نقابة المعلمين والصراع الدائر
كتب عبد الغفور القرعان - منذ ظهور نتائج انتخابات الهيئة المركزية لنقابة المعلمين في الدورة الأولى عام 2012 , وما زال الخلاف قائما حول موضوع النظام الإنتخابي ( القوائم المغلقة ) , وقبل أن أدخل في طرح الحقائق , لا بدّ لي أن أطرح عدة نقاط , أعتقد أن أكثرية المعلمين الذين واكبوا وشاركوا وراقبوا ما كان يجري قبيل إقرار النظام الإنتخابي لن يختلفوا معي فيها :-
1- أنّ النظام الإنتخابي القائم الآن في نقابة المعلمين يجمع ما بين القوائم المغلقة والنظام الفردي ( الأكثري ) , وأنّ نسبة النظام الفردي تفوق نسبة نظام القوائم المغلقة .
2- أنّ الجزء من النظام الإنتخابي الحالي غير المتوافق عليه وهو ( القوائم المغلقة ) لم يكن لزملائنا المعلمين من الإخوان المسلمين يد في إقراره , بل على العكس فقد كانوا ضدّ هذا النظام , وأنّ من يعارضون هذا النظام في الوقت الحالي هم من قاتلوا وجاهدوا من أجل إقراره .
3- أنّه لا يوجد في العالم أجمع نظام انتخابي يرضي الجميع .
4- أنّ نسبة أعضاء الهيئة المركزية ممن وصلوا إلى الهيئة المركزية لنقابة المعلمين لا يصل إلى 46% من المجموع الكلي للأعضاء البالغ عددهم الآن 314 عضوا , بينما تبلغ نسبة من وصلوا إلى الهيئة المركزية عن طريق النظام الفردي 54% وأنّ هذه النسبة ( نسبة القوائم المغلقة ) تتضاءل في كل دورة مع ازدياد عدد المعلمين , وثبات عدد المرشحين على القوائم المغلقة وهو 144 عضوا , أي 12 عضوا لكل محافظة . أي أنه بعد ثلاث أو أربع دورات لن تشكل نسبة القوائم المغلقة أكثر من 25% من مجموع أعضاء الهيئة المركزية , إذا ما علمنا أن النسبة كانت في الدورة الأولى أكثر من 50% , وهي الآن 46% .
5- أنّ النظام الإنتخابي القائم على ( القائمة المغلقة ) سواء كانت مغلقة مطلقة أم نسبية مغلقة هدفه تشجيع وتكريس الإقتراع من قبل الناخبين بناء على البرامج المطروحة , وليس بناء على العلاقات الشخصية التي تحكمها العشائرية الضيقة والمناطقية المقيتة .
6- أنّ الهدف من تعديل أي نظام , سواء كان نظاما انتخابيا أم غير ذلك , هدفه تحقيق الحد المرضي من العدالة .
والآن سأدخل في فحوى الخلاف القائم في نقابة المعلمين , فبعد ظهور نتائج الدورة الأولى لانتخابات نقابة المعلمين , وكذلك الدورة الثانية , علت الأصوات المنادية لتغيير النظام الإنتخابي من أجل التخلص من ( القوائم المغلقة ) , والمستغرب أنّ الكثير من الأصوات التي علت من أجل التغيير هي نفسها تلك الأصوات التي كانت تعلو قبيل إقرار النظام الإنتخابي من أجل الإقناع بجدوى إقرار القوائم المغلقة كجزء من النظام الإنتخابي , وبكل صراحة , وبعد ظهور نتائج إنتخابات الدورة الأولى , انقلب الكثيرون ممن كانوا وراء إقرار هذا النظام على أنفسهم وعلى طرحهم , بعد أن فشلوا في الفوز في الإنتخابات , أو ممن كانوا قد فازوا كأعضاء هيئة مركزية , إلاّ أنهم لم يحالفهم الحظ في انتخابات مجلس النقابة والبالغ عددهم 15 عضوا . وللأمانة فإن هناك البعض من الزملاء ممن كانوا ضدّ إقرار القوائم المغلقة قبل إقراره , وترشحوا للإنتخابات الأولى والثانية , ومنهم من حالفهم الحظ ومنهم من لم يحالفهم , وما زال موقفهم ثابت على أنهم يرفضون هذا النظام .
وممّا يزيد من استغرابي لزملائنا الذين كانوا وراء إقرار نظام ( القوائم المغلقة ) وانقلبوا على أنفسهم , أنّ طرحهم كان قائما على ( أنّ من يعارض إقرار القوائم المغلقة , فإنّ أولئك هم أصحاب الأجندات الأمنية والحكومية ) , وسؤالي لزملائنا هؤلاء , هل أصبح طرح رفض القوائم المغلقة غير أمني وغير حكومي بمجرّد أنكم أنتم الآن قد غيرتم موقفكم من هذا الطرح ؟؟؟!!!
كما ذكرت في البداية , فإنّ السعي لإجراء أي تعديل على أي قانون أو نظام , يكون هدفه الأسمى تحقيق العدالة , والمتابعون للشأن النقابي في نقابة المعلمين , يجدون أن عدم العدالة يكمن في قانون نقابة المعلمين أولا , وفي المادة رقم 11 الفقرة ( ج ) تحديدا , والتي تنص على (ب- تتكون الهيئة العامة في كل مديرية من مديريات التربية والتعليم من الأعضاء العاملين فيها والمسددين لالتزاماتهم المالية و الحاصلين على شهادة مزاولة المهنة ج- تتكون هيئة الفرع في المحافظة مما يلي :-
1-اثني عشر عضواً لكل محافظة . 2 -عضو واحد لكل مديرية . 3-عضو واحد لكل ألف معلم .
فأين العدالة , عندما ساوى القانون بين محافظة يبلغ عدد المعلمين فيها أكثر من خمسين ألف معلم وبين محافظة لا يتعدى عدد المعلمين فيها ثلاثة آلاف معلم , محددا لكلا المحافظتين 12 عضوا يمثلون تلك المحافظة في الهيئة المركزية ؟؟؟
فإذا كان هدفنا تحقيق العدالة , وجب علينا أن نراجع جميع المواد المجحفة في القانون والنظام الداخلي .
وللأمانة , فقد كانت هناك محاولات من قبل مجلس النقابة الأول مع من يسمون أنفسهم بالمعارضة من أجل التوصل إلى توافق من أجل تعديل المواد المجحفة سواء في القانون أو النظام الداخلي لنقابة المعلمين , إلاّ أنّ تلك المحاولات قد تمّ إفشالها من طرف المعارضة بحجة أنّ تعديل القانون يحتاج إلى قنوات تشريعية عديدة من أجل إقراره . وقد كنت شاهدا على هذا , وقد حاولت إقناع أحد أطراف المعارضة البارزين في البدء بحوار من أجل التعديل في القانون والنظام الداخلي , وأن يسير كل من القانون والنظام الداخلي بالقنوات التشريعية , إلاّ أنّه وبكلّ أسف تمّ رفض تلك المبادرة من الطرف الذي كان يمثل المعارضة حينها .
وبعد ظهور نتائج الإنتخابات الثانية قبل عام تقريبا , ظهر موضوع تعديل النظام الإنتخابي على السطح ثانية , وما زال الحديث قائما حول هذا الخلاف , إلاّ أنّ طرح من يسمون أنفسهم بالمعارضة يعتبر طرحا ( لا عقلانيّا ) , فحين يطرح بعض أعضاء المعارضة أنّ الهدف من تعديل النظام الإنتخابي هو ( إقصاء المعلمين الذين ينتمون للإخوان المسلمين من الهيئة المركزية ومجلس النقابة ) , فكيف يريد المعارضون إقناع زملائهم المعلمين حين يطرحون أنّ هدفهم من طرحهم ( إقصائيّ بحت ) , والدليل على هذا , أنّه حين يتم طرح نظام القوائم النسبية المغلقة كبديل عن القوائم المغلقة المطلقة , فإنّ طرح بعض المعارضين يكون أنهم يرفضون مثل هذا الطرح , لأنّ القوائم النسبية المغلقة ستؤدي بوصول كثير من المعلمين ممن ينتمون للإخوان إلى الهيئة المركزية .
لا أعلم , كيف يكون هذا الطرح المعارض موجودا , وتعتقد المعارضة في نفس الوقت أنّ هذا الطرح الإقصائي يجب أن يكون مقبولا لدى الهيئة المركزية والتي يشكل فيها الإخوان الأكثرية , فلو فرضنا أنّ الإخوان المسلمين كانوا هم في المعارضة داخل الهيئة المركزية , ويطرحون نفس الطرح الذي تطرحه المعارضة الآن ( نريد تعديل النظام الإنتخابي من أجل إقصاء الفئة التي تسيطر على قرار الهيئة المركزية , فهل كان طرحهم هذا سيكون مقبولا لدى الأكثرية ؟؟؟ ) .
من أجل الخروج من هذا الخلاف القائم , يجب على المعارضة أن تطرح طرحا عقلانيّا قائما على احترام الجميع , طرحا يؤدي إلى التوصل إلى تعديلات عادلة سواء في قانون النقابة أو النظام الداخلي , وهنا أودّ أن أطرح مبادرة على الجميع , سواء كانوا في مجلس النقابة أو الهيئة المركزية أو العامة على اختلاف توجهاتهم :-
أولا :- أن يقوم مجلس النقابة وبالتوافق مع أعضاء الهيئة المركزية بتشكيل لجنة من أجل دراسة جميع المواد الواجب تعديلها في القانون والنظام الداخلي .
ثانيا :- أن يتم تحديد وقت زمني من أجل تقديم جميع التعديلات إلى مجلس النقابة .
ثالثا :- أن تجتمع اللجنة من أجل التوافق على جميع المواد المراد تعديلها في القانون والنظام الداخلي , وأن يتم التوافق أيضا بين أعضاء اللجنة المشكلة على جميع التعديلات .
رابعا :- بعد انتهاء اللجنة من إقرار جميع التعديلات , تقدّم إلى مجلس النقابة , ويدعو حينها المجلس الهيئة المركزية إلى اجتماع طارئ من أجل إقرار تلك التعديلات .
راجيا من الله التوفيق والسداد لكل من يسعى إلى خير المعلّم .