معنا أم ضدنا؟!
محمد أبو رمان
جو 24 : أخطر ما يواجهنا في اللحظة الراهنة، تحديداً، هي تلك العقلية الإقصائية المكارثية لدى النخبة الرسمية المؤثرة في عملية صنع القرار، فالمعادلة الوطنية بأسرها يتم اختزالها بثنائية غريبة، تنتهي إلى السؤال الرئيس: إنت معنا أم ضدنا؟! حتى لو كان المخالف هو شخصية من "عظام الرقبة"!
هذه العقلية هي التي تحكم اليوم الرواية الإعلامية الرسمية التي عادت لحالة من الانغلاق على "من يؤيدون" فقط، واستبعاد كل من له رأي معارض للمسار الراهن، بل هي العقلية التي تنظر إلى وجهات النظر الأخرى في الإعلام بوصفها "تخندقاً" ضد الدولة ومصالحها مع "الخصوم"!
في هذا النمط من التفكير يتم اختزال الأزمة العميقة المركّبة التي تعصف بالسلم الأهلي والأمن الاجتماعي وتحجيمها في العلاقة مع جماعة الإخوان المسلمين، أو في شخصيات سياسية تقود المعارضة، بينما في الحقيقة المسألة أكثر تعقيداً وعمقاً من هذه المعادلة الرسمية المسطّحة، وفي المشهد ألوان متعددة ومختلفة، تقف في خندق الوطن، وليس بالضرورة مع الحكومة أو المعارضة!
مشكلة هذا النمط من التفكير أنّه يسطّح الأزمة العميقة الراهنة، بما لا يتجاوز سؤال العلاقة مع جماعة الإخوان أو المعارضة أو تصنيف الناس وفق منظور (مع أم ضد)، وهي في الحقيقة أعمق من ذلك بكثير وتضرب في صلب العلاقة بين الدولة والمواطنين، مع ضعف شديد في قدرات الدولة الاتصالية، فلا هي تعرف ما يريد الناس، ولا الناس يعرفون ماذا تريد!
الوجه الحقيقي للأزمة يتمثل اليوم بحالة الرعب، لدى الرأي العام، من الفوضى الأمنية الراهنة، وانتشار استخدام السلاح بكثافة في المشاجرات العشائرية والاجتماعية، والعنف الجامعي؛ حتى أنّ المواطن البسيط مصاب اليوم بحالة من الهلع والقلق على أمنه الشخصي، طالما أنّ التطاول على القانون أصبح أمراً يومياً معتاداً!
أكثر ما يدهشني اليوم أنّ هنالك رأياً يتم تداوله، حتى في أوساط النخبة السياسية المقرّبة من الدولة، بأنّ الفوضى الأمنية الراهنة مقصودة بحد ذاتها لنشر حالة من الرعب والخوف في أوساط الرأي العام، من مآلات تراجع الأمن والاسقرار، ما يدفع بالرأي العام لمطالبة الدولة بالضرب بيد من حديد، وهو ما يطاول مظاهر الاضطرابات الأمنية (على خلفية الخروج على القانون) والحراك الشعبي السلمي.
لا أملك إلاّ الشك بهذه الفرضية، إذ إن مجرد قبولها، معناه التسليم أن من يقودون هذا المسار الحالي لا يبالون في اللعب بالنار والزج بالدولة في أتون أزمة طاحنة، والتضحية بهيبتها وصورتها وتفكيك المجتمع فقط في سياق خصومتهم مع "المعارضة".
ما أراه أنّ هذه الفوضى الأمنية، بالضرورة، هي انعكاس مباشر تماماً للفوضى السياسية، وانكسار سلطة الدولة الأخلاقية، واستسهال التطاول على القانون، والارتباك الشديد في علاقة الأمن مع المواطنين، ففي نهاية اليوم لا يمكن للأمن أن يحمل عبء أزمة سياسية واقتصادية كبرى!
في المحصلة، الخروج من هذه الأزمات يتطلب نخبة سياسية تخرج من نطاق التصنيف والإقصاء والاتهام للخصوم، نخبة قادرة على قراءة الأزمة من زواياها المختلفة وأبعادها المقلقة لنا جميعا، ربما يكون سؤال العلاقة مع المعارضة هو السؤال الأسهل والأبسط فيها!
"الغد"
هذه العقلية هي التي تحكم اليوم الرواية الإعلامية الرسمية التي عادت لحالة من الانغلاق على "من يؤيدون" فقط، واستبعاد كل من له رأي معارض للمسار الراهن، بل هي العقلية التي تنظر إلى وجهات النظر الأخرى في الإعلام بوصفها "تخندقاً" ضد الدولة ومصالحها مع "الخصوم"!
في هذا النمط من التفكير يتم اختزال الأزمة العميقة المركّبة التي تعصف بالسلم الأهلي والأمن الاجتماعي وتحجيمها في العلاقة مع جماعة الإخوان المسلمين، أو في شخصيات سياسية تقود المعارضة، بينما في الحقيقة المسألة أكثر تعقيداً وعمقاً من هذه المعادلة الرسمية المسطّحة، وفي المشهد ألوان متعددة ومختلفة، تقف في خندق الوطن، وليس بالضرورة مع الحكومة أو المعارضة!
مشكلة هذا النمط من التفكير أنّه يسطّح الأزمة العميقة الراهنة، بما لا يتجاوز سؤال العلاقة مع جماعة الإخوان أو المعارضة أو تصنيف الناس وفق منظور (مع أم ضد)، وهي في الحقيقة أعمق من ذلك بكثير وتضرب في صلب العلاقة بين الدولة والمواطنين، مع ضعف شديد في قدرات الدولة الاتصالية، فلا هي تعرف ما يريد الناس، ولا الناس يعرفون ماذا تريد!
الوجه الحقيقي للأزمة يتمثل اليوم بحالة الرعب، لدى الرأي العام، من الفوضى الأمنية الراهنة، وانتشار استخدام السلاح بكثافة في المشاجرات العشائرية والاجتماعية، والعنف الجامعي؛ حتى أنّ المواطن البسيط مصاب اليوم بحالة من الهلع والقلق على أمنه الشخصي، طالما أنّ التطاول على القانون أصبح أمراً يومياً معتاداً!
أكثر ما يدهشني اليوم أنّ هنالك رأياً يتم تداوله، حتى في أوساط النخبة السياسية المقرّبة من الدولة، بأنّ الفوضى الأمنية الراهنة مقصودة بحد ذاتها لنشر حالة من الرعب والخوف في أوساط الرأي العام، من مآلات تراجع الأمن والاسقرار، ما يدفع بالرأي العام لمطالبة الدولة بالضرب بيد من حديد، وهو ما يطاول مظاهر الاضطرابات الأمنية (على خلفية الخروج على القانون) والحراك الشعبي السلمي.
لا أملك إلاّ الشك بهذه الفرضية، إذ إن مجرد قبولها، معناه التسليم أن من يقودون هذا المسار الحالي لا يبالون في اللعب بالنار والزج بالدولة في أتون أزمة طاحنة، والتضحية بهيبتها وصورتها وتفكيك المجتمع فقط في سياق خصومتهم مع "المعارضة".
ما أراه أنّ هذه الفوضى الأمنية، بالضرورة، هي انعكاس مباشر تماماً للفوضى السياسية، وانكسار سلطة الدولة الأخلاقية، واستسهال التطاول على القانون، والارتباك الشديد في علاقة الأمن مع المواطنين، ففي نهاية اليوم لا يمكن للأمن أن يحمل عبء أزمة سياسية واقتصادية كبرى!
في المحصلة، الخروج من هذه الأزمات يتطلب نخبة سياسية تخرج من نطاق التصنيف والإقصاء والاتهام للخصوم، نخبة قادرة على قراءة الأزمة من زواياها المختلفة وأبعادها المقلقة لنا جميعا، ربما يكون سؤال العلاقة مع المعارضة هو السؤال الأسهل والأبسط فيها!
"الغد"