من قبل قوى الظلام والتخلف، فعلينا كشعب ان نكون بمستوى الحدث فالصبر الصبر، والحكمة الحكمة، والدعاء الى الله ان يجبر أسرة معاذ وأهله في مصيبتهم، وكلنا أهله كما كلنا في الاردن أسرة واحدة، ودعونا نترك لأصحاب الاختصاص المعالجة وطريقة الرد وزمانه ومكانه وكيفيته.
ولعل البداية جاءت بإعدام الريشاوي والكربولي، وعلى الحكومة اذا ما وقعت حادثة او ألمت بنا معضلة او مصيبة ان لا تضعف وتفقد بوصلة اولويات ومصالح البلد ، بل عليها أن تغلب لغة العقل على العاطفة في عملها، وتعيد ترتيب اوراقها بكل شفافية ووضوح واشراك السلطة التشريعة بما تقتضيه المصالح العليا لإدامة حياة الوطن ومنجزاته ومسيرته و أمنه واستقراره.
ويجب ان يكون خطابنا الاعلامي صادقا وقويا ومباشرا وغير متردد ولا مبالغ او مهول. خطابا يبعث الثقة في النفوس ويهديء الروع ويقوي العزائم وينشر الطمأنينة والسكينة ،خطابا لا ينجر الى العاطفة ويساق الى ما يخطط له الاعداء.
وتبقى ثقتنا قوية بحكمة قيادتنا أن تعبر بنا شاطىء الأمان نحو المستقبل، وبقوة ومهارة وشجاعة قواتنا المسلحة الاردنية الباسلة وبقدرة أجهزتنا الامنية وبوعي شعبنا الأبي الصابر الصادق المنتمي، وعلينا كل في موقعه ان نرص صفوفنا وان يسند بعضنا بعضا وان نقف سدا منيعا امام الاخطار المحدقة بنا وان نتغلب على التحديات ونتجاوز المحن بكل إقتدار وأن نحارب الاشاعات المغرضة الهدامة وأن ننبذ التلاوم والتعاتب وان لا نعود الى الوراء وننكص الى أعقابنا وان ندعوا الله مخلصين له الدين ان يتقبل شهيدنا معاذ وكل شهداء الواجب و ان يلهم مسؤولينا الحكمة وسداد الموقف وصواب الرأي وحسن التدبير، وأن يحمي الوطن والجيش ويرد كيد الكائدين وأن ينصرنا على أعداء الامة، وأعداء الدين، انه نعم المولى ونعم النصير.