مسار الحرب الآخر
النائب د. عساف الشوبكي
جو 24 : بالتوازي مع الحرب بالطائرات والقنابل والصواريخ على داعش وقوته العسكرية، لا بد ان تكون هناك حرب على فكر هذا التنظيم الظلامي وغيره من التنظيمات التكفيرية التي شوهت صورة ديننا الحنيف وأمعنت في الظلم والقتل وسفك الدماء، ولا بد ان نجيب عن اسئلة أهمها من هي الجهات في وطننا المسؤولة عن هذه الحرب على الفكر الملوث لرسالة الاسلام الرحيمة السمحة ومقارعة البرهان بالبرهان الصحيح والحجة بالحجة القويمة؟، وهل هذه الجهات مؤهلة ومهيأة لهذا العمل الكبير ؟ وهل المسؤولية تقع على عاتق الحكومة وحدها وعلى اجهزتها ومنابرها على وجه الخصوص مثل المؤسسات التعليمية كالجامعات وكليات المجتمع والمعاهد والمدارس، وما يلحق بها من بناء السياسات التعليمية والانظمة والتعليمات الناظمة والمناهج والمساقات والبرامج والخطط والمواد التعليمية وإعداد أعضاء هيئات التدريس والمعلمين والكوادر المؤهلة والمدربة لايصال كل ذلك لشبابنا وطلبة العلم وجلهم على مقاعد الدراسة في التعليم العالي والتعليم العام ، وكذلك ماهو دور المساجد التي وصل عددها حوالى الخمسة آلاف مسجد معطل إلا من أداء الصلوات لبعض المسلمين الملتزمين وتغلق هذه المؤسسات ابوابها بعد كل صلاة وتفتقر الى حلقات العلم والمعرفة والفكر والنصح والتوعية والمشورة والبرامج والندوات والمحاضرات المعدة إعدادا علميا وشرعيا عالي المستوى لتوجيه الشباب وملء اوقات فراغهم وتعديل وتوجيه ومعالجة مسارات سلوكاتهم وتصرفاتهم وتحصينهم من الغلو والتطرف والفكر الظلامي والمعتقد المنحرف والانجراف نحو المخدرات والعنف الاجرام والقتل والارهاب، بل ويفتقر ثلثاها الى الأئمة المؤهلين علما دينيا صحيحا ﻹرتقاء منبر رسول الله ونشر الهدى وبث الوعي بين شبابنا وتنويرهم بحقيقة الاسلام ونشر قيم الفضيلة والاخلاق والوسطية والعدل والتسامح والمساواة ، وما مدى ثأثير وسائل اعلامنا وقدرة وحرفية ومهنية صحفينا وإعلامينا، إذ لابد من وجود مؤسسات اعلامية كفؤة خاصة وعامة تحمل خطابا اعلاميا اصلاحيا صادقا صريحا قويا جريئا غير خائف ولا مرتجف ولا مرتعب ولا منحاز وغير تابع سوى للوطن خطابا مسؤولا يرتقي لأن يكون السلطة الفعلية الرابعة الى جانب السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ويعزز الإجماع الشعبي والتوجه الوطني الجديد نحو محاربة الارهاب ومكافحة اسبابه ووئد حواضنه والمساهمة في معالجة مشكلات الوطن بمهنية ومصداقية وشفافية ونشر ثقافة الاصلاح في مختلف المجالات، ثم لنا ان نسأل هل آن الأوان بالاهتمام أكثر بالشباب وبتمثيلهم السياسي ، وايجاد مؤسسات راعية لإهتماماتهم ومحفزة لإبداعاتهم وباحثة عن بيئة لتميزهم؟ واين دور المجلس الاعلى للشباب؟ وهل سيبقى دوره مقتصرا على الترخيص للاندية ورعاية مجموعة من مراكز الشباب والشابات ببرامج قديمة بالية غير متطورة ولا مؤثرة في مجتمعاتها المحلية؟ وكذلك هل يوجد مؤسسات أخرى في المجتمع يقع على عاتقها جزء من المسؤولية ؟ نعم لا بد من ان يكون هناك ادوار لمؤسسات المجتمع المدني الاخرى والنقابات والجمعيات والروابط والدواوين والنوادي والاحزاب والشركات والمنظمات ولا بد من وضع استراتيجية وطنية لرفع سوية التعليم الهابطة واصلاح مساراته ومكافحة الارهارب ومعالجة المشكلات الاجتماعية وعلى رأسها الفقر والبطالة والغلاء والعدالة الاجتماعية المفقودة والفساد بكافة اشكاله، وان تتكاتف الجهود العامة والخاصة ،الشعبية والرسمية للوصول الى حل مشكلات شبابنا ضمن منهجية مدروسة ومحددة المعالم وتحصينهم ووقايتهم من الامراض الفكرية المتطرفة وفي الوقت نفسه الوصول الى نتائج مرضية وحلول لمشاكل الوطن ككل وتقوية وحدتنا الوطنية وتحصين جبهتنا الداخلية لولوج المستقبل بعلم وقوة واقتدار وأمن وامان واستقرار. النائب الدكتور عساف الشوبكي.