في مراجعة لسياسة الجوار الأوروبي، ماذا بعد؟
يؤانا فرونيتسكا
جو 24 : على مدى السنوات العشر الماضية، حققت شراكتنا مع الأردن نجاحاً باهراً وأجريت هذه الشراكة ضمن إطار سياسة الجوار الأوروبي التي تشكل أساس تعاوننا مع البلدان الواقعة على كافة حدود الاتحاد الأوروبي.
إلا أن سياسة الجوار الأوروبي لم تكن دائماً قادرة على الاستجابة بالصورة المناسبة لتطلعات شركائنا المتغيرة. ولذلك، لم تتحقق مصالح الاتحاد الأوروبي بالكامل.
ولهذا السبب اقترح الاتحاد الأوروبي إجراء مراجعة بعيدة المدى لهذه السياسة. وفي 4 آذار، أطلقت الممثلة السامية فريديريكا موغيريني ومفوض سياسة الجوار يوهانس هان مشاورات مدتها أربعة أشهر مع جميع شركائنا بشأن كيفية المضي قدماً.
وأعتقد أننا في هذه المراجعة بحاجة إلى دراسة أربع نقاط رئيسية:
أولاً: ما الذي يمكننا القيام به لزيادة نطاق التمايز في الطريقة التي نعمل بها مع شركائنا؟ لدينا شركاء في الجنوب على استعداد للعمل معنا ضمن إطار اتفاقيات صعبة جداً. وبعض الشركاء في الشرق مقبلون على الشراكة وعلى اتفاقيات للتجارة العميقة. وفي حين أنه لم يتم استنفاد نطاقات هؤلاء الشركاء، إلا إنهم يطمحون إلى أكثر من ذلك. إن هذا كله يدعو إلى تبني بعض الطرق الجديدة للعمل. وعلينا أن نبذل المزيد للاعتراف بأن شركاءنا متنوعون جداً، ليس فقط من ناحية الاختلاف بين الشرق والجنوب، بل أيضاً في التنوع الموجود ما بين الدول داخل الجنوب وداخل الشرق.
يقودني هذا إلى النقطة الثانية، ألا وهي الملكية. إننا لن نحصل أبداً على أفضل ما يمكن أن تحققه هذه السياسة ما لم تصبح شراكة يختارها الجانبين بطريقة فاعلة - شراكة ندية. يجب أن تعكس سياسة الجوار الأوروبي الجديدة وجهات نظر شركائنا وخبراتهم. أعتقد أنه من أجل تحقيق ملكية أكبر بين شركائنا، يود المواطنون رؤية نتائج في فترة زمنية أقصر لتعرف ما إذا كانت هذه السياسة قد ءاتت أُكُلَها.
وبذلك، تأتي النقطة الثالثة وهي التركيز: أريد أن نبتعد عن النموذج الحالي الذي نحاول فيه تغطية مجموعة واسعة جداً من القطاعات مع كل شريك. بالنسبة للشركاء الذين يريدون ذلك، علينا أن نواصل تطبيق تعاون واسع النطاق نساعد به البلد المعني على المواءمة مع معايير الاتحاد الأوروبي. أما بالنسبة للدول الأخرى، دعونا نركز على عدد أقل من القطاعات. كانت مجالات التجارة والتنقل نقاط تركيز تقليدية. إلا أنني أود هنا أن ننظر في بعض المجالات التي أهملت حتى الآن كالطاقة على سبيل المثال، أمن الطاقة لدينا ولدى شركائنا، والمخاطر التي تهدد الأمن ابتداءاً من الجريمة المنظمة وصولاً إلى النزاعات المجمدة.
وأخيراً، نحن بحاجة إلى أن نكون أكثر مرونة: هذا يعني القدرة على الاستجابة للظروف المتغيرة، والأزمات بحيث نكيِّف أولوياتنا وتنفيذ تلك الأولويات وفقاً للظروف الجديدة عند ظهورها.
ولتوضيح الأمور أكثر وجعلها أكثر شفافية، نشرنا ورقة التشاور التي هي الآن على موقع البعثة، ونحن عازمون على إجراء مشاورات على أوسع النطاقات، لتصميم سياسة تصلح فعلياً للغرض المرجو منها.
يسأل بعض الناس عما إذا كان كل هذا الحديث عن السعي لتحقيق المصالح يعني أننا نتخلى عن قيمنا. الجواب وبكل وضوح: لا. إن تعزيز الديمقراطية، وحقوق الإنسان وسيادة القانون سمات مميزة للاتحاد الأوروبي.
من وجهة نظري أرى أن قيم الاتحاد الأوروبي الراسخة تصب أيضاً في مصلحة الأردن الخاصة. وسأضرب لكم مثالاً: إن تطبيق سيادة القانون بمساواة هو أمر رئيسي لجذب الاستثمار الخارجي. إن وجود نظام قضائي مستقل ونظام حيث تكون العدالة فيه خالية من الفساد ليس أمراً ذو قيمة بحد ذاته فحسب، بل هو أيضاً عامل أساسي في التنمية الاقتصادية للبلد لا غنى عنه لخلق بيئة محفزة للنمو.
لقد قطعنا شوطاً طويلاً من التقدم في علاقتنا الثنائية مع الأردن. وعندما أفكر في التعاون بين الاتحاد الأوروبي والمملكة، أؤمن أن كل واحد منا يجب أن يلقي المزيد من الاهتمام على التأثير الإيجابي الذي تجلبه مثل هذه العلاقة على الحياة اليومية. وإن تعزيز العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والأردن سياسياً واقتصادياً، أمر يصب في المصلحة والفائدة المشتركة بينهما. وإن المملكة التي تتمتع بالوضع المتقدم مع الاتحاد الأوروبي منذ عام 2010، قد خاضت عدة اتفاقيات مثل الشراكة في مجال التنقل تهدف إلى تسهيل تنقل المواطنين وزياراتهم إلى دول الاتحاد الأوروبي. وبالإضافة إلى هذا، يواصل الأردن والاتحاد الأوروبي تعزيز حوار السياسات في مختلف القطاعات والقضايا من ضمنها حقوق الإنسان والمشاركة مع المجتمع المدني.
أما من ناحية المخصصات المالية طوال الفترة ما بين 2007 و2013، تم مبدئياً تخصيص ما مجموعه 488 مليون يورو للمملكة. ومن أجل دعم تنفيذ الإصلاحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية الرئيسية، قدم الاتحاد الأوروبي مبلغ إضافي قدره 100 مليون يورو خلال الفترة ما بين 2012 و2013، وقرر أيضاً في عام 2014 توفير حزمة مساعدة مالية كلية بقيمة 180 مليون يورو. ودعم الاتحاد الأوروبي الأردن أيضاً في تعامله مع تأثيرات الأزمة السورية، حيث قدم حتى الآن أكثر من 320 مليون يورو منذ عام 2011 من خلال أدوات المساعدة الإنسانية والاستجابة للأزمات والتنمية. كما تستفيد المملكة أيضاً من مشاريع العمل الخارجي في ظل العديد من برامج الاتحاد الأوروبي الداخلية منها برنامج "ايراسموس+" الذي يعزز التعاون مع الاتحاد الأوروبي في مجال التعليم العالي، وبرنامج الاتحاد الأوروبي للأبحاث المسمى "أفق 2020". بالإضافة إلى هذا كله، يتمتع الأردن بإمكانية الاستفادة من مجموعة واسعة من البرامج الأخرى للاتحاد مثل برامج الجوار الإقليمية، وآلية الشراكة والأداة الأوروبية للديمقراطية وحقوق الإنسان.
يظل الاتحاد الأوروبي ملتزم التزاماً عميقاً بمساعدة المملكة في استجابتها للتحديات الداخلية والخارجية لأنها تدرك دورها الحيوي في المنطقة. وإن زيارات جلالة الملك عبد الله الثاني العديدة إلى البرلمان الأوروبي ومؤسسات الاتحاد الأوروبي الأخرى تعكس قوة الشراكة بين الأردن والاتحاد الأوروبي. وقد جاء هذا ظاهراً في تصريحات جلالته أمام البرلمان الأوروبي في بداية هذا الشهر مشدداً على العلاقة التاريخية للمملكة مع أوروبا وموضحاً المصالح المشتركة بين الاتحاد الأوروبي والأردن.
ليس هنالك أدنى شك أن أمننا الحالي والمستقبلي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالأوضاع في المنطقة عموماً. وإن استثمار للعلاقة التي تربطنا مع السلطات الأردنية والشعب الأردني سيجعل كافة بلداننا أكثر أمناً ورخاءاً ويجعلها مكاناً أفضل للعيش.
إلا أن سياسة الجوار الأوروبي لم تكن دائماً قادرة على الاستجابة بالصورة المناسبة لتطلعات شركائنا المتغيرة. ولذلك، لم تتحقق مصالح الاتحاد الأوروبي بالكامل.
ولهذا السبب اقترح الاتحاد الأوروبي إجراء مراجعة بعيدة المدى لهذه السياسة. وفي 4 آذار، أطلقت الممثلة السامية فريديريكا موغيريني ومفوض سياسة الجوار يوهانس هان مشاورات مدتها أربعة أشهر مع جميع شركائنا بشأن كيفية المضي قدماً.
وأعتقد أننا في هذه المراجعة بحاجة إلى دراسة أربع نقاط رئيسية:
أولاً: ما الذي يمكننا القيام به لزيادة نطاق التمايز في الطريقة التي نعمل بها مع شركائنا؟ لدينا شركاء في الجنوب على استعداد للعمل معنا ضمن إطار اتفاقيات صعبة جداً. وبعض الشركاء في الشرق مقبلون على الشراكة وعلى اتفاقيات للتجارة العميقة. وفي حين أنه لم يتم استنفاد نطاقات هؤلاء الشركاء، إلا إنهم يطمحون إلى أكثر من ذلك. إن هذا كله يدعو إلى تبني بعض الطرق الجديدة للعمل. وعلينا أن نبذل المزيد للاعتراف بأن شركاءنا متنوعون جداً، ليس فقط من ناحية الاختلاف بين الشرق والجنوب، بل أيضاً في التنوع الموجود ما بين الدول داخل الجنوب وداخل الشرق.
يقودني هذا إلى النقطة الثانية، ألا وهي الملكية. إننا لن نحصل أبداً على أفضل ما يمكن أن تحققه هذه السياسة ما لم تصبح شراكة يختارها الجانبين بطريقة فاعلة - شراكة ندية. يجب أن تعكس سياسة الجوار الأوروبي الجديدة وجهات نظر شركائنا وخبراتهم. أعتقد أنه من أجل تحقيق ملكية أكبر بين شركائنا، يود المواطنون رؤية نتائج في فترة زمنية أقصر لتعرف ما إذا كانت هذه السياسة قد ءاتت أُكُلَها.
وبذلك، تأتي النقطة الثالثة وهي التركيز: أريد أن نبتعد عن النموذج الحالي الذي نحاول فيه تغطية مجموعة واسعة جداً من القطاعات مع كل شريك. بالنسبة للشركاء الذين يريدون ذلك، علينا أن نواصل تطبيق تعاون واسع النطاق نساعد به البلد المعني على المواءمة مع معايير الاتحاد الأوروبي. أما بالنسبة للدول الأخرى، دعونا نركز على عدد أقل من القطاعات. كانت مجالات التجارة والتنقل نقاط تركيز تقليدية. إلا أنني أود هنا أن ننظر في بعض المجالات التي أهملت حتى الآن كالطاقة على سبيل المثال، أمن الطاقة لدينا ولدى شركائنا، والمخاطر التي تهدد الأمن ابتداءاً من الجريمة المنظمة وصولاً إلى النزاعات المجمدة.
وأخيراً، نحن بحاجة إلى أن نكون أكثر مرونة: هذا يعني القدرة على الاستجابة للظروف المتغيرة، والأزمات بحيث نكيِّف أولوياتنا وتنفيذ تلك الأولويات وفقاً للظروف الجديدة عند ظهورها.
ولتوضيح الأمور أكثر وجعلها أكثر شفافية، نشرنا ورقة التشاور التي هي الآن على موقع البعثة، ونحن عازمون على إجراء مشاورات على أوسع النطاقات، لتصميم سياسة تصلح فعلياً للغرض المرجو منها.
يسأل بعض الناس عما إذا كان كل هذا الحديث عن السعي لتحقيق المصالح يعني أننا نتخلى عن قيمنا. الجواب وبكل وضوح: لا. إن تعزيز الديمقراطية، وحقوق الإنسان وسيادة القانون سمات مميزة للاتحاد الأوروبي.
من وجهة نظري أرى أن قيم الاتحاد الأوروبي الراسخة تصب أيضاً في مصلحة الأردن الخاصة. وسأضرب لكم مثالاً: إن تطبيق سيادة القانون بمساواة هو أمر رئيسي لجذب الاستثمار الخارجي. إن وجود نظام قضائي مستقل ونظام حيث تكون العدالة فيه خالية من الفساد ليس أمراً ذو قيمة بحد ذاته فحسب، بل هو أيضاً عامل أساسي في التنمية الاقتصادية للبلد لا غنى عنه لخلق بيئة محفزة للنمو.
لقد قطعنا شوطاً طويلاً من التقدم في علاقتنا الثنائية مع الأردن. وعندما أفكر في التعاون بين الاتحاد الأوروبي والمملكة، أؤمن أن كل واحد منا يجب أن يلقي المزيد من الاهتمام على التأثير الإيجابي الذي تجلبه مثل هذه العلاقة على الحياة اليومية. وإن تعزيز العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والأردن سياسياً واقتصادياً، أمر يصب في المصلحة والفائدة المشتركة بينهما. وإن المملكة التي تتمتع بالوضع المتقدم مع الاتحاد الأوروبي منذ عام 2010، قد خاضت عدة اتفاقيات مثل الشراكة في مجال التنقل تهدف إلى تسهيل تنقل المواطنين وزياراتهم إلى دول الاتحاد الأوروبي. وبالإضافة إلى هذا، يواصل الأردن والاتحاد الأوروبي تعزيز حوار السياسات في مختلف القطاعات والقضايا من ضمنها حقوق الإنسان والمشاركة مع المجتمع المدني.
أما من ناحية المخصصات المالية طوال الفترة ما بين 2007 و2013، تم مبدئياً تخصيص ما مجموعه 488 مليون يورو للمملكة. ومن أجل دعم تنفيذ الإصلاحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية الرئيسية، قدم الاتحاد الأوروبي مبلغ إضافي قدره 100 مليون يورو خلال الفترة ما بين 2012 و2013، وقرر أيضاً في عام 2014 توفير حزمة مساعدة مالية كلية بقيمة 180 مليون يورو. ودعم الاتحاد الأوروبي الأردن أيضاً في تعامله مع تأثيرات الأزمة السورية، حيث قدم حتى الآن أكثر من 320 مليون يورو منذ عام 2011 من خلال أدوات المساعدة الإنسانية والاستجابة للأزمات والتنمية. كما تستفيد المملكة أيضاً من مشاريع العمل الخارجي في ظل العديد من برامج الاتحاد الأوروبي الداخلية منها برنامج "ايراسموس+" الذي يعزز التعاون مع الاتحاد الأوروبي في مجال التعليم العالي، وبرنامج الاتحاد الأوروبي للأبحاث المسمى "أفق 2020". بالإضافة إلى هذا كله، يتمتع الأردن بإمكانية الاستفادة من مجموعة واسعة من البرامج الأخرى للاتحاد مثل برامج الجوار الإقليمية، وآلية الشراكة والأداة الأوروبية للديمقراطية وحقوق الإنسان.
يظل الاتحاد الأوروبي ملتزم التزاماً عميقاً بمساعدة المملكة في استجابتها للتحديات الداخلية والخارجية لأنها تدرك دورها الحيوي في المنطقة. وإن زيارات جلالة الملك عبد الله الثاني العديدة إلى البرلمان الأوروبي ومؤسسات الاتحاد الأوروبي الأخرى تعكس قوة الشراكة بين الأردن والاتحاد الأوروبي. وقد جاء هذا ظاهراً في تصريحات جلالته أمام البرلمان الأوروبي في بداية هذا الشهر مشدداً على العلاقة التاريخية للمملكة مع أوروبا وموضحاً المصالح المشتركة بين الاتحاد الأوروبي والأردن.
ليس هنالك أدنى شك أن أمننا الحالي والمستقبلي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالأوضاع في المنطقة عموماً. وإن استثمار للعلاقة التي تربطنا مع السلطات الأردنية والشعب الأردني سيجعل كافة بلداننا أكثر أمناً ورخاءاً ويجعلها مكاناً أفضل للعيش.