قلوبهم وسيوفهم عليك!
محمد أبو رمان
جو 24 : "ما تشاهدونه على الفضائيات هو جزء بسيط من الجرائم والفظائع التي ترتكب بحق الناس هناك". لعل هذه الجملة أكثر ما نسمعه من الأشقاء السوريين الهاربين من الجحيم في الشام؛ فما يحدث يمثّل محرقة ومجزرة تاريخية إنسانية، متلحّفة بكذب ونفاق دوليين!
التفاصيل الجديدة التي تتكشّف عن مجزرة الحولة (قبل ثلاثة أشهر)، والموثقة بالشهادات المرعبة، والصور الدامية، تخلع القلب من مكانه، وتخلق حالة هستيرية لدينا من الحزن والألم، والشعور بالمرارة والغضب، لعدم قدرتنا على فعل أي شيء أمام هذه الوحشية!
ما يحدث بحق السوريين يلخّصه نصّ للأديب أحمد خيري العمري (على موقع مختارات من الثورة السورية)، في قصته "رواية مجزرة الحولة من الطفل المذبوح رقم خمسين"! فهو نص يلخّص بحق حجم المؤامرة على السوريين.
مؤامرة من الولايات المتحدة والغرب؟! نعم، منهم، لأنّهم هم الذين يبقون هذا النظام على قيد الحياة، هم من يمنعون وصول الأسلحة الحديثة للثورة، ومضادات الطائرات، ويضعون "فيتو" عليها، وهم من يريدون أن يستنزفوا الشعب والدولة معاً، طالما أنّ ذلك يخدم أمن إسرائيل ومصالحها، وطالما أنّه يفكك التحالف الإيراني، فنحن لسنا بشراً في قاموسهم!
مؤامرة من روسيا والصين وإيران؟! نعم، لأنّهم يدعمون لوجستياً ومالياً وعسكرياً وسياسياً عصابة القتل والإجرام التي تملك طائرات ودبابات ومدافع لتنكّل بالمدنيين العزل والأبرياء!
مؤامرة من العرب والمسلمين؟! نعم، لأنّنا جميعاً عاجزون صامتون، مستسلمون، ولأنّ هنالك بيننا من يشارك في قتل السوريين بمقايضة دمائهم وأعراضهم وأطفالهم بأكذوبة الممانعة!
"رواية الطفل الخمسين" تفضح هذا التواطؤ، إذ يختم "الطفل الذبيح" شهادته بـ:
"ليس لدي الكثير لأقوله لكم، ربما كلمة واحدة فقط، كانت على لساني ونسيتها.. بعدها لم أعد أرى. كنت في الزاوية وأسمع فقط، كنت واثقا من أن شقيقتي ذبحت. سمعت صوتها وهي تنادي أمي. وتذكرت أمي. سمعت صوت الشبيح يقول أنه يحتاج إلى سكين آخر لأن هذا السكين لم يعد حادا.. قال له الآخر: أحسن!.. يتألمون أكثر عند الذبح.. لا أذكر الكثير بعدها.. نفس الأصوات بقيت تتكرر.. صرت أميز صوت الدم وهو يتدفق.. كلما قل صوت البكاء كنت أدرك أن الدور قد أتى علي.. فجأة أدركت أنه قد اقترب مني، كانت رائحته لا تزال واضحة رغم رائحة الدم.. أمسك برقبتي..
"تذكرت ما أريد أن أقوله لكم، في تلك اللحظة تذكرت. أريد أن أقول لكم إني أبصق عليكم جميعا.. جميعا.. كلكم. أنتم يا من تقرأون هذه الكلمات. منذ سنة نذبح وأنتم لم تملكوا أن تفعلوا شيئا لوقف الذبح. أبصق عليكم وعلى كاتب هذه المقالة أيضا. لعله لم يجد شيئا آخر يفعله. أو شيئا أفضل يكتبه..
"أبصق عليكم جميعا. ولا أعتذر من أي أحد.. وضع الشبيح القذر السكين على رقبتي.. تشاهدت.. وبصقت عليكم مرة أخرى"...
يروي لنا التاريخ أنّ الفرزدق أجاب الحسين بن علي بن أبي طالب عن حال أهل الكوفة الذين بايعوه للثورة على يزيد، فأجابه الشاعر بذكاء "قلوبهم معك وسيوفهم عليك"! تلك الكلمات تفسّر سبب "مذبحة كربلاء"، أمّا الطفل السوري الذبيح فـ"قلوبهم وسيوفهم عليك"!"الغد"
التفاصيل الجديدة التي تتكشّف عن مجزرة الحولة (قبل ثلاثة أشهر)، والموثقة بالشهادات المرعبة، والصور الدامية، تخلع القلب من مكانه، وتخلق حالة هستيرية لدينا من الحزن والألم، والشعور بالمرارة والغضب، لعدم قدرتنا على فعل أي شيء أمام هذه الوحشية!
ما يحدث بحق السوريين يلخّصه نصّ للأديب أحمد خيري العمري (على موقع مختارات من الثورة السورية)، في قصته "رواية مجزرة الحولة من الطفل المذبوح رقم خمسين"! فهو نص يلخّص بحق حجم المؤامرة على السوريين.
مؤامرة من الولايات المتحدة والغرب؟! نعم، منهم، لأنّهم هم الذين يبقون هذا النظام على قيد الحياة، هم من يمنعون وصول الأسلحة الحديثة للثورة، ومضادات الطائرات، ويضعون "فيتو" عليها، وهم من يريدون أن يستنزفوا الشعب والدولة معاً، طالما أنّ ذلك يخدم أمن إسرائيل ومصالحها، وطالما أنّه يفكك التحالف الإيراني، فنحن لسنا بشراً في قاموسهم!
مؤامرة من روسيا والصين وإيران؟! نعم، لأنّهم يدعمون لوجستياً ومالياً وعسكرياً وسياسياً عصابة القتل والإجرام التي تملك طائرات ودبابات ومدافع لتنكّل بالمدنيين العزل والأبرياء!
مؤامرة من العرب والمسلمين؟! نعم، لأنّنا جميعاً عاجزون صامتون، مستسلمون، ولأنّ هنالك بيننا من يشارك في قتل السوريين بمقايضة دمائهم وأعراضهم وأطفالهم بأكذوبة الممانعة!
"رواية الطفل الخمسين" تفضح هذا التواطؤ، إذ يختم "الطفل الذبيح" شهادته بـ:
"ليس لدي الكثير لأقوله لكم، ربما كلمة واحدة فقط، كانت على لساني ونسيتها.. بعدها لم أعد أرى. كنت في الزاوية وأسمع فقط، كنت واثقا من أن شقيقتي ذبحت. سمعت صوتها وهي تنادي أمي. وتذكرت أمي. سمعت صوت الشبيح يقول أنه يحتاج إلى سكين آخر لأن هذا السكين لم يعد حادا.. قال له الآخر: أحسن!.. يتألمون أكثر عند الذبح.. لا أذكر الكثير بعدها.. نفس الأصوات بقيت تتكرر.. صرت أميز صوت الدم وهو يتدفق.. كلما قل صوت البكاء كنت أدرك أن الدور قد أتى علي.. فجأة أدركت أنه قد اقترب مني، كانت رائحته لا تزال واضحة رغم رائحة الدم.. أمسك برقبتي..
"تذكرت ما أريد أن أقوله لكم، في تلك اللحظة تذكرت. أريد أن أقول لكم إني أبصق عليكم جميعا.. جميعا.. كلكم. أنتم يا من تقرأون هذه الكلمات. منذ سنة نذبح وأنتم لم تملكوا أن تفعلوا شيئا لوقف الذبح. أبصق عليكم وعلى كاتب هذه المقالة أيضا. لعله لم يجد شيئا آخر يفعله. أو شيئا أفضل يكتبه..
"أبصق عليكم جميعا. ولا أعتذر من أي أحد.. وضع الشبيح القذر السكين على رقبتي.. تشاهدت.. وبصقت عليكم مرة أخرى"...
يروي لنا التاريخ أنّ الفرزدق أجاب الحسين بن علي بن أبي طالب عن حال أهل الكوفة الذين بايعوه للثورة على يزيد، فأجابه الشاعر بذكاء "قلوبهم معك وسيوفهم عليك"! تلك الكلمات تفسّر سبب "مذبحة كربلاء"، أمّا الطفل السوري الذبيح فـ"قلوبهم وسيوفهم عليك"!"الغد"